30-04-2015 10:05 AM
بقلم : عبدالهادي يوسف شنيكات
لقد أرهقنا البَحْث عن معناً واضحاً يُفسِّر السّقوط السّريع للاحداث و القرارت المختلفة على مسيرة حياتنا اليومية ,ونحاول بكل ما أوتينا من عزمٍ وتجارب أنْ نَخْرُج برؤيةٍ واضحةٍ لما يدورعلى السّاحة المحليّة والاقليمية علّنا نستطيع من خلالها أنْ نُأطّر خططنا المستقبلية الخاصة بمرتكزاتٍ منطقيّةٍ لا نَطْمح فيها كثيراً للحصول على نتائج ربحيّة بل تنازلنا مؤخراً في ظل خياراتنا الضيّقة لِنَقْبَل بناتجِ عنوانه : العيش بأقل الخسائر.
هناك الكثير من المواضيع المحلية الجارية والتي كانت مثاراً للنقاش والجدل على الساحة الشعبية وددت ان أقتضب في طرح بعضها في عجالة , الاول يتعلق بشروع الطاقة النووي والاخر كاميرات امانة عمان ...
فمن بينِ أولوياتنا في أدراك البُعدِ الاقتصاديّ المحليّ محاولاتنا للرّبْط بين مشروعِ مُفاعلٍ نوويٍ لانتاج الطّاقةِ بعشرة مليارات سبعةٌ منها استثمارٍ أجنبيٍ دوليٍّ وبين اتفاقيات مع شركات الصخر الزيتي وأخص شركة شيل التي يتوقع ان تبدأ الانتاج بعد عامين من الان , لا شكّ أنّ هُناك دراسات استوفيت وتوصيات رُفِعَت ولكن يبقى أن قرارنا الرسميّ يتطلب قناعتنا الاقتصادية والاجتماعية المستقبليّة بجدوى هذا المشروع على المدى البعيد , نحن لسنا ضِدّ النووي لكنّ ثِقَل المُغامرة التي قد لا تلتقي مع بنيتنا الاقتصادية والجغرافية قد تكلفنا باهظاً في المستقبل من شتى النواحي,وهنا السؤال وبمنأى عن الحوارات الاعلاميّة المتكرّرة مع الوزراء والنواب, لِما غاب الخبير الاردني والعربي عن هذا اللقاء!, وهم لا شكّ كثر من أبناء هذا الوطن ليدلي بصوته الوطني الخالص لا التجاري المستثمر ,ويُثري الجو الرسمي بقراءات وأرقام تفترض أسوء الظروف الاقتصادية والسياسيّة على السّاحة الدوليّة والمحلية واثرها على هذا المشروع للقادم من السنين...نريد أن نستوعب خياراتنا في ظل النّجاح او لا قدر الله فشله , نريد ان نعلم هل تم تحديد أو اعلان المنطقة التي سيقام عليها ..وبعيداً عن المنافع التوظيفية وفرص العمل , من سيتأثر بوجوده سلبياً وكيف سيعالج ومن سيتنفع حين سمعت احدهم يدعو أنْ تكون ارضه هي ارض الميعاد للمشروع.
لربما كان مصطلح :نووي مصطلحٌ جديد على المستوى الشعبيّ وقد يكون سبباً في قلقنا وتخوّفنا ولاغرابة حين كل العرب تأخروا كثيرا عن ركب التقدم العلمي فنظرتنا الى الطاقة النووية لن تبتعد كثيرا عن حالة أجدادنا عندما سمعوا أو شاهدوا التلفاز لاول مرة وانْ اعتقدنا او توافر بيننا علماء وعباقرة فالحضارة لا تقاس بخصوصيات فئة قليلة ولكن بقوة وبناء المجتمعات ,لكنّ السؤال العلميّ وليس السياسيّ الاعلاميّ وفي ظل الاستثمار المالي المتوفر هل يبقى هذا المشروع أخر خياراتنا لانتاج الطاقة وانْ كان كذلك فهل تتناغم شروط المستثمرين مع اقتصاديتنا ام دس بجوهرها أبعاداً لم يرها بعد أفقنا السياسي ؟ لا جدال انّ العامّة مع الطرح الذي لا يَمِسُّ أمنَ مجتمعنا وانْ ثقل العبئ الاقتصادي لانّنا في النهاية لن نستبدل الذي أدنى بالذي هو خير .... وها نحن ننتظر...
