21-05-2015 02:05 PM
بقلم : د. نزار شموط
لقد تجاوز بعض النفر من المتسلقين والمتشدّقين والمدّعين والمتنفعين كل الخطوط الاخلاقية والادبية , ولبسوا كل الاثواب لتحقيق نزعتهم الجارفه في الاحتيال واستغلال كل ماهو متاح لتحقيق وجودهم على قاعدة ( الغاية تبرر الوسيلة ) وبات انتحال مسميات والقاب لمراكز اعتباريه , من مثل سعاده , وعطوفة , وسياده , وشيخ , ووجيه , الخ ....حق مكتسب لهؤلاء النفر , ويتم مناداتهم وتعريفهم بها .
ليس إلا , فهؤلاء في المنظور النفسي يعانون من اضطرابات في الانا ومفهوم وتقدير الذات , وبعضهم يعاني من البارانويا ( مرض نفسي ) , وفي المنظور الخلقي يعانون من الكذب والتحايل والاستغلال الدنيء .
ولكن المشكله فيمن يزين لهؤلاء انتحالهم الرخيص لهذه الالقاب , وهم في منأى عن دلالاتها الحقيقية والاعتبارية , حتى انهم سمحوا لهم باستمراء اللعبة , واصبحت حق مكتسب لهذه الثلة المدعية الرديئة.
ووصل التعدي والجرأه الوقحه للبعض من هؤلاء الرويبضة , ان يُطلق على نفسه اسم دكتور , وان يزاحم في الحوارات والمنتديات والمجالس , حملة اعلى الدرجات العلمية العليا الذين بذلوا للحصول عليها من وقتهم وجهدهم ومالهم الكثير .
وان يُعرف نفسه بدكتور فلان , ويطلق عليه زبانيته هذا اللقب . رغم علمهم انه لايحمل حتى الاعدادية .
الذي قادني للتطرق لهذا الموضوع انني كنت مشاركاً في لقاء حواري حول موضوع متخصص , وخلال الحوار كان هناك مداخلة لاحد الضيوف الذي عرف نفسة في بداية مداخلته بالدكتور فلان .
وكانت ردة فعل من كان في اللقاء الاستهجان لطرح هذا الدكتور خلال مداخلته , لان ما تحدث به عبارة عن هرج ومرج بعيد كل البعد عن مضمون اللقاء , ودعاني فضولي انا وبعض الزملاء للتعرف على تخصص وخلفية هذا الشخص , وصُعقت عندما قال لي احد الحاضرين انه حاصل على دكتوراه فخرية , فقلت , ومن هي الجهة التي منحته , وما هو الانجاز الذي بناءً عليه مُنح الدكتوراه الفخرية ؟ فقال على حد علمي احدى الجمعيات الخيرية او ما شابه تكريميا ً لعمله التطوعي والاجتماعي .
حقيقةً انني صُعقت لأمرين :
اولاهما : جرأة هذا الرجل للتصدي لحوار متخصص ليس له به علم لا من قريب ولا من بعيد , والاتكاء على مرتبته الفخرية وانه دكتور بحق .
وثانيهما : بأي حق وجهة له الدعوة لحضور هذا الملتقى المتخصص .
وقادني فضولي انا ومن كان معي من الزملاء لسؤال القائمين على الفاعلية , كيف وجهت الدعوة لأخينا الدكتور الفخري ؟ فقيل لنا ان مثل هؤلاء يتابعون الاعلانات ويحضرون بدون دعوه .
لقد حضرني مباشرةً الحديث النبوي ( سيأتي على الناس سنوات خدّاعات، يُصَدق فيها الكاذب ويُكذَّب فيها الصادق، ويُؤتمن فيها الخائن ويُخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة ( ، قيل وما الرويبضة يا رسول الله ؟ .. قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة.
والسؤال الذي يطرح نفسه الى هذا الحد وصل بنا الامر ؟
واذا كان مثل هؤلاء قد حصلوا فعلاً على دكتوراه فخرية , من هي الجهات التي منحتهم هذه الدرجة ؟ ولما ؟
لقد علمت ان بعض الجمعيات الخيرية , وبعض المؤسسات الخاصة , وجهات خارجية تمنح دكتوراه فخرية مقابل مبلغ مالي بسيط .
وهنا نقول اين دور الجهات الرقابية في متابعة هذه القضايا , واخص وزارة التعليم العالي ووزارة التنمية الاجتماعيه , والتي اعتقد انها معنية في ايقاف هذه المهزلة بالتعاون مع الاجهزه القضائية والتنفيذية , كونها انتحال لرتبة علمية عليا ولا تقل في خطرها ومترتباتها عن التزوير في الوثائق الرسميه وانتحال شخصيات هامه.
لقد باتت هذه المخالفة تستفحل في مجتمعنا وعلى كافة المستويات , حتى انني سمعت ان هؤلاء تغلغلوا في ادارات بعض المؤسسات الخاصة لثقلهم المالي . ووصل الاستخفاف ان تذكر هذه الدرجة في السيرة الذاتيه لهولاء , وتزين بها مكاتبهم , والبعض يخاطبوا رسمياً بها , حتى انها تسللت لبعض الرسميين كما علمت .
المعروف ان الدكتوراه الفخريه درجة تقديرية ومعنوية عليا , تمنح لقادة الدول الذين كان لهم بصمة في بلادهم , ولقادة الرأي والفكر والعلم والادب والصناعة , للمبدعين والمتميزين في خدمة الانسانية , وتحترم ويحترم من تنمح له , كونها تعتبر شهادة تميز لمتميز , وهؤلاء رغم علو شأنهم , لا يطلقون على انفسهم لقب دكتور
اما ان تُمنح لمن هب ودب , ومن جهات ليس لها أي اعتبار ,فهذا لعمري قمة الانحطاط الفكري والخلقي , واستهتار بكل الضوابط الادبية والقانونية .
فالنهب والنصب والتزوير والاحتيال تجاوز المال وطال الرتب العلمية العليا ايضاً .
والسؤال إلى متى هذه الاختراقات والانتهاكات والمهازل ؟ الا من رادع ؟؟