26-05-2015 04:16 PM
بقلم : خالد مرسي
منذ نشأة العقبة وهي تخضع للاستثناء الدائم والمبرمج والمخطط له بعناية ، ففي العام 1955 صدر قانون البلديات رقم 29 لسنة 1955 وبعيد خمس سنوات فقط ، انشئت لجنة تنظيم مدينة العقبة بقانون رقم 10 لسنة 1960 وتغولت فيه لجنة التنظيم على بلدية العقبة واستحوذت على الكثير من صلاحياتها ، وكانت العقبة استثناءً دوناً عن بلديات المملكة ، وفي العام 1987 صدر قانون سلطة اقليم العقبة ليجهز على ما تبقى من صلاحيات لدى البلدية ولم يبقى بيدها غير مشروع النظافة ومشروع الزراعة وجباية رسوم ترخيص المحلات التجارية ، فأصبحت بلدية العقبة اسما على غير مسمى وافرغت من مضمونها ومبررات وجودها ، وكانت الضربة القاضية بصدور قانون سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة القانون رقم 32 لسنة 2000 ، الذي دفن بلدية العقبة والغاها فأصبحت من الماضي ، واصبحت الادارة المحلية في العقبة معدمة تماما .
مؤخرا تم الاعداد لمشروع قانون جديد للبلديات والذي استثنيت العقبة منه بنص المادة 3 من شمولها بهذا المشروع ، والذي نتج عنه وضع ممتد وتكريس حالة انه لا بلدية بعد الان في العقبة ، ولن تكون هناك ادارة محلية اسوة بباقي مناطق المملكة في المستقبل المنظور على اقل تقدير . منذ سنتين ونحن نحاول جاهدين تشكيل مجلس العقبة الشعبي لرأب الصدع ومحاولة ايجاد صيغة شعبية بديلة لهذه الاقصاءات المتكررة والتي اصبحت مقننة في نهاية المطاف ، لتشكيل تيار فاعل يساهم في حل مشاكل وهموم الناس وممارسة دور الادارة المحلية ولو كان ذلك دون وجود ادوات وامكانات مادية او حتى الغطاء قانوني المطلوب ، لدفع اصحاب القرار لتلبية احتياجات المجتمع بممارسة الضغط الشعبي المتواصل لإنجازها .. واستمر العمل والاعداد لسنة كاملة بهذا المشروع الى ان جاء بالتزامن مع مشروع قانون البلديات مشروع قانون اللامركزية والذي احيل الى مجلس الامة وشكلت له اللجان التي طافت ارجاء الوطن لعرضه واستطلاع الرأي حوله ، وهو يمثل رؤيا متقدمة في المشاركة الشعبية في صناعة القرار ولو كان على المستوى المحلي لكل محافظة ، وكانت موجبات القانون خلق مشاركة شعبية واسعة في القضايا التي تمس حياة المواطن اليومية او المستقبلية تهدف الى توجيه موارد الدولة نحو الاحتياجات المجتمعية بحسب اهميتها واولوياتها من وجهة نظر المتلقي لهذه الخدمات والذي هو اقدر على ترتيب اولوياته فيها وغيرها من الاهداف التي يمكن ان تتحقق .
فتشكيل مجلس تنفيذي برئاسة الحاكم الاداري يجمع كافة امكانات المحافظة في مركز واحد لاتخاذ القرار هو يمثل بحد ذاته الحكومة المحلية المصغرة في كل محافظة ، بينما المجلس الشعبي المنتخب الجزء الاكبر منه والمكون من ثلاثين شخص يمثل برلمان مصغر لكل محافظة كأداة رقابة وتخطيط وتوجيه للموارد والامكانات .
اليوم .. وبعد دعوة مجلس الامة لدورة استثنائية لإقرار جملة مشاريع قوانين على راسها مشروع قانون البلديات ومشروع قانون اللامركزية ، واللذين اصبحا في عهدة مجلس الامة ، تجري محاولات حثيثة للعودة من جديد للإقصاء والاستثناء الذي اصبح لعنة تطارد العقبة واهلها في كل شيء ، لم يكن بإمكان السلطة التنفيذية استثناء اي محافظة من تطبيق قانون اللامركزية وهي لا تريد على عهدتها الدخول في الاستثناءات التي لا منطق يحكمها طالما نتكلم عن وطن واحد بدستور واحد امامه المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات ، ولا يحكمهم في ذلك منطق الجغرافيا طالما كانوا في حدود الوطن ، السلطة التنفيذية ليس لديها مانع في هذه الاستثناءات اذا جاءت من مجلس النواب ممثل الشعب .. فليطحن النواب بعضهم بعضا والحكومة في استراحة المتفرج على المشهد ما هو القادم .
