13-04-2015 11:30 AM
بقلم : ضيف الله القطامين
ما دعاني الى الكتابة عن هذا الموضوع ، هو دخول داعش يوم امس الى الرمادي عبر الانفاق التي عملوا عليها طيلة احتلالهم لمساحات واسعه من العراق ، هذا البلد التي تسواي مساحته ، مساحة بلاد الشام مجتمعه ( سوريا ، لبنان ، الاردن ، وفلسطين ) وكان دخول داعش مفاجأه وصدمه للجيش العراقي والحشد الشعبي ، حيث استولت داعش على اسلحه ثقيله ، وسيارات ودبابات تركها الجيش ، وقتلوا العشرات من العسكريين والمدنيين في الرمادي .
امتلاك داعش لحفارات انفاق حديثة ، يمكنها من حفر نفق بطول كيلو متر بالساعه ، يدعو للقلق حيث أن هناك معلومات عن وجود انفاق سرية من الفلوجة وصولا الى جرف الصخر يتنقلوا عبرها وينقلون الاسلحة والمؤن ، واحتمال وصول الانفاق الى اليوسفية ومشارف الدورة . وقد تم استعمالها في حرب تكريت على نطاق واسع في الكر والفر والتزويد بالسلاح والانسحاب او الاختباء .
وأنا هنا أحذرالجهات الامنية والعسكرية الاردنيه ، من قيام هذه المنظمات – التي اصبحت على حدودنا - بحفر الانفاق باتجاهنا ،سواء من الحدود السوريه أوالعراقية والتي تكون نهاياتها خلف تمركز القطعات العسكريه مما يسهل لهم مهماتهم الخبيثه في الخطف و القتل لا سمح الله . حيث غالباً ما تكون بدايات الحفر في داخل البيوت والبساتين مما يصعب رصدها ، لذا يجب اخذ الحيطة والحذر والعمل على فحص الارض باستمرار ، لأن امتداد هذه الانفاق الى خلف القوات يشكل خطرا حقيقيا .
والمثل يقول اجعل عدوك امام عينك واسبقه ولا تدعه خلف ظهرك ، لذا فإن مراقبة هذا النوع من التسلل بحاجة الى مراقبة أكبر بكثير من المراقبة الفوق ارضية ، التي تطغى على العمل العسكري في اوقات الحرب او حفظ الحدود من الاختراق .
لقد استعملت الانفاق ، على نطاق واسع في الحرب الفيتناميه ، حيث عاش الآلاف من الناس في منطقة كوتشي الفيتنامية ، في شبكة معقدة من الأنفاق السرية تحت الأرض ، والتي استخدمها مقاتلو الفيتكونغ لإخفاء آثارهم أثناء القتال فضلا عن استخدامها في النقل والإمدادا وبعضها مخابئ للأسلحة ، وأماكن المعيشة لمقاتلي حرب العصابات .
كانت تلك الأنفاق السرية قد تسللت بين العديد من القرى والمناطق ، بعضها يمر تحت القواعد الأمريكية وبعضها تمر بين المدارس والأماكن العامة . وقد احتلت أنظمة الأنفاق الأرضية أهمية كبيرة بالنسبة لمقاتلي الفيتكونغ في مقاومتهم للقوات الأميركية، ولعبت دورا رئيسيا في انتصار فيتنام في الحرب .
وقد شكلت الأنفاق للأمريكان صداع شديد وكانت مصدر للإحباط حيث فشلت أمريكا في الكشف عن جميع تلك الأنفاق ثم بعد ذلك لجأت لعمليات جرف للأراضي الزراعية وكذلك رش مواد كيميائية على حقول الأرز لعل هناك أنفاق تسلل تحتها ثم لجأت القوات الأمريكية لإحراق تلك المزارع غير أن تلك الخطوات كان مصيرها الفشل وكان مقاتلوا حرب العصابات يظهرون للأمريكان من تحت الأرض خصوصا في أوقات الظلام الدامس .
وفي قطاع غزه عملت المنظمات الفلسطينيه ، على حفر انفاق تحت الأرض ، وعلى أنخفاضات كبيرة تصل إلى 20 متر وتتركز تحت الشريط الحدودي الفاصل بين قطاع غزة والاراضي المحتله في فلسطين وقامت بعمليات نوعيه ضد اسرائيل حيث خطفت وقتلت جنود اسرائيليين ، ثم قامت بحفر انفاق بين غزه ومصرواستخدمت لتهريب السلاح والدخان والوقود والمنتوجات الغذائية و السيارات ، وجميع ما تحتاجه .
أما انفاق حزب الله فقد ولّدت المخاوف لدي القوات الإسرائيلية من معطيات أساسية ، حيث أن الحزب كشف في أكثر من مناسبة عن وجود أنفاق لديه ، يستعملها لمواجهة الإسرائيليين ، بعضها يتسع لسيارات وآليات ثقيلة ، وصولا إلى الصواريخ البعيدة المدى التي يمتلكها، والتي لا يمكن أن يحتفظ بها فوق الأرض ، كما ان اسرائيل تخشى من وصول الانفاق تحت مستوطناتها ، وقد استعمل حزب الله الانفاق في اكثر من مره وأسر جنود اسرائيليين وقتل عددا منهم .
ان «حفر الأنفاق ليس خياراً سهلاً ولكنه الحل الوحيد في ظل انعدام التكافؤ في التسليح والمعدات» ثم انه ملاذا للمحاربين خوفا من القنص اثناء تنقلاتهم ، سواء في التقدم او الانسحاب .
في سوريا يمارس حفر الانفاق كلا الطرفين ، النظام والمنظمات . ويقول الباحث في الشؤون الاستراتيجية سليم حربا في مقره في دمشق، «لا توجد في العالم شبكة انفاق متشعبة كتلك الموجودة في سوريا حاليا». حيث تم اكتشاف500 نفق في البلاد، لكن عدد الانفاق المحفورة هو ضعف هذا العدد .
لم تكن الانفاق مقتصره على الحرب ، بل ان هناك من يستعملها لتهريب المخدرات كما بين الولايات المتحده والمكسيك ، ولكن حين يُداهمون فانها تتحول الى قتال بين الطرفين .
وما دام أن هذا النوع من الحرب قد أصبح ظاهرة ، فإنه من الواجب أخذ الحيطه والحذر باستمرار ، لأن هذه المنظمات تسعى الى ايقاع الاذى في خصمها التي لا تستطيع مواجهته فوق الارض ، وتفاجأه بتكتيك غير عادي ، وهو جزء من استراتيجيتها التي تنتهجها في القتل الممنهج .