20-04-2015 01:47 PM
بقلم : د.عبدالله عامر البركات
ليست دراسة ظاهرة الضحك قضية هزلية. وليس بحثها يوحي ان الباحث مشغول بالتوافه عن هموم الناس. ولقد شغلت هذه الظاهرة العجيبة الفلاسفة والعلماء وكان لها نصيبها من الاهتمام لدى الانبياء عليهم السلام. وقدم الفلاسفة تفسيرات نظرية وقدم العلماء تفسيرات مخبرية. الا ان الظاهرة والتي هي من اخص خواص الإنسان مازالت حبلى بالتفسيرات التي لم يحن وقت وﻻدتها. ومن غير الممكن ان نستعرض اقوال الفلاسفة والعلماء في هذه الظاهرة في هذا المنشور الا اني وجدت في طرح أحدهم في كتاب بين يدي ما يستحق ان أشرك أصدقائي به.
يعتقد عالم الأحياء كونراد لورنز في كتابه القيم (العدوانية) ( aggression ) ان الضحك هو إعادة توجيه للغريزة العدوانية وتحويل الهجوم الى مواجهة سلمية. ويرى ان مظاهر الاستعداد للهجوم مازالت موجودة في الضحك من فتح الفم وإبراز الأسنان . واضيف انا كذلك الارتجاف المرافق للضحك والغضب. ويرى هذا العالم ان الضحك مازال يقوم بدوره الهجومي الخطير. فليس اجلب للعداء وﻻ افضل من الانتقام من جعل الخصم محل سخرية واضحاك الاخرين عليه. وهكذا يلعب الضحك دورين متناقضين بل بالاحرى متكاملين: إظهار المودة والتآلف والانسجام للصديق وإظهار العداء والاستفزاز للعدو.
واضيف هنا من تراثنا العربي قول الشاعر مما يصدق هذا التفسير:
اذا رأيت نيوب الليث بارزة فلا تظنن ان الليث يبتسم
حيث تشتبه الابتسامة بالكشرة..