03-05-2015 03:32 PM
بقلم : المهندس وصفي عبيدات
ثماني ساعات عمل، ثماني ساعات نوم، ثماني ساعات فراغ للراحة والاستمتاع
هذا هو الشعار الذي رفعه العمال في الولايات الامريكية قبل ما يزيد عن قرن من الزمان ، حيث طالبوا بتخفيض ساعات العمل الطويلة التي كان يفرضها الرأسماليون عليهم ، وبازالة الظلم الكبير الذي كان يلحق بهم ، اذ ان الامور كانت تصل لحد العبودية والاستعباد ، ولقد عمت الولايات إضرابات ومظاهرات للعمال مطالبين بحقوقهم ورفع الظلم عنهم ، ووقعت صدامات كبيرة بين العمال والشرطة سقط خلالها الكثير من حالات الموت والتي على اثرها تحرك العمال في دول كثيرة من العالم مطالبين بحقوقهم وإنصافهم ، وقد استطاعوا ان يكسبوا لجانبهم في ثورتهم المثقفين الذين رأوا في العمال صنّاع العالم ، وبناة الاوطان والحضارات ، فتقرر ان يكون اليوم الاول من أيار من كل عام يوما وطنينا في معظم دول العالم ، تُحي فيه القوى العمالية ذكرى النضال من اجل الثمان ساعات . فعيد العمال للعامل الذي يبني الوطن ، هذا العيد الذي اتفقت عليه كل القوى العمالية في العالم ﻹن يكون عيدا وطنينا يعطي العمال الحق في اخذ قسطاً من الراحة ويعطيهم الحق في المطالبة بتحسين ظروفهم المعيشية ، يوم للوطن ولمن يبني الوطن ، يوم يجب ان نكرّم فيه عمال الوطن ، عمال العالم يعطلون في عيدهم ليخرجوا الى الشوارع مبتهجين فرحين ، يتجمعون في الساحات العامة في بلادهم ليلتقوا بمن ينقل مطالبهم الى حكوماتهم ، وفي هذا اليوم كثيراً ما يُستجاب لعمال تلك اﻻوطان ، فالتعطيل بحد ذاته لا يعتبر تكريم ، ولكنه حق مكتسب ، فالتكريم يكون بصون الحقوق ، وخير صون الحقوق ان ننظر للعامل في يوم عيده انه باني وان ما يقوم به للوطن شئ عظيم .
نعم العامل في كل العالم له كيان ويُكرَّم كما يكرم الابطال ، لانهم حقاً ابطال .
في بلدنا الحبيب كان هذا اليوم عيداً بما تعنيه الكلمة ، وكان عمال الوطن في هذا اليوم يتوافدون الى عمان ، والى قصر الثقافة بالذات ، فهم في هذا اليوم كانوا دوما على موعد مع قائد الوطن ، كان يحييهم وجها لوجه ، كان يقول لهم شكرًا على الأثير المباشر ، كان ذلك خير تكريم ، كان ذلك اليوم يوم تجديد البيعة وتأكيد الولاء ، كان يساعد سيد البلاد في ذلك رجال عرفوا قيمة العمل والعامل ، نعم كانت الاحتفالات تعم البلاد والحضور جُلّ الحضور من العمال ، امّا اليوم فحضور الاحتفالات مقصور على اصحاب القرفتات الخضراء والحمراء ، في هذه الايام اكتفوا بتعطيل العمل ، رغم انَّ كلمة شكرًا من مسؤول عند العامل خير من تعطيل شهر بحالة .
نحن نعلم ان قائد البلاد في هذه الايام يحمل من المسؤوليات ما يحمل ، ويتكبد من الإعباء والتعب ما يتكبد ، من اجل ان يحقق مطالب الوطن وعمال الوطن ، فوالله اننا نجدد العهد والولاء لقائد الوطن كل ثانية وساعة ونقول له جزاك الله خير صنيعك ، لكن انتم يا من أوكل اليكم قائد الوطن أمانة ادارة شؤون الوطن ، ماذا عملتم لعمال الوطن ؟
ماذا عملتم للذين يعملون في عيدهم قسراً هنا وهناك دون احتساب اي إضافي بدل عملهم ؟ هل برأيكم تكفي كلمات المعايدة والمجاملة ؟ وهل تعتقدون ان عامل الوطن يسمع خطاباتكم ؟ وكيف له ان يسمع بطاقات المعايدة تلك وهو يصل بيته منهكاً ، حتى لقمة الطعام بالكاد يبتلعها ؟
يوم العيد يوم فرح واحتفال ، فبماذا يفرح العامل ، هل يفرح بالعيد وجيبه خال من اي مليم ؟ في العيد ينتظر العامل هدية العيد ، وما هي هدية العيد ؟ ساعات حسرة يقضيها بين أولاده وهو لا يستطيع تلبية طلباتهم في يوم عيده ؟ ام ساعات يقضيها في السوق يتأمل اللحم في ثلاجات العرض ولا يستطيع حتى الاقتراب للتصوير ؟ العيد يا سادة يجب ان يكون بتلبية ما يحتاج صاحب العيد للعيد !
نعم هذا هو العيد ، وليس العيد لمن يركب طائرته ويطير خلف الحدود حتى لا يرى صاحب العيد ، في العيد يجب ان نفكر بصاحب العيد ، وكيف ندخل عليه وعلى عائلته الفرح والسرور ، الشعب الاردني كله عامل وشبه عامل وعاطل عن العمل ، فهل يأتي علينا يوماً نرى فيه الاردنيين عاملين مع كامل الحقوق والمكتسبات التي صانها لهم الدستور ، ليحتفل في عيده كباقي عمال العالم المتحضر ؟؟؟،،