18-04-2015 01:44 PM
بقلم : م . سالم عكور
طالعتنا المواقع الإخبارية بالأمس عن واقع مرير لطفلة في مدينة اربد منَّ الله عليها بالإعاقه العقلية تعيش في كنف أسرة فاقدة للأهلية الإنسانية والإجتماعية على حدٍ سواء عوملت ومن أقرب الخلق لها بصورة وحشية لا إنسانية ، فتحرك أنين أوجاعها الجوار ولم يتحرك في ذويها الذين تنصلوا حتى من الغريزة الإلاهية التي وضعها رب العزة في مخلوقاته وجعل من الوالدين مكاناً يستدفئ به الأبناء وبيتاً يجدون فيه الطمأنينة والحنان .. !!
فديننا الحنيف أوصانا بالرفق ، الرفق بالضعفاء غير القادرين على التدبر في أمور الحياة أو الدفاع عن أنفسهم صغاراً أو كباراً ، مرضى أو أصحاء ، و " الحيوان " لم يستثنه ديننا الحنيف من الرفق في معاملته ، فكيف في من نسلنا ونسلونا ..؟؟؟
حالة الطفلة نسرين .. ليست الأولى ونأمل لأن تكون الأخيرة ، فهناك العديد من القضايا حدثت لهذه الفئة المستضعفة " مرضى الشلل الدماغي " وحتى في بيوت الرعاية العائدة لوزارة التنمية الإجتماعية ، فقصة " لبنى " ابنة الخمسة عشر ربيعاً و " وائل " ابن التسع شمعات الذين ارتحلوا لجوار ربهم وانتهاء أجلهم في إحدى بيوت الرعاية في رمضان عام 2010م لا زالت حاضرة في وجداننا ، والتي كانت نتيجة اهمال وتقصير القائمين على المركز حينها ..!!
أما في هذا المقام لا أبرئ الأسرة بقدر ما أتهم وزارة التنيمة الإجتماعية ومؤسسة حماية الأسرة بالتقصير وأضع الكرة في ملعبهم ، واتهامي ليس جزافاً بل واقع مرير تعيش فيه هذه الفئة المستضعفة والعديد من الأسر التي مَنَّ الله على أحد أفرادها بهذا الداء ..!!
فالعمل الميداني لكادر ولجان المتابعة في وزارة التنمية الإجتماعية لا يعني متابعة ضروف الذين يتقاضون راتباً منها فحسب ومعرفة ما استجد على مصدر دخلهم وحرمانهم في حال ثبت أن لهم مصدر دخل آخر .. فعلى العكس من ذلك .. فالبحث عن المشكلات الإجتماعية التي تدور في أروقة الأسر التي لا تُسْمِعْ صوتها إلاّ لله سبحانه وتعالى هيّ الغاية الأسمى التي يجب أن تكون في مقدمة أولويات الوزارة ..!!
بالمؤكد أن هناك إحصائيات لدى الوزارة ومؤسساتها المنتشرة في كافة المحافظات والمدن بعدد الحالات التي تنتمي لذات الفئة التي تنتمي لها الطفلة " نسرين " وغيرها من الحالات المشابهة ، وبالمؤكد الوصول لمكان سكن هذه الحالات ليس مستحيلاً في عالم الحوسبة الإلكترونية ومواكبة الأردن له ، ولا يجب أن ننتظر الصدف العابرة أو شكوى أو تبليغ قد يأتي متأخراً حين لا ينفع الندم يخبرنا بوجودها .. بإمكان الوزارة وكوادرها المنتشرة في أصقاع الأرض الأردنية عمل قوائم وزيارات دورية مفاجئة لأسر هذه الفئات المستضعفة وتلمس أحوالهم عن قرب والسعي لتذليل كل العقبات التي تواجه أسرهم ، وعمل دورات تثقيفية وتأهيل إنساني لهذه الأسر في كيفية التعامل مع هذه الحالات الخاصة وتقديم الإستشارات الطبية والعلاجية دون إبطاء لمرضاهم ..!!
أما استضافة الخيرين المتخصصين لهذه الفئة بعيداً عن ذويهم ليس هو الحل الأمثل إلاّ في ظلّ أسرة ولِدت هذه الحالة من رحمها ، وقساوة التعامل يحتاج كما ذكرت سابقاً إلى تثقيف إنساني أولاً ثمَّ اجتماعي ثانياً ، وتذليل العقبات أمام هذه الأسر والتخفيف عليها .. والأخذ بأن ما حدث كان نتاج قساوة ظروف طارئة وألم وقهر تمكن من معنى الإنسانية والأبوة في داخل ذوي الطفلة ولكنه لا يبرر فعلتهم ..!! akoursalem@yahoo.com