حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,27 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 17803

رحيل الكاتب غونتر غراس : الضمير الأخلاقي لألمانيا

رحيل الكاتب غونتر غراس : الضمير الأخلاقي لألمانيا

رحيل الكاتب غونتر غراس : الضمير الأخلاقي لألمانيا

14-04-2015 10:22 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - سرايا - توفي حائز جائزة نوبل للآداب غونتر غراس، الذي يوصف بالضمير الاخلاقي لالمانيا بعد عهد النازية، واشهر كاتب الماني في الخارج عرف بمواقفه المثيرة للجدل، أمس الاثنين عن 87 عاما.


واعلنت دار النشر شتايدل "ان حائز جائزة نوبل للاداب غونتر غراس توفي في احد مستشفيات لوبيك" المدينة التي كان يعيش فيها في شمال المانيا.


وعلى صفحتها على الإنترنت، وضعت دار النشر عددا من الصور بالاسود والابيض للكاتب تحت عنوان "غونتر غراس 1927-2015"، بدا كثيف الشاربين وبين شفتية غليون ويضع نظارتين كثيفتين.


وقالت "دار غونتر غراس" للنشر في لوبيك التي فتحت سجل تعاز انه توفي بعد اصابته "بالتهاب".


وكان غونتر غراس اليساري المعروف بمواقفه المثيرة للجدل والحائز جائزة نوبل للاداب في 1999 الكاتب الالماني الاكثر شهرة في الخارج في النصف الثاني من القرن العشرين.


وقال رئيس اكاديمية الفنون في برلين كلاوس شتيك "بوفاة غونتر غراس فقد عالم الادب كاتبا بليغا واحد مواطنينا المناضلين".


ومنذ نشره كتابه "طبل الصفيح" في العام 1959 ذاع صيته في مختلف اصقاع العالم. وقد اقتبس عن هذا الكتاب فيلم للمخرج فولكر شلوندورف حصل على السعفة الذهبية في مهرجان كان وجائزة اوسكار افضل فيلم باللغة الاجنبية.


ووصفت صحيفة دير شبيغل هذا الكتاب بانه مؤسس للادب الالماني لحقبة ما بعد الحرب.
ولم يكف هذا الكاتب الذي كان رفيق درب الاشتراكيين وقريبا خصوصا من المستشار الاسبق فيلي برانت، عن انتقاد الماضي النازي لبلاده والشعور بالذنب ازاءه.


وقالت "دير شبيغل" انه لولا المداخلات المتواصلة لغونتز غراس في النقاشات العامة "لربما كانت المانيا مختلفة عما هي اليوم"، رغم انه كان "يستفزنا احيانا".


وتميزت كتاباته بالخيال الواسع والسخرية، ومن اشهر اعماله "القط والفأر"، و"سنوات الكلب"، و"مذكرات حلزون"، و"القصة كاملة" الذي اثار جدلا واسعا في المانيا واتهامات له بانه لا يحب بلده.


ومن مواقفه المثيرة للجدل ايضا وقوفه ضد "الحرب الصليبية" للرئيس الاميركي السابق جورج بوش على العراق.


وفي العام 2012، نشر قصيدة في الصحافة الالمانية تنتقد اسرائيل وتتهمها بانها "تهدد السلم العالمي"، ومنذ ذلك الحين اعتبرته اسرائيل شخصا غير مرغوب فيه على اراضيها.


وقد شكل غراس ضمير اليسار الالماني في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، حاملا بشدة على اخفاقات طبقتها السياسية في مواجهة النازية.


وبصورته كمتمرد مدخن للغليون وشنبه العريض ونظاراته الكبيرة الموضوعة على انفه، طبع غونتر غراس الساحة الادبية والفكرية لألمانيا الغربية.


ويترك من خلال رواياته التي تتسم بـ"بهجة سوداء" على حد تعبير الاكاديمية السويدية، ارثا انسانيا نقديا للعقائد وحريصا على وعي المواطن العادي.


وقد وصف غراس الذي كان ايضا شاعرا وكاتبا دراميا ورساما، اسلوبه الادبي. وقال انه بعد الحرب العالمية الثانية "ترافقت طبيعتي المرحة مع روحية تشكيك لا يمكن تجاوزها. تمخض ذلك عن مقاومة وفي كثير من الاحيان ايضا ميل للهجوم على اي عقيدة تدعي تحديد معايير مطلقة".