السيناريو اليوم ..
فالرئيس اليوم يضغط بكل الوسائل لتنفيذ الضربة الاستباقية قبل بدء المداولات تحت القبة في الاول من حزيران القادم بتشكيل مجلس استشاري معين من قبله مباشرة بالعدد والتشكيلة التي تهدأ الناس وتخلق حالة واهمه من الرضى وتستقطب العدد المطلوب للترويج للفكرة وارسال رسالة الى مجلس الامة مفادها " لا تلقلقوا علينا فنحن مشاركون قبل اقرار القانون " وطبيعي ان يكون المجلس ضمن تركيبته وشروطه بعيد عما هو وارد في قانون اللامركزية ، والغاية منه الذهاب الى مجلس الامة لتأكيد ان موجبات قانون اللامركزية والذي يهدف لتحقيق المشاركة الشعبية ها هو قد تحقق فعلا في العقبة ، وان الرضى الشعبي عام وطام واذا اردتم التأكد فالوفود الشعبية جاهزة للقدوم الى مجلسكم الموقر وترجوكم استثناء العقبة من قانون اللامركزية .. والعرائض والمناشدات جاهزة وقد يرافقها مسيرات شعبية تطوف شوارع المدينة واحتفالات واطلاق الالعاب النارية كل هذه الامور جاهزة بلا شك .. سيتذرع الرئيس بلا شك بانه سيطلب تعديل قانون السلطة وسوف يحصن المجلس الاستشاري بالقانون وسيضع اي صيغة توهم الناس ان المجلس ليس مجلس بصيمة .. لكن الحقيقة تعلمونها جميعا .. لا احد من المسؤولين يريدا شريكا ولا احد يريد رقيبا ... والرئيس يحتاج فقط تمرير الاستثناء باي ثمن لدى مجلس الامة .. وهو القادم من مجلس الاعيان .
يعرف الجميع ان تطبيق قانون اللامركزية في العقبة قد يخلق جدلية وتضارب بين ادارة تنفيذية عليا بيد المحافظ كرئيس لأجهزة الدولة في اطار المجلس التنفيذي وبين سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة بقانونها الخاص وكل ملاحقاته الاخرى ، لهذا ومنذ قدوم الرئيس الجديد معالي الدكتور هاني الملقي وفي اول لقاء قلنا كلاما مختصرا لتوصيف الحالة القائمة في العقبة مع غياب البلدية ووجود سلطة تملك وتمتلك كل شيء ، وقلنا في حينه طالما السلطة الخاصة تمثل الحكومة المحلية في العقبة فهو تحتاج الى برلمان محلي واقترحنا تشكيل مجلس السلطة يمارس دورا رقابيا وتشريعيا في حدود القانون ، بحيث ينتخب ثلثي المجلس على الاقل ضمن مواصفات يتم تحديدها بالقانون على غرار مجلس امانة عمان ... لكن الرد اتى مفجعا بان الرئيس يريد مشاركة اي مشاركة والسلام بمجلس استشاري لا يسمن ولا يغني من جوع ..
خلاصة الكلام ..
ان نواب الامة وعلى وجه الخصوص نواب العقبة مطالبون بتحمل المسؤولية تجاه العقبة وابناءها ورفض اي صيغة تؤدي لممارسة الاقصاء والاستثناء مجددا وانتقاص حقهم الدستوري في المشاركة في ادارة شؤونهم اسوة بباقي محافظات الوطن وعلى قدم المساواة ، وانا اهيب بأبناء العقبة جميعا عدم القبول باي صيغة تنتقص من وجودهم او مشاركتهم في ادارة مدينتهم تحت اي ذريعة وضمن اي مسميات .. وعلينا جميعا ان نفكر بالأجيال القادمة وان لا نورث ابناءنا مستقبلا ملؤه الاقصاء والمشاركة المنقوصة من جديد ..