حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,1 فبراير, 2025 م
  • الصفحة الرئيسية
  • حديث المدينة
  • النص الكامل لكلمة الدكتور خالد الكركي رئيس الجامعة الأردنية التي ألقاها في حفل تأبين الشاعر العربي الكبير المرحوم محمود درويش
طباعة
  • المشاهدات: 16893

النص الكامل لكلمة الدكتور خالد الكركي رئيس الجامعة الأردنية التي ألقاها في حفل تأبين الشاعر العربي الكبير المرحوم محمود درويش

النص الكامل لكلمة الدكتور خالد الكركي رئيس الجامعة الأردنية التي ألقاها في حفل تأبين الشاعر العربي الكبير المرحوم محمود درويش

النص الكامل لكلمة الدكتور خالد الكركي رئيس الجامعة الأردنية التي ألقاها في حفل تأبين الشاعر العربي الكبير المرحوم  محمود درويش

12-08-2008 04:00 PM

تعديل حجم الخط:

سرايا -

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

صاحب السموّ الملكيّ الأمير علي بن نايف مندوب جلالة الملك المعظّم،

الأخ الدكتور سلام فيّاض/ رئيس وزراء فلسطين

الأخوات والأخوة ،

أحبة الراحل الكبير ورفاقه ،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

أبدأ بسلام يمتد من عمّان إلى القدس ،

ومن الكرك إلى الخليل ،

ومن السلط إلى نابلس ،

 

 

 

 

 

أبدأ بالسلام على روح محمود درويش ،

وعلى أهلنا الأحياء والشهداء على أرض فلسطين ،

وقد اجتاحنا حزن نبيل منذ اللحظات الأولى لنبأ الرحيل ، وأسى فاض حتى عبر النهر نحو دروب الجليل ،

 

 

وأبدأ بالسلام من شرفات عماّن، ومن كتّاب الوطن ومثقفيه ، وطلابه ، ومفكريه ، وسائر الذين ظلوا يستعيدون قصائد محمود درويش وهم يغذون الخطى نحو فلسطين، مدنها ، وبيوتها ، وشهدائها من البحر إلى النهر، وانتظارها ليوم التحرير العظيم   ..

 

ها هم أهلك من حولك، من دخل بيوتهم، يقرؤون في كتاب الله العزيز قوله  :

" ولمّا دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه قال إنّي أنا أخوك". فانهض، فهذا زمان خروج الأمة قبل غروبها الأخير، وقبل أن تنحني كل زيتونة على كبدها "من خشية أن تصدّعا  ".

 

 

 

 

وبعد، نسأل  :

كيف يمكن الكلام في حضرة الغياب – غيابِ سيّد الكلام؟ كيف نفلت من سطوة من قال إنهم يحبونه "ميتا ليقولوا لقد كان منّا وكان لنا"؟  

 

لا يا أيها العزيز، لقد كنّا نحبّك حيّا، وكّنا وصرنا منك ولكل ما كتبت. نعم لقد أشرت إلينا حين عرفت أن البلاغة كما تقول "تجرح المعنى وتمدح جرحه"، وسألت الموت أن ينتظرك لكي تنهي تدابير جنازتك كما تحبّ وتمنعَ، كما تنبأت، الخطباء كلّهم

 

 " من تكرار ما قالوا عن

البلد الحزين ،

وعن صمود التين والزيتون في

وجه الزمان وجيشه  "

 

  ولكن أنّى لنا أن نتركك دون أن نقول شيئا عنك وعن بلادك الحزينة، وأغانيها التي في البال، أو ندعك تعود هكذا إلى البيت من غير أن ندّعي حِصّة فيك، أونسألك لماذا تركت الزمان وحيدا… فقد كان عمرك مثلما تهب اللئام، ولا نعرف من سيؤنس الآن الشعر بعدك  .

 

يا محمود،

  لقد انتظرت الموت "بذوق الأمير الرفيع البديع". وأبّنت نفسك بأفضل مما قد يفعل أي منّا، فأذن لنا أن نذكّر إخوتنا غرب النهر بوصيّتك في الجداريّة حيث قلت  :

" سأقول صبّوني

بحرف النون ، حيث تعبّ روحي

سورة الرحمن في القرآن

وامشوا صامتين معي على خطوات أجدادي

ووقع الناي في أزلي . ولا

تضعوا على قبري البنفسج ، فهو زهر المحبطين يذكّر الموتى بموت

الحبّ قبل أوانه . وضعوا على

التابوت سبع سنابل خضراء إن

وجدت ، وبعض شقائق النعمان إن

وجدت ، وإلا ، فاتركوا ورد الكنائس

للكنائس والعرائس   .."

 

لقد سقط الحصان عن القصيدة لكي يرحل إلى البيت عبر السفح كما شاء: إما الصعود وإما الصعود. والآن يا أخانا ما عدت بشرا مثلنا، فقد متّ شاعرا أسطوريّا لتعيش مع من هم مثلك: شعراء بابل، وهوميروس وامرئ القيس وطرفة والمتنبي وشكسبير وطاغور ولوركا… لقد دخلت التاريخ، وصرت  

 

اليوم ما أردت: فكرة وكرمة وطائرا فينيقيّا وشاعرا جسده تحت الثرى، واسمه فوق الثريا:   لقد صرت تماما كل ما تريد  .

 

وكما هو جدّك العظيم المتنبي؛ نظلّ بعدكما عاكفين على السؤال نفسه عند ضفّتي النهر  :

حتّام نحن نساري النجم في الظّلَم        وما سراه على خفّ ولا قدمِ

ونتبع الماء ما ينفكّ في سفرٍ         ما سار في الغيم منه سار في الأدمِ

 

قبل سبعين عاما كان جثمان فيصل بن الحسين مسجّى في حيفا في طريقه من أوروبا إلى بغداد، وها أنت على ربوة في عمّان في طريقك إلى رام الله، وكأن ابراهيم طوقان كان ينشد لكما معاً  :

شيّعي الليل وقومي استقبلي      طلعة الشمس وراء الكرمل

          واخشعي يوشك أن يغشى الحمى        يا فلسطين سنا من فيصل

 

وحين تعبر اليوم النهر إلى فلسطين، سيغمرها سناً من فيصل وسنا من محمود  .

 

فيا فلسطين،

ويا محمود،

أيها المرهف والشاهق والرائع والنبيل ،

أيها المبدع والحاضر أبدا ، والمناضل والإنسان،

 

 

نقف شكراً وامتنانا عميقا لأنك كنت يوما بيننا، وأعطيتنا، من بغداد إلى قرطاج، كلاما جميلا، وحنينا طويلا إلى القدس وعكا وحيفا ويافا وسائر المدن القديمة. وكلّها ستفتقد شاعرها وعاشقها، كما سيبحث عنه زهر اللوز، وعصافير الجليل، واللغة العربية،   وفراشات المدى في كل مكان  ...

 

سلام لروحك، وسلام لإخوتنا في الحركة الثقافيّة في فلسطين،

سلام من الأردن، أهله وكتّابه وشهدائه،

ومن سائر الذين يناضلون حتى يزول الاحتلال البغيض، في اللطرون وباب الواد، يتذكرون محمد الحنيطي وشيوخ الثورة والمقاومة على ثرى فلسطين  .

 

  محمود،

كم سنفتقدك حيا هنا وهناك. وكم ستبقى حيا   بيننا أبدا تغنّي  :

" على هذه الأرض ما يستحق الحياة  ".

 

 

 








طباعة
  • المشاهدات: 16893
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
12-08-2008 04:00 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم