23-04-2015 04:12 PM
بقلم : م. أحمد نضال عوّاد
في هذا الزمان ليست الشهادة الجامعية هي المعيار الوحيد لإيجاد فرصة عمل مناسبة وذلك لأن صاحب رأس المال يهتم بمقدار الإنتاجية والإنجاز لا بمقدار ارتفاع المعدلات وعلو الشهادات ورفعة المسميات ، ولكل قاعدة شواذ ! وهذا ما ينبغي أن نتداركه في قادم الأيام .
أسئلة عديدة تطرح ومن ضمنها ؛ " ما أسباب عودة امتحان الكفاءة المخصص لطلبة الجامعات الأردنية ؟ " ، وأيضا " ما هي الخطوات التي تعتزم وزارة التعليم العالي القيام بها بعد أن تقوم بتحليل نتائج هذا الامتحان ؟ " وما هي الرؤية المستقبلية التي يجب أن تبنى بناء على هذه النتائج ؟ " .
هي أسئلة في غاية الأهمية ، تنبهنا إلى ضرورة الارتقاء بمستوى التعليم لدينا بشكل دائم ومستمر ، فنجد أنه من الضروري تخريج طلبة مسلحين فعلا بالعلم والمعرفة ، فالعلم يبني بيوتا لا عماد لها والجهل يهدم بيوت العز والكرم ، ونحن ندرك تماما أهمية الموارد البشرية ، إذ أنها نفط الأردن ووقوده الذي يضيء البهيج في سماء الوطن .
هذا الامتحان والذي تم إعادة العمل به من قبل هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي فكرته جيدة إلى حد كبير ولكنه بحاجة إلى إعادة النظر بمستوى جديته من قبل الطلبة خلال السنوات القادمة ليقيس فعلا ماهية المخرجات التعليمية بشكل صحيح ودقيق ، والهدف من ذلك هو إيجاد مواطن الخلل في النظام التعليمي ومعالجتها قدر الإمكان .
إن العملية التعليمية يشترك فيها أكثر من عنصر والطالب هو أحدها ، لذلك فإنه من الضروري أن نتنبه إلى بقية عناصرها ؛ من مستوى الهيئة التدريسية ومتابعتها للجديد في العالم ، ومدى التزامها بالخطط الدراسية الموضوعة ، ومستوى البيئة الجامعية ومدى توفيرها للأجهزة والمعدات التعليمية والبحثية ، وأيضا التخصصات المطروحة ومواءمتها لاحتياجات سوق العمل المحلي والإقليمي .
ولعل الموضوع أعمق من ذلك حيث أنه يخرج من الدائرة المباشرة إلى الدائرة المترابطة التي نجد فيها المستوى المعيشي والإقتصادي والظروف الاجتماعية التي تحيط بكافة عناصر هذه العملية ووجوب بحثنا في ضرورة تحقيق النمو المتكامل والتنمية المستدامة التي نطمح أن نصل إليها في كافة المجالات .
وهنا لا بد من الإشارة إلى أهمية التفكير بخطة وطنية استراتيجية طويلة الأمد تكون قادرة على تطوير التعليم في الأردن والارتقاء به على المستوى العالمي وليس على مستوى الشرق الأوسط فحسب !
فالمهندس الذي نريد هو ذلك القادر على إيجاد الحلول للمعضلات بمختلف أشكالها ، وهو المعني بتطوير قطاع الصناعة لما لهذا القطاع من تأثير كبير في الواقع الاقتصادي بأبعاده المختلفة ولكافة شرائح المجتمع ، وليس هو ذلك الذي يبحث عن مكتب ليقضي به بضع ساعات ! ومن ثم يذهب من حيث أتى وكأن وظيفته الإدارة والمراقبة فقط . والتي رغم أهميتها إلا أنها جانب من جوانب عديدة لمن أراد أن يتخذ الهندسة عملا وفكرا وفلسفة للحياة !
وليس هذا الدور للمهندس فقط ، وإنما يجب أن نلمس الإبداع القادر على الإسهام في تنمية المجتمع في كافة التخصصات .
فالمبرمج الذي نريد ليس الذي يستخدم الموجود والمألوف فقط ، إنما هو القادر على ابتكار شيء جديد في ظل ثورة المعلومات والتكنولوجيا العالمية .
أما عن التخصصات الطبية والتي تتسم بالإنسانية فدعواتنا بالخير لكل من أخلص في عمله بها ، ولكننا أيضا بحاجة إلى تعظيم دور الطبيب مثلا ليتحول من معالج ومشخص للمرض إلى مكتشف ومبتكر للعلاج .
يتوجب هنا الإشارة إلى وجود نماذج ناجحة من مختلف التخصصات والمهن والذين يقومون بالبذل ليل نهار في سبيل التحسين والتطوير ، ولكن أين البقية ؟! هنا يبقى السؤال مطروحا ... وكم نسبتهم للمجموع ... وما الأثر المتروك على المجتمع بوجه العموم !
نتأمل أن تكون السنوات القادمة مبشرة بالخير ، وأن تكون أعواما آمنة لتحقيق تنمية شاملة في المجتمع والمنطقة ، يكفينا حروبا ودماء ، ويكفينا شرورا وفساد ، ويكفينا نظرة ضيقة فالوطن لجميع المخلصين فيه ، نحن لا ننظر بعيدا عن الواقع فنحن الشباب ندرك حجم التحديات التي تحيط بنا بمختلف أشكالها " الأمنية والاقتصادية وحتى الفكرية "، ولكننا نؤمن أيضا بأننا يجب أن نغدو قادرين على تطوير مجتمعنا والإسهام الفاعل في تحقيق التنمية فيه ، كما أننا نؤمن بذات الوقت بوجوب محاسبة المقصرين والمتخاذلين أينما وجدوا .
ومن الجدير بالإشارة هنا إلى أهمية البحث العلمي وضرورة تفعيله وإعطاؤه حيزا كبيرا من اهتمام الجامعات التي يجب أن تكون مراكز بحثية إلى جانب كونها تعليمية ، وقد تعلمنا عندما كنا صغارا بأن العلم نور ، فلنبحث في العلم المفيد للمجتمع وللإنسانية حيث النور يضيء الطريق وينقذ الغريق .