15-04-2015 10:48 AM
سرايا - سرايا - رأى أكاديميون أن د. حياة حويك عطية دحضت في كتابها "اكتشاف وطن" الادعاءات اليهودية في الآثار الأردنية، وكشفت الأدوار المشبوهة التي لجأ إليها كثير من المنقبين لإثبات ادعاءات وخرافات يهودية، بان هذه الآثار الموجودة في الأردن تعود للممالك اليهودية.
وأشار المشاركون في الحفل الذي أقيم أول من أمس في منتدى عبدالحميد شومان بمناسبة صدور الطبعة الثانية من الكتاب الدي صدر بدعم من وزارة الثقافة، وشارك فيه كل من د. عمر الغول، د. سمير قطامي، د. زهير الطاهات، إلى أن عطية ربطت الماضي بالهوية الوطنية ربطا ناتجا عن استنطاق المادة الأثرية نفسها، وعليه فهو خال من التشنج.
وأضاف المتحدثون في الحفل أن عطية تروي لنا من خلال هذا الكتاب قصص الحضارات التي احتضنتها الأرض الأردنية مثل "مسلة ميشع الملك المؤابي" الذي غفل المؤرخون على المستوى العربي والدولي عن مسلته في جوانبها الإعلامية.
وبينت عطية في البداية أنها تكتشف خطها الحضاري من خلال الكتابة خصوصا كتاب "اكتشاف الوطن الأردن". وأضافت "حاولت أن أكتشف الخط الحضاري وأتتبعه لأقول ما يجعل منا أمة، ويجعل من الأردن الحديث أردنا كبيرا في أمته، صغيرا بـ"ساكيس بيكو"، وضعيفا في انعزاليته كما هو حال لبنان وسورية وفلسطين.
وتابعت "أنا أنتمي إلى الفكر القومي الاجتماعي السوري، الذي يؤمن بأن "مفهوم القومية الاجتماعية يعادل مفهوم الخط الحضاري للأمة. والأمة ليست عرقا ولا لغة وما يميزها خطها الحضاري".
واستذكرت عطية في الحفل الأدباء الذين وقفوا معها ودعموها في الطبعة الأولى، فيما شكرت وزارة الثقافة التي قامت بطبع الطبعة الثانية، مشيرة إلى أن من يقرأ هذا الكتاب سيرى "امتدادات الخط القومي، ويرى أن الفخار القومي يبنى على المعرفة العميقة للقيم الموجودة في الخط الفكري المكوّن لهذه الأمة وعليها يبنى الإحساس بالانتماء".
من جانبه قال د. سمير قطامي إن عطية "دحضت في كتابها كل الادعاءات اليهودية في الآثار الأردنية، وكشفت الأدوار المشبوهة التي لجأ إليها كثير من المنقبين لإثبات ادعاءات وخرافات يهودية، بان هذه الآثار تعود لممالك اليهود".
كما نفت عطية في كتابها، بحسب قطامي، الزعم بأن موسى مدفون في كنيسة أثرية بيزنطية في مادبا، معتمدة على رواية سائحة إسبانية جاءت إلى البلاد حاجة سنة 1394، وكتبت عن تلك التلة بأنها "مقام مرتفع قليلا عن سطح الأرض، ظنته قبرا، ومن الأرجح أنه أقيم لذكرى موسى النبي!!، فتقول إن التوراة ذاتها لم تحدد مكان قبر موسى في قولها: "فمات هناك موسى عبد الرب في أرض مؤاب، ودفن في الجواء في أرض مؤاب.
ولم يعرف إنسان قبره إلى اليوم.."(ص56).
وأضاف قطامي قدمت عطية معلومات جديدة ومهمة عن الآثار وهوية أصحابها العرب، سكان هذه المنطقة قبل المسيحية والإسلام وبعدهما، الذين تعرضوا لحملات استعمارية يونانية ورومانية ويهودية، زالت كلها، وبقي سكان هذه المنطقة، كما بقيت آثارها شاهدة على عظمة وعبقرية الإنسان الأردني الذي شاد هذه الصروح الشامخة ومدارس الهندسة والبناء والنحت والفسيفساء.
وأوضح قطامي أن عطية نقضت كثيرا من النظريات والأحكام التي كانت تدرس عندنا، والتي كرسناها حقائق ثابتة، نافية نظرية الرحالة الإنجليزي "بيركهارت" الذي قيل إنه اكتشف البتراء، وأثبتت عطية "أن البتراء معروفة لدى العرب منذ القديم، وكتب عنها مؤرخوهم القدماء ووصفوها بالتفصيل، وقد أوردت في الكتاب نصا للنويري في نهاية الأرب، عن صعود السلطان بيبرس سنة 1276/، إلى جبل هارون، وإشارته إلى الأدراج المحفورة في الصخر، ووصفه للسيق في قوله (بقدرة الله تعالى تكون جبلان عاليان متقابلان يفصلهما طريق، ويشبه كل منهما حائطا عاليا، وعلى جانبيهما بيوت من على اليمين واليسار)، (ص،196).
من جانبه رأى عالم الآثار في جامعة اليرموك د.عمر الغول أن عطية قدمت لنا معلومات قيمة في كتابها من خلال أسلوب سلس إلى القارئ العربي والاردني بشكل خاص ويطلق على هذا النوع من الكتابات "الشعبوية" ومن سمات هذه الكتب: "التبسيط، والتخلص من المعلومات التفصيلية المشتملة على الحجج والأدلة، التخلص من المصطلحات الفنية"، لافتا إلى التقريب من خلال إزالة التفاصيل التي تؤدي إلى تقريب المعلومات من القارئ.
وأضاف الغول أن عطية قدمت النظرة الشمولية، وهي "تجاوز حدود التخصصات الضيقة، بما يتيح رؤية الحقيقة في جوانبها المختلفة، وإعادة صياغة الحقيقة، كما أنها ربطت الماضي بالهوية الوطنية ربطا ناتجا استنطاق المادة الأثرية نفسها، وعليه فهو خال من التشنج، كما انها عكست الصراع العربي الصهيوني على التاريخ.
من جانبه، رأى د. زهير الطاهات أن عطية لم تقدم لنا صور المكان الأردني باسلوب المدرسة التجريدية في الكتابة بل كانت تصب باعماق لوحاتها الفنية للمكان الروح الناطقة بمعجزات المكان الأردني وجماله وعظمته، ورسمت لنا "الموناليزا" الأردنية تعبر المكان والزمان بفن راق يبتعد عن الرتابة والملل، لتقدم على صفحات كتابها صورا تشع بنور الإبداعي الصحفي بفنونه المختلفة، مستندة احيانا إلى فن "الفيتشر ستوري" للمكان.
وقال الطاهات إن عطية لم تترك حقبة تاريخية إلا عكستها مراياها بدقة عبر هذا الكتاب لتروي لنا قصص الحضارات التي احتضنتها الأرض الأردنية وتصل بنا إلى محطة ميشع الملك المؤابي الذي غفل المؤرخون على المستويين؛ العربي والدولي عن مسلته في جوانبها الإعلامية، ولم تركن للتوثيق والأرشفة، بل كانت تذهب بنفسها لتستكشف وتحاور وتقرأ التفاصيل. ( الغد )