الا ان سمعة غراس تلطخت سنة 2006 بسبب اعترافاته المتأخرة في سيرته الذاتية التي حملت عنوان "قبو البصل"، بشأن انضوائه سنة 1944 في صفوف القوات الخاصة النازية.

وقد عاب عليه كثيرون حينها صمته المطبق لسنوات طويلة، خصوصا لكونه كاتبا المانيا متنورا ندد بشدة بالتنازلات التي قدمها جيله، ما اجج مشاعر حقد كبيرة ضده.


وشرح غراتس أن التحاقه في سن السابعة عشرة بالشبيبة النازية جاء لكونه في تلك الفترة شابا متحدرا من اوساط متواضعة كان يريد محاربة الشيوعية.


وكان يرغب في الانضمام الى وحدة الغواصين لكن بسبب عدم اختياره لهذه المهمة وجد نفسه لفترة قصيرا عنصرا في وحدات القوات الخاصة النازية التي شهد تفكيكها. وقد علم بحصول المحرقة عندما كان في الاسر.


ولد غونتر غراس سنة 1927 في دانتسيغ التي باتت حاليا مدينة غدانسك البولندية، لأم من اقلية الكاشوب السلافية وأب كان تاجرا المانيا متواضعا.


وبعد سقوط نظام هتلر، عاش غراس هائما لسنوات في المانيا المدمرة جراء الحرب العالمية الثانية ثم شهد على معجزة اعادة الاعمار في جمهورية فدرالية رأسمالية معادية للشيوعية.


وبعد دراسته النحت، انتقل للعيش في باريس في خمسينيات القرن الماضي حيث قرر اطلاق مسيرته ككاتب. والتزم الكتابة الى جانب الروائيين المعادين للفاشية في "المجموعة 47" (مجموعة كتاب باللغة الالمانية نشطوا في العقدين اللذين اعقبا انتهاء الحرب العالمية الثانية) كذلك مع المستشار الالماني السابق الاشتراكي الديمقراطي فيلي برانت.


وفي المانيا التي استعادت ازدهارها في الستينيات وشهدت الاحتجاجات الطالبية ثم مرحلة هجمات جماعة الجيش الاحمر اليسارية، سعى غونتر غراس لتقديم صورة كاتب رافض للنظام العام لكن ضمن منحى اصلاحي.


وفي سنة 1993، قام الكاتب والمفكر الالماني بخروج مدو من الحزب الاشتراكي الديمقراطي بعد أكثر من عقد على انضمامه اليه سنة 1982 على خلفية رفضه لمواقف الحزب التي اعتبرها محافظة للغاية. الا ان هذا الوضع لم يحل دون دعمه سنة 1988 للمستشار السابق غيرهارد شرودر المنتمي الى الحزب الاشتراكي الديمقراطي.


وعندما نشر سنة 1995 رواية "القصة كاملة" التي انتقد فيها توحيد المانيا، حملت صحيفة بيلد الواسعة الانتشار على غراتس متهمة اياه بأنه "لا يحب بلده".


ووصفت الأكاديمية السويدية في ستوكهولم خلال تسليم غونتر غراس جائزة نوبل للاداب، نتاجه الروائي الغزير معتبرة انه يحمل "مراجعة واسعة للتاريخ مع التذكير بما تم انكاره ونسيانه: الضحايا والخاسرون والاكاذيب التي يريد الناس نسيانها لأنهم صدقوها يوما".


وبعيد الإعلان عن الوفاة، حيا الرئيس الالماني يواخيم غوك ذكرى الكاتب الذي كان "مرآة لبلدنا" و"جزءا لا يمحى من تراثها الفني والادبي". وقال "في رواياته وقصائده تكمن الامال الكبرى والاخطاء، والمخاوف والتمنيات لكل الاجيال".


وقال متحدث باسم وزارة الخارجية في مؤتمر صحفي ان سلطات بلاده "تشعر بحزن عميق" بعد الاعلان عن هذا النبأ "المأسوي".


وبعد ظهر أمس، افتتح سجل للتعازي في منزل غونتر غراس في لوبيك.- (أ ف ب)








طباعة
  • المشاهدات: 17803

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم