01-06-2015 10:10 AM
سرايا - سرايا - في المحطة الثانية لمشروعه جمْع بصمات لفلسطينيين من كل مناطق الوطن المجزأ ومن شتات لاجئيه، كان الشاب هاني خوري من مدينة الناصرة في الشمال الفلسطيني المحتل عام 1948 يروي قصته: "أنا فلسطيني منقطع عن وطني العربي".
يقول خوري (25 عاما) أثناء انشغاله بمد جزء من خارطة لفلسطين، تحمل بصمات أبنائها وسط مدينة رام الله، "أنا من فلسطينيي الداخل المحتل عام 1948، وأريد أن ألتقي أبناء شعبي في الضفة وغزة والشتات، على خارطة واحدة لفلسطين".
لكن خوري يروي ما هو أبعد من هاجسه الوطني، فقد بدأ مشواره رساما منذ سنوات طفولته، ونجح في عرض لوحاته بعدة دول أوروبية كإيطاليا وهولندا وإسبانيا وألمانيا، لكنه منذ خمس سنوات يحاول عرض لوحة واحدة له في دبي أو لبنان، دون أن يتمكن من ذلك.
ويعلق على ذلك بقوله "لا أستطيع أن أكون جزءا من الحالة الثقافية العربية وأنا عربي!، بينما آخرون من أوروبا وكل العالم يفعلون ذلك دون أية مشاكل، في كل مرة يقف أمامي جواب مكرر: أنت تحمل الهوية الإسرائيلية".
تأكيد الهوية
ويُعد خوري واحدا من بين 1.7 مليون فلسطيني تمكن أجدادهم من الثبات في أرض فلسطين بعد نكبة عام 1948، حيث يواجهون الآن إشكالية دخول بعض الدول العربية، بسبب تصنيفهم ضمن "عرب إسرائيل"، وحملهم جواز السفر الإسرائيلي.
ويقود خوري منذ أسابيع مشروعا أطلق عليه اسم "بصمة"، يسعى إلى جمع عشرة آلاف بصمة لفلسطينيين من كل الوطن والشتات، "للتأكيد على عروبة أهالي الأراضي المحتلة عام 1948، وهويتهم المشتركة مع كل أبناء فلسطين والعالم العربي"، كما قال.
وفي خضم مشروعه، يتذكر خوري الشاعر الفلسطيني الشاب مروان مخول، الذي لم يتمكن من المشاركة في برنامج "أمير الشعراء" عام 2013 بسبب حمله جواز السفر الإسرائيلي.
ويعبر عن شعوره بالعزلة عن امتداده الثقافي والحضاري، بقوله "نحن لسنا خونة ولا عملاء، بل بقينا وتمسكنا بأرضنا، وإذا نجح الاحتلال في جرّ حالات فردية للعمل لصالحه، فالأغلبية منا لم تفعل ذلك".
وينحدر الفنان خوري من قرية عيلبون في منطقة الجليل أقصى غرب بحيرة طبرية، التي يسكنها مسلمون ومسيحيون، وقد هاجر أغلب سكانها في نكبة عام 1948 إلى لبنان، لكن أعدادا كبيرة منهم تمكنوا من العودة بعد أيام من تهجيرهم.
مخيمات الشتات
ومن المقرر أن تجوب خارطته الضخمة 45 بلدة في فلسطين وخارجها، وستكون مخيمات اللاجئين في الأردن واحدة من هذه المحطات، لجمع بصمات بألوان العلم الفلسطيني.
ويهدف مشروعه للتذكير بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى قراهم وديارهم الأصلية، وتفنيد المقولة الإسرائيلية إن "الكبار يموتون والصغار ينسون".
وتقول الناشطة في مشروع بصمة هبة عبد الحميد -وهي من مدينة الناصرة- إن الفكرة تحمل رسالتين: الأولى للعالم العربي ومضمونها "أننا عرب، وما زلنا متمسكين بأرضنا وندافع عن هويتنا العربية".
أما الرسالة الثانية فموجهة لفلسطينيي الداخل، من أجل التأكيد على هويتهم العربية وامتدادهم الثقافي ووحدتهم الاجتماعية مع كل أبناء فلسطين.
ومن المقرر أن تعود الخارطة بعد جمع البصمات لتعلق على جبل القفزة في مدينة الناصرة، تمهيدا لتسجيلها في موسوعة غينيس كأكبر خارطة فلسطينية، إلى جانب أرقام قياسية أخرى.
أرقام قياسية
وفي سياق فعاليات مشروع "بصمة"، يقوم المتطوعون بتشكيل أكبر لوحة من الخبز منتهي الصلاحية بمساحة 180 مترا، وعليها عنوان قصيدة "فكر بغيرك" الشهيرة للشاعر الفلسطيني محمود درويش، للإشارة إلى مأساة آلاف البشر الذين يموتون جوعا سنويا.
كما يعمل المتطوعون على إنجاز أكبر مجسم لشجرة زيتون مستخدمين 48076 علبة بلاستيكية، للإشارة إلى معاناة الطبيعة من مغلفات الطعام التي لا تتحلل.
وعلى هامش احتفالية إنجاز أكبر خارطة ببصمات الفلسطينيين، سيعرض المؤرخ والباحث الفلسطيني أحمد مروان من مدينة الناصرة أكثر من عشرة آلاف صورة، وهي جزء من أرشيفه الذي يحوي أكثر من ثلاثين ألف صورة لتاريخ فلسطين في حقب زمنية مختلفة.
ويعتقد القائمون على هذه الفعاليات أنها ستسلط الضوء على الواقع الثقافي والوطني لفلسطينيي الداخل المحتل.