07-06-2015 09:19 AM
بقلم : مطلب العبادي
في العام 2006 كنت رئيسا لإحدى قاعات الثانوية العامة ، توسمت خيرا بالمراقبين ومنعت حمل جهاز الهاتف النقال داخل غرف المراقبة حسب التعليمات ، أحدهم ألح علي بحمل هاتفه لمدة نصف ساعة لأنه ينتظر اتصالا من المستشفى الذي تحتضر فيه عمته فوافقت ، بعد ربع ساعة وكان امتحانا للغة الانجليزية ، رن هاتفه فأشار إلي من بعيد وخرج ودخل مكانه زميل آخر ، لم يتحدث أمامنا ونزل للطابق الارضي ، لم اتبعه لكني سمعت صوته فاسترقيت السمع لحالة الشك التي انتابتني ، فإذا به يردد (a b c f ) فعرفت أنه يُملي الإجابات لأحدهم في قاعة أخرى يخصه ، شقيق أو صديق.
ولأني أعرف في حينه الانفلات والضعف الإداري حتى من رأس الهرم التربوي ، يرافقه الانفلات الامني ، وان حبال الدولة طويلة ، وقد ينقلب السحر على الساحر ، طلبت منه المغادرة فورا وعدم العودة ودون تخاذ إجراء قانوني وأقسمت بيني وبين نفسي ان لا اعود لهذا العمل وقد حصل وتقاعدت في العام 2014 ولم أُشارك في الامتحانات لثماني سنوات متتالية.
ولأن ثقافة الغش استشرت بين الناس وصار ضبط الامتحانات استثناء ، وصار الحلال حراما والحرام حلالا زاد الوضع سوءا، وازدادت وتطورت فنون الغش ، وصارت التعليمات والتوجيهات الدينية والدنيوية لا تساوي شيئا مع هذا السيل الجارف من الانحراف ، جاءت حكومة النسور وبالرجل الذنيبات الذي وضع يده على الجرح ولا أدري كيف توصل لسلاح الردع الذي كنت أجزم ان ليس عنه بديلا ،وكان أمنية في الخيال، فطبق التعليمات بصرامة منقطعة النظير ، فأُقفلت مدارس ولم ينجح منها أحدا وحُرمت قاعات بأكملها ، وصار الضجيج والهجيج الذي انتهى بالخضوع والرضا اخيرا،وعادت نسبة عالية من الهيبة للامتحان والذي جعلنا نحس بالاطمئنان والأمان بوجودنا كتربويين وخاصة القدامى .
إن ضبطك لإمتحان الثانوية العامة يا ذنيبات كان مفخرة وأعجوبة تستحق عليها جائزة الدولة التقديرية ، وقد كان لديك مائة ألف او يزيدون من الطلاب ، وبضع مئات من رؤساء القاعات وعانيت ما عانيت ، فكيف بما يقارب نصف مليون طالب وآلاف من مديري المدارس ورؤساء الاقسام ، عشرات الآلاف من المراقبين في الامتحان التحصيلي الذي اخترعت، ستجند كل المحاكم الاردنية وسجون الدول المجاورة لهم فنسبة الفساد ستزداد وأنت سيد العارفين فالقاعدة تقول في الكثير تجد الكثير ، وقبل ان أختم أسوق لمعاليك قصة أحد المعلمين المراقبين الذي سمعته يتحدث بافتخار كيف قام بتوجيه أحد الطلاب كيفية الغش وسلوك نفس الطريق ونفس النافذة التي تسلقها قبل سنوات ، بل نفس المقعد بجانب النافذة ، ومثل هذا أعداد هائلة تخرجوا في السنوات العشر الاخيرة ليسوا فاسدين فحسب بل لا يُجيدون كتابة فقرة دون أخطاء إملائية تزيد عن الثلثين من كلماتها ، وهم الآن رؤساء قاعات ومراقبين .
ذنيبات يا عزيزي رائحة الإمتحان فاحت بل انتشرت رائحته لأن فاحت تستخدم للرائحة الطيبة ...تسربت الأسئلة وتم تقديم الإجابات أيضا يا سيدي ..وكنت اتمنى أن تواصل العمل على امتحان الثانوية العامة فقط وتوصله إلى الصورة الكاملة المشرقة كما كان قبل عقود .... وعلى رأي مذيع ال mbc ( تبع) الرياضة (فشوه) اللي ورطك يا ذنيبات بامتحان الصفوف التحصيلي...