***
على جانبٍ محلي اخر نصارحُ أنْفُسنا هامشياً في حوارٍثلاثي الابعاد (أخلاقيّ اقتصاديّ واجتماعيّ) نُدَقِّق فيه علاقةً وطيدة تربط بين كاميرات امانة عمان الحرّة وصباح موظفٍ أفاق متاخِّراً لا شكّ سيُحْرِز لقب الاوّل في رالي البصمة والتوقيع ... و نحاورنا اخلاقنا ,هل نحن مع المعارك المرورية اليوميّة التي تسجّل أرقام قياسية في الحوادث على المستوى العالمي ...هل نستطيع ان نقود مركباتنا واثقين انّه لن يقومَ سائق بتجاوز خطر هناك مخالفاً المسرب وكل قواعد المرور , أو يصطفّ فجأة بلا استئذان , أو يرمي بنفاياته من نافذة مركبته دونما احترام أو اكتراث,للمواطن الحق في انْ تكون الكاميرات واضحة للعيان .وليس له الحق في انْ يستملك شارعاً بالطول والعرض ليأخذ بشكل مستهتر أقصى يسار المسرب ويقود بسرعة بطيئة مخلفاً وراءه طابوراً من الموظفين والعمال والمرضى وغيرهم يرجون رحمته وهو يظنّ انه واثق الخطوة قانونيّاً....ثمّ يأتي عتبنا على أمانة عمان اذ انْها اسقطت تلك الكاميرات فجأة على رؤوس المواطنين بمخالفات ذات قيمة عالية كان من المفروض أنْ تكون رمزية لفترة محدودة احتراماً وانسجاماً لوضع المواطن الماليّ هذه الايام , فلا يعقل أنْ يذهب احدهم لتجديد رخصة مركبته ليجد أنّ قيمة مخالفاته قد تكفي دفعةً اولى لشراء سيارة , الكاميرات حالة حضارية لا جدال عليها ولكنّها أفتقدت وجودها السلس المقبول بقرار استيطانها المفاجئ في شوارع العاصمة.ونعرّج قليلاً على مخالفات شرطة المرور ونداؤنا الى المديرية التي نفتخر بها ... هل كل مخالفة تستحق أنْ تُحَرَّر لاجلها مخالفة وهل جانبُ التوجيه والارشاد المروري قد ولّى ...وهل تقتضي مهمّة شرطي السير أنْ يتسنفذ كل دفتر مخالفاته اليومية ليثبت جدارته , معظمنا يتعامل مع شرطة المرور و نعلم أنّ عبئهم الوظيفي ليس سهلا ولكنّ حالة المواطن المادية ايضاً قابلة للتفاوض على مخالفة غير خطرة...هناك كثر من رجال السير أذكر احدهم وهو من أمهر وأذكى ما رأيت و كانت وظيفته الرسميّة في منطقة خلدا (شارع مدينة الحسين الطبية) وكانت هناك اشارة ضوئية قبل انْ يتمّ بناءَ الجسر الحالي ... كان يُحَرِّر مخالفة واحدة طيلة اليوم تختلف قيمتها تبعاً لمستوى الخطأ والشخص والمركبة : كان بكل بساطةٍ يبتسم ...وكانت ابتسامته أقوى من مئات المخالفات الورقية , كان يعالج المخالفة بالارشاد والتوجيه والمعاملة الراقية, ونقول لاضير بالمخالفات الخطرة بل وعقوبات قانونية اخرى زيادةً وتاديبا ولا نفغل النواحي المعنوية فلنعطي المواطن حقه فيها...
***
لابأس بقراراتنا ولكن لنجعلها تلامس الواقع ,ولنتأنى قليلا ولا نجامل على حساب الاقتصاد و الامن الوطني والاجتماعي , وانْ لا نستغلّ قدراتنا الذهنية وذكاءنا السياسي و مواهبنا العبقرية قي اقناع الناس بوطنيّة وسلامة قرارتنا وهي غير مكتملة النصاب أو نسيّر قوتنا الاعلامية في خلق مناخ لا يبقي لنا اي خيارات سوى خيار انت معنا أو ضدنا, الديمقراطية أسقطت على مجتمعنا وهو غض البنيان عميق الجروح فلنتعلم من التاريخ كيف انّ خمسون أو مائة عام شيئا لايذكر من عمر الشعوب و بناء الحضارات....
shnaikatt@yahoo.com