بقلم : هاشم الخالدي

اذكر ذات خريف مضى أنني التقيته في مكتبه حينما كان يتولى قيادة جهاز الأمن العام.

حاولت الولوج الى افكاره .. استنباطها .. اكتشافها، فوجدت انه رجل هاشمي بامتياز.

كانت تعلو جلستنا صورة لجلالة الملك، نظر اليها وقال لي ( أخوي هاشم...جلالة الملك هو شقيقي.. تربينا بكنف المغفور له الحسين بن طلال طيب الله ثراه .. وأنا الآن واجبي أن أفديه بروحي.

في تلك الفترة كان الربيع العربي قد اشتد على الأردن ..وكان حسين المجالي معنياً برسو سفينة الوطن إلى شاطئ الأمن والأمان.

لم أسمع منه كلمة واحدة تشتم الحراكيين ،ولم ينطق لسانه قط أن هؤلاء مرتزقة أو مدفوعين من الخارج كما كان يحلو للآخرين تصويرهم.

قال انهم يملكون فكراً اصلاحياً والاعتصام من حقهم ما دام ضمن القانون، ونحن نقدم لهم العصير والماء احتراماً وليس ضعفاً وهم يقدرون رجال الأمن وليس بيننا وبينهم عداوة.

انتقل الرجل الى حاضنة الداخلية بعد نجاحه في اختبار الامن ،وحول الوزارة من وزارة قمعية (او هكذا يفترض ان تكون حسب مسماها ) الى وزارة خدماتية بامتياز واضفى عليها لمسة التواصل مع المجتمع بعكس اخرين اغلقوها وكانها حسبة لهم ولعائلاتهم .

اليوم يغادر حسين باشا المجالي موقعه في ظروف استثنائية ،يقال انها على خلفية احداث معان او العنف الامني ،لكنني اقول واؤكد بأن الشعب الاردني لم يكن في يوم من الايام شعبا شتاما او شعبا شماتا.

الرجل كانت له اجتهاداته ...اصاب في بعضها و أخطأ في بعضها و هي طبيعة اي انسان يكون في السلطة أو خارجها ، لكن الأهم و هو ما أركز عليه ان حب معان في قلب الرجل كانت و ما زالت حاضرة بقوة في تفكيره ، و اذكر أننا تحاورنا ذات يوم في مكتبه في الداخلية حول "معان" التي احب و أعشق بحكم القرب و النسب فلم أجد في قلب الرجل ذرة حقد على اهل معان ، بل محبة و احترام و تقدير .

لا تنظروا الى الكأس الفارغة في حياة الرجل، بل انظروا ماذا قدم من خدمات للوطن و لقائد الوطن ...وتذكروا دائما كلماته التي قالها و هو يغادر المنصب "انا جندي عند جلالة الملك ".

اليوم .. يتواجد حسين باشا المجالي في أميركا لحضور بعض المناسبات العائلية ويحتاج لأيام قبل أن يعود لقلبه النابض في الاردن ، و هو لا يحتاج لهذه المقالة او غيرها ، و لكنني وجدت من الانصاف وضع الرجل بما هو اهل له ، فلا يظن في نفسه ان الجميع قد انقلب عليه ... فنحن لسنا شعبا انقلابيا بالمطلق.

أقول له .. سيبقى لك في القلب مكانة و مهما ابتعدت ستبقى ابن هزاع الذي نحترم ، فنحن لسنا شعبا شماتا و لا شتاما و لن نكون.

الكاتب : مؤسس موقع سرايا