01-04-2015 10:04 AM
سرايا - سرايا - و واحد من الأيام النضال والكفاح الفلسطيني، ومناسبة لتحية الشهداء الذين ارتقوا دفاعا عن أرض الوطن، والتأكيد على عروبة فلسطين، والتوحد في الدفاع عنها والتصدي لمخططات الاحتلال، ذلك هو «يوم الأرض» -وقد مرّت ذكراه التاسعة والثلاثون يوم أمس الأول- الذي أعلن فيه الفلسطينيون تمسكهم بترابهم الوطني، منتفضين فيه على الاحتلال الصهيوني، ومؤكدين تمسكهم بخيار المقاومة وعشقهم للوطن، عبر هبة الجماهير العربية في الجليل الفلسطيني في العام 1976، معلنة الاحتجاج ضد سياسات التهويد والاقتلاع التي انتهجها الاحتلال الصهيوني بإقدامها على مصادرة نحو 21 ألف دونم من أراضي عدد من القرى العربية في الجليل لتخصيصها لإقامة المزيد من المستوطنات، ليرتقي في تلك الهبة ستة شهداء.
تم الالتقاء مع نخبة من الأدباء، واستذكرت معهم «يوم الأرض» والشهداء، فكانت هذه الرؤى:
غازي الذيبة:
من الموجع أن يمر 30 أذار، الذي استشهد فيه 6 فلسطينيين في العام 1976، من دون أن يحدث تطور على قضية فلسطين ومن دون أن نرى جيشا عربيا مشتركا وقد حررها من براثن الاحتلال الاسرائيلي، ومع ان كل البوصلات الاحلام التي لا تشير الى فلسطين في هذا اليوم مشبوهة. كل ما نتطلع إليه هذه الأيام هو أن تتوحد أحلامنا ونستعيد ذاتنا كأمة وأن تظل فلسطين حاضرة في وجداننا في يوم الأرض وفي الأيام حتى تتحر ويتحرر معها الانسان العربي من سكونيته وتمزقه وانحداره.
جلال برجس:
مما لا شك فيه أن ذكرى الأرض باقية، تنبض في صدر لحظاتنا، وتستقر في وعينا وذاكراتنا. لكنني في مثل هذا اليوم أقع صريعاً لأحساسين يتناوبان علي: إحساس بالحزن وبالأسى على ما فقدناه من أرض نما بمعية عشبها وأشجارها تاريخ عريق، وإرث عظيم لا يمكن لكل الأدوات العسكرية والفكرية المحتلة، أن تطمسه. وإحساس يشبه الغبطة المشوبة بحزن شفيف، حينما يقف الشهداء ببهو البال، ويذكروننا بأن ما من أرض إلا ورجالها يشهرون أسلحتهم بوجه أي فكرة للاغتصاب. إن هذه الذكرى ذكرى عزيزة على قلوبنا، نستذكر من خلالها إن ما من حق يضيع بما أن هنالك على وجه هذه البسيطة من يتذكره ويذكر به. ففلسطين قضية إنسانية، وستبقى كذلك مهما مرت القضية بانتكاسات، إلا أن حتمية الحق، تبقى دائماً الشمعة التي لا تنطفىء، وهو تنير دربنا نحن استعادة الحق كاملاً. هذا حلمنا وسنبقى نحلم ما حيينا. المجد للأرض وللشهداء.
خلدون عبد اللطيف:
أن يكون للأرض ذكرى، فذلك أجمل ما تلخّصهُ حريةُ الإنسان، لا سيما حين يكون للذكرى والأرض خصوصيتهما الفلسطينية على حد سواء. ربّ قائل: ما همّ، فذاكرة الألم واحدةٌ، والأرض أرضٌ حيثما كانت. لكنّ «أرضنا»، نحن أبناء كنعان، منذ أول سفينة حتى آخر حمامةٍ تزورنا في المنام، هي التي تستعيدنا في كلّ آن، ونستعيدها كذكرى مرتقبة في يومٍ مقطوع من شجرة التاريخ، صادف أن تولد فيه تحت شمس الثلاثين من أذار سنة 1976. وها نحن نقلّب صورها كمن يستأنف تجربةً في الحبّ والحنين، لا لشيء سوى أن نجلد الذاكرة ونوسّعُ عليها قليلاً كما اتّسعت لخطواتنا وشكوانا جميعاً، وأن تنفتحُ رحاباتها بلا وجلٍ. أين؟ على أرض فلسطين نفسها التي اشتُقَّت منها شروط الطهارة. صغيرة وجميلة وبريئة، كبيرة ومتّسخة ومراوغة، لكنها محبوبة رغم الأنوف، ولم تزل تخمشُ الأرواح، وتقفز في الحوارات السريعة بين كلمةٍ وأخرى، مولّدةً في كل لحظة حنيناً قابلاً للإنفجار. وهي الأرض، توأم فلسطين في الإسم والعمر والعنوان، وبوصلتها التي لا تدقّق في الفوارق بين العائدين إليها من الشتات أو الهاربين إلى أحضانها من حرارة فرن الطابون، لأنها تسمّي الحنين بإسمه فوق أي بقعة وفي أي خيمة، ولأن الفلسطينيّ لم يعتد على أن ينتشي بدمائه أو يجعل من اغترابه حتمية تاريخية برائحة الزيت والزعتر. وهي الأرض، وعدٌ قريبٌ، وعرسٌ مؤجلٌ، ومعنى مفتوح على كلّ مخيّلة لأبجديات الفرح. هي الهوية التي لا تخلع جلدها قبل أن تكون التراب، والغد الذي يصير معجزة مروّضة قبل أن يكون الأمس، والفكرة التي لا تنفصل عن اليقين ما دام النّصر في مرمى الأمل. ( الدستور )