06-05-2015 04:30 PM
بقلم : محمد اكرم خصاونه
قد يخيل للقارئ الكريم أن هذا الإعلان يعود لوزير في بلدنا العزيز الأردن الذي يفرخ من الوزراء والنواب والأعيان الكثير الكثير ويتقاضون مبالغ طائلة من خزينة الدولة سواء كانوا على رؤوس اعمالهم أم يجوبون العالم في سياحات دون مبالاة وشعور بالأخرين.
ولكن الإعلان المنشور هو لوزير الداخلية اليوناني “أرغيريس دينوبولوس″ فقد نشر وزير الداخلية اليوناني السابق في حكومة رئيس الوزراء “أنتونيس ساماراس″، إعلانا على شبكة الإنترنت للبحث عن فرصة عمل، بعد أن خسر في الانتخابات الماضية، ولم يتمكن من الدخول إلى قبة البرلمان.
وكتب الوزير “أرغيريس دينوبولوس″ على أحد مواقع الإنترنت المتخصصة لتوفير فرص عمل في سيرته الذاتية التي تحمل توقيعه: “وزير سابق يبحث عن عمل، لديه تجربة لمدة 13 عاما في مسائل الأزمات الاقتصادية والسياسية”، كما شملت سيرته الذاتية، شرحا مطولًا عن حياته الصحافية وكيف انتقل إلى السياسة، حيث أشار إلى إمكانية العمل في الدول الأخرى، وكتب في قسم المهارات “أتمكن من اتخاذ قرارات صعبة وبشكل فوري ولدي تجربة في إدارة الأزمات”.
وعمل أرغيريس دينوبولوس مراسلا حربيا لعدد من وسائل الإعلام اليونانية، ورئيسا لبلدية “فريليسيا” لفترة، ورئيسا لبلدية جزيرة “كاليمنوس″، ويُعرف عنه بأنه وضع العلم اليوناني على صخور “كارداك” في بحر إيجة إبان الأزمة مع تركيا، وذلك برفقة عدد من رجال الدين وسكان الجزر اليونانية.
وبعد تسليط الإعلام اليوناني الضوء على إعلان الوزير للبحث عن العمل، كتب دينوبولوس على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي تويتر: “إن هذا أمر طبيعي في السياسية، فالذي لا يفوز في الانتخابات يتعين عليه أن يعمل”.
فلنا أن نتأمل وان نتحسر على أنفسنا كيف الواحد منا حين يمسك بتلابيب منصب لا ينفك منه إلا بعد ان يفترسه الموت، ولكنه يكون قد ورث المنصب لخلفته الطيبه!!.
فبالله عليكم هل نحن شعب له في هذا الزمان مكانة بين الأمم؟ وهل لنا أهمية بين شعوب العالم؟ وهل نستحق الإحترام كما غيرنا؟
قد يتنطع المتفلسفون ويقولون ما هذا الهراء ولكنه الواقع. وقد يقول قائل نحن خير أمة أخرجت للناس. وقد يبين البعض بأننا لسنا ملائكة وكل ما يمكن ان يقال سليم .
ولكن اليس من الصواب ان نحس بالمسؤولية؟ وان نحس بثقل الهم والمديونية التى تتفاقم فوق رؤوسنا يوما بعد يوم بفضل التخبط والقرارات الفاشلة الخاطئة، والتي كنا نسمع بأن الدين سينخفض، ولكن هيهات هيهات ، طالما كان في المنصب من لا يهمه إلا نفسه.
نقرأ عن فساد ، وسرقات ، وإهمال وتسيب، وتبديد الأموال من الخزينة العامة دون حسيب ورقيب ن وندعي بأننا نحارب الفساد ، والفساد يعشعش في نفوس الكثيرين ودون مبالاه، حتى اصبح أكل مال الحرام سمة لدى بعض النفوس الدنيئة بل الكثير من أصحابها الذين ، يشبعوننا تنظيرا وكلاما فارغا ، لا يسمن ولا يغني من جوع ، وهم من يتسابقون للفوز به.
كل يوم يطلع علينا ديوان المحاسبة بإكتشاف سرقات وإختلاسات ونهب وتزويروتلاعب وهبات وعطاءات ، فأين المحاكمة لمن يقوم بهذه الأعمال ؟؟ اين الضمائر الحية ؟ أين أنتم من القسم الذي أقسمتم به من أجل خدمة الوطن؟؟
فنحن في الأردن نكثر من الكلام والتنظير في كل شئ ، فلو دخلت في نقاش مع من هو أهل لصاحب الرأي والموضوع الذي يتم نقاشه لتنطع لك الكثيرون ممن لا بفقهون شيئا واصبحوا من العارفين بكل ملمة، وإن كانوا هم اصحاب المصائب والملمات التي قوضت الإقتصاد وخربت أركان الدولة .
أتمنى أن يخرج علينا مسؤول من مسؤولي الوطن بعد إنتهاء فترة عمله أو قبل إنتهاء مهمته و يقول إريد إفساح المجال لمن هو أقدر مني ويفعلها كما فعل وزير الداخلية اليوناني “أرغيريس دينوبولوس″.
فهل سيتحقق هذا الحلم؟؟؟!! لا أظن ذلك؟
وصدق من قال:
النَّفْسُ تَجْـزَعُ أَنْ تَكُـونَ فَقِيـرَةً *** وَالْفَقْـرُ خَيْـرٌ مِنْ غِنًى يُطْغِيهَا
وَغِنَى النُّفُوسِ هُوَ الْكَفَافُ فَإِنْ أَبَتْ *** فَجَمِيـعُ مَا فِي الأَرْضِ لا يَكْفِيهَا