بقلم : جروان عبدالله المعاني
قلة هم ادعياء الاطلاع (والأدب) الذين لم يطلعوا على رواية ماركيز المعنونة بمئة عام من العزلة والتي تدور احداثها حول عائلة في مدينة توالت اجيالها (فكلما تلاشت الاحداث من ذاكرتنا اعادها الكون لكن في شخصيات و ازمنة مختلفة) وفيها تأتي الريح المشئومة وتقضي على العائلة والقرية كلها، وتشير المصادر ان اكثر من 30 مليون انسان قرؤوا الرواية .

قلة هم المتتبعين لتاريخ الولايات المتحدة الامريكية وأعمالها البشعة على الارض ولم يسمعوا باسم اليهودي (شالر) الذي عين قنصلا لدى الجزائر بعد الغزو الامريكي للجزائر عام 1815م وأسرهم لسفينتين ارادت ارسال حمولتها كعبيد، وسر هذه الحرب ان امريكا رفضت دفع الضريبة للجزائر فقتلت الريس حميدو وكل طاقم السفينة نكاية بالجزائريين وانتهت برسالة وجهها الرئيس الامريكي انذاك لحاكم الجزائر بموجبها دفعت الجزائر تعويضا مقداره 10 ألاف دولار وتم الغاء ضريبة مرور السفن .
ويوم امس بعث اوباما برسالة استذكر فيها الجريمة التي ارتكبت بحق الارمن والتي يصادف ذكراها الاليمة اليوم 24/4/1915، ومما جاء في الرسالة (هذا العام نسجل الذكرى المئوية للكارثة الكبرى، وهي أول كارثة جماعية في القرن العشرين، فمع بدء عام 1915، تم طرد وذبح وترحيل الأرمن في الإمبراطورية العثمانية سيراً على الأقدام نحو موتهم) .
نعم انا اتعاطف والى حد كبير مع الارمن وما ارتكب بحقهم من جرائم، لكني استنكر وبشكل اكبر هذا الخطاب من اوباما وكأن بلاده لم ترتكب جريمة اكبر حين ابادت اكثر من 12 مليون انسان من الهنود الحمر اصحاب الارض الأصليين وشتت من بقي منهم، الأنكأ والأمر هو تصويرهم المستمر على انهم متوحشين كانوا يأكلون لحم البيض من الاوروبيين وهو مخالف كليا للحقيقة وتكاد تختفي سيرتهم من تاريخ الولايات المتحدة تماما كما يُصنع الان في القصة الفلسطينية والشتات ومحاولة اخفاء هذا التاريخ الهمجي الامريكي .
تُعد مأساة الارمن واحدة من مآسي التاريخ حيث تم تشتتيهم بعد محاولتهم الثورة ضد الأتراك للحصول على الاستقلال فكانت ردة فعل الاتراك عنيفة وحدثت القتل والقتال والمذابح والتهجير، وبعيدا عن الحس الزمني للأحداث والتبرير فهو حدث مستهجن ومرفوض، لكن الطريف بالأمر ان بيوتهم في اضنة وسوريا بقيت لفترة طويلة دون ان يسكنها أحد في حين ان ابناء القردة والخنازير الصهاينة وبدعم امريكي يقتلون ويهجرون الفلسطينيين ويحتلون بيوتهم وممتلكاتهم على مرئى من اوباما وزبانيته .

ان ما يحدث في عالمنا العربي منذ مائة عام 1914م وعلى اثر نشوب الحرب العالمية الاولى واستفراد القوى الاستعمارية بعالمنا العربي اوصلنا الى الاستنحار حيث نقوم بقتل انفسنا بعدما سخفوا قيمة الدم فظهرت القاعدة التي نسيناها ثم داعش التي نكاد ننساها ليظهر مكانها الحوثيين والصراع السني الشيعي وبالتالي النسيان التام لمجازر امريكا مع الهنود وما حل بالارمن والاكراد والامازيغ وكذا الحال ينطبق على فلسطين والفلسطينيين .
كم انا متشائم حين احذر مصر من الصراع على السيسي ومرسي وننسى مصر، وكلنا يدعي الاطلاع و(الأدب) وواقع الحال اننا لا نعرف الا الفتات وغارقون في الجهل وقلة (الادب) هل ادركتم ماذا اعني بالاستنحار أي الانتحار ولكن بوقاحة ..!!