21-05-2015 03:45 PM
بقلم : صفوت سامي حميدات
كنا نفكر فى الغد.. ماذا سنفعل فيه؟ أصبحنا نفكر فى الأمس.. ماذا حدث فيه؟. لا تخلو جلساتنا من كلام عن الأمس وأول أمس، عن الماضى، عن لماذا ماحدث.. حدث، مع أننا لن نصل إلى الحقيقة، لا أحد معه مفاتيح الحقيقة لنكمل القصة أو نطويها، لنفهمها أو نضع نقطة ونبدأ من أول السطر. ومع ذلك.. ننبش فى مالانعرفه لكى يزداد يأسنا وإحباطنا..!!
الأمل لن يأتى وعيوننا على أمس، سوف يأتى ونحن ننظر إلى الأمام ونفكر فى الغد، لكن الهدم مستمر فيما تبقى معنا من صحة وعافية .. نصحو كل صباح على أسئلة من الأمس تهدر طاقتنا لكى لا نفهم أو نعرف أو نفكر فيما سوف نفعله غدا..!! ويتقدّم العمر، ويضرب الوهنُ أطنابَه، فيسير الإنسان سيراً بطيئاً متثاقلاً .. وعندما ينظر إلى نفسه وإلى ماضيه العريق يقف وقفة المتسائل ويسأل نفسه: ماذا تبقى؟ فلا يجد بجانبه إلا كيساً من النايلون يحمل أدويته المتنوعة التي يُسَكّنُ بها أعاصير مرضه وزوابع أوجاعه وآلام روحه ..!!
لا يمكن ولا يُعقل أن يكون «الراتب نزل» أقصى أمانينا..!! و«الخميس عطله» أروع خبر يمكن أن نسمعه فى يومنا ..!! و«الحصول على مكتب مستقل» أقصى طموحاتنا ..!! وجلسات الأفطار يومياً في أروقة المكاتب بعد تأمين الخبز القادم على عجلٍ من مخبزٍ ارتبط اسمه بارفع انواع الدبلوماسية هى أكثر الأعمال إبداعا فى حياتنا..!!
الأمل.. ليس صناعة الخرافات والخيال والأكاذيب الملونة، بالعكس.. الأمل هو الحقيقة، كيف تجعل كل يوم عمراً كاملا يبدأ أول النهار بخطة وينتهى آخر النهار بخطوة.. نتحرك للأمام.. لا نجرى إلى الخلف ..!! صناعة الأمل مكلفة لكن بدونها لن نتحرك خطوة للأمام ولن نشعر بطعم أى فرحة أو مكسب. لكن من هو المسؤول الذى يؤمن أن الأمل صناعة ضخمة يجب أن يشترك فيها الجميع ..؟
هل من الصعب أن نرسم خريطة للأمل ..؟
فى كم يوما يمكن أن نعيد تنظيف شوارعنا؟ فى كم يوما يمكن أن نكتشف مليون شاب مميز فى كل مجال ليصنعوا لنا «بكرة» الأجمل؟ فى كم يوما نودع الوجوه المستهلكة التى هضمت كل شىء فى الحياة وأكلت وشربت على كل أرصفة السلطة؟ فى كم يوما سوف يكون عندنا فرص عمل حقيقية لمن يستحقها ويصبح لدينا معيار للعمل يعتمد على الكفاءة؟ فى كم يوما سوف نلغى أسلوب الفهلوة والاعتماد على لاعبى السيرك فى إدارة شؤون الدولة؟ فى كم يوما يمكن أن نسقط تعاستنا ونعلق سعادتنا على النوافذ المفتوحة؟ فى كم يوما يمكن أن يصبح الفرد القوى هو من يعمل فى جماعة وليس من ينتمى إلى شلة؟ فى كم يوما نقتنع أن حياتنا ليست مشوارا إلى الموت، إنما هى طريق إلى الحياة؟
العتمة مستمرة .. وقراءة الفنجان والكف بحثا عن تفاصيل الماضى مازالت هى المهنة الأكثر رواجا..!! ونفس الأشباح والعفاريت تقفز على السطح كأن شيئا لم يكن..!! كان عندنا ثقافة الحياة.. فأصبحنا بالكاد نمحو أمية مشاعرنا وإحساسنا بها ..!! لا مستقبل بدون أمل ولا أمل بدون قبضة حديدية قوية تمنع تسرب اليأس والإحباط والخوف والملل وتكرار المشاهد والأشخاص.
هناك «بكرة» يجب أن نفكر فيه.. إذا أردنا أن نرى الشمس ونعرف الحياة وندرك طعم أن نكون على قيد الحياة.. ومع ذلك: عندى أمل .. فمن لا يؤمن بالأمل فكانما يحذف القمر من السماء، حينها كيف تتوقع أن نرى الطريق إلى بيوتنا؟