08-06-2015 04:03 PM
بقلم :
لم تعد السياحة وفق مفهومها الحضاري المتطور مجرد سفر، وتجواُل في الأسواق والمطاعم، وسهر الليالي؛ بل هي اليوم - كما تؤكد الدراسات الحديثة - من أكثر الصناعات نمواً في العالم، ومن أهم القطاعات الاقتصادية التي تحرص عليها الدول، وتعتمد عليها في تحسين دخلها، وفي توفير فرص العمل المناسبة لشبابها وشاباتها، والمساهمة في دفع عجلة التنمية، وتنويع مصادر الدخل.. وفوق ذلك هي رسالة حضارية قوية للتواصل بين المجتمعات.
وبالنظر إلى السياحة في بلادنا، رغم أننا من أكثر دول العالم ثراءً في المناطق التاريخية، والتنوع المناخي والجغرافي والثقافي، ووجود سواحل العقبة والبحر الميت والصحاري والجبال والأماكن الطبيعية الساحرة، والأماكن المقدسة مثل المغطس ومكاور وجبل نيبو وسيدة الجبل وكنسة مار الياس وجبل القلعة والاردن من الدول التي نزلت بها الديانات السماوية والمقامات الاسلامية وغيرها
يبدو وضع سياحتنا الداخلية مختلفاً، ولا نبالغ إن قلنا متخلفاً متناقضاً، وأحياناً مبهماً غير واضح الملامح .
كما تؤكد الإحصاءات - من أكثر الشعوب "سياحة" في أرض الله "مليون سائح سنويًّا"، ومن أكثر السياح "سخاء" في العالم؛ "ينفقون أكثر من مليار دولار"، يضخونها في اقتصادات الدول الأخرى "فرحين" راضين بما سخره الله لهم من فرص عديدة للسياحة خارج الاردن، والاستمتاع بالخضرة، والماء، و"الوجه الحسن"، والتنظيم، والترفيه، والخدمة، والسعر الجيد خارجياً".
ومن هذا المنطلق الوطني نتوجه لوزارة السياحة والآثار، ولوزيرها الفايز، وهو الإداري الشاب، والمتحدث المتمكن، والمثقف الواعي، والمسؤول المؤهل.. وهي صفات لا نجامله فيها؛ بل هذا "حقه علينا"، ولن ننازعه إياه، إلا أن من حقنا عليه - وهو الذي أمضى أكثر من "10 اعوام" رئيسا لهيئة تنشيط السياحة ووزيرا للسياحة الاردنية أن يتقبل استفساراتنا في ظل عدم وجود خدمات سياحية متقدمة في بلادنا، تتناسب مع طموحاتنا ومتطلباتنا التنموية، وفق ما يأتي:
يا معالي الوزير ..
ماذا قدمت الوزارة من أجل تنظيم قطاع السياحة، والمحافظة على الآثار التاريخية منذ تأسيسها؟.. ونأمل ألا "يغدق" علينا بيروقراطيو الهيئة بالكثير من القرارات والخطابات التي تم اتخاذها، والتي لا تقول شيئاً واضحاً بقدر ما تزيد الأمور غموضاً؟
ما نسبة النمو الحقيقي للسياحة الداخلية بما يتوافق مع مكانة الاردن وقيمها التاريخية والدينية؟ وما أبرز المعوقات في هذا الجانب؟
ماذا تم بشأن الاهتمام بمقتنيات المتاحف والمحافظة عليها، ودعم العمل الأثري والتنقيب في المناطق التاريخية؟
لماذا لا تزال أغلب مناطقنا التاريخية العريقة المشهورة، ام الجمال وطبقة فحل وقلعات كثيرة السلط والكرك والشوبك وعراق الامير على سبيل المثال .. أماكن مهملة، تُكتب عليها وبها مذكرات المراهقين "وشخبطاتهم
ولماذا الحرص على إقامة مهرجانات سياحية في الصيف مملة الفعاليات، وعشوائية التنظيم؟
ماذا فعلت الوزارةفي الحد من جشع التجار، وخفض أسعار الأجنحة الفندقية والشقق المفروشة والفنادق، التي تصل في بعض المواسم لـ180 دينار اليوم الواحد؛ ما يجعل المواطن السائح يخسر الكثير من المال إن أراد السياحة داخل بلده؟!
لماذا ركنت الوزارة للبيروقراطية، ولم تسعَ لجعل السياحة قطاعاً استثمارياً فاعلاً في مجال تطوير الخدمات، وبناء الفنادق، والترفيه..إلخ؟
كم بلغ عدد الفرص الوظيفية الجديدة التي وفرتها الوزارة للمواطنين الاردنيين في مجال السياحة؟
لماذا متاحفنا في المدن الرئيسة والمحافظات تفتقد العناية، بما يضعف قيمة ما يُعرَض فيها من مقتنيات، ولا تجد لها اهتماماً كما ينبغي؟
ماذا فعلتم في "لملمة" مسؤوليات السياحة وصلاحياتها الموزعة على أجهزة حكومية أخرى هنا وهناك؟
ماذا تم في تفعيل الشراكة مع القطاعين العام والخاص والملكية الاردنية في مطار يملكه الاجانب ولا نستطيع انتظار اي شخص من فاتورة الانتظار ووكالات السفر والسياحة والمنتجعات السياحية، بما ينعكس إيجاباً لصالح السياحة وأهالي المناطق مالياً وثقافياً واجتماعياً؟
ماذا فعلتم لتوسيع قاعدة السياحة؛ لتشمل السياحة البيئية والموسمية في المحميات الطبيعية، إلى جانب السياحة الدينية ؟
متى نرى سواحل رملية جميلة، ومنتزهات سياحية متميزة، ومراكز ترفيه وملاهي أطفال عالية المستوى، بأسعار مقبولة، في العقبة والبحر الميت وماطق جرش ووادي رم والبتراء وطبقة فحل وام قيس وغيرها من الأماكن والمناطق المميزة سياحياً؟
ماذا فعلت الوزارة في معالجة النقص، وضَعف خدمات النقل، واستراحات الطرق بين المدن والطرق الصحراوية وطريق وادي عربة ؟
ماذا فعلت الوزارة من أجل بقاء السائح الاردني في بلاده؟
ونتساءل: لماذا مسؤولو الوزارة وهيئة تنشيط السياحة من أكثر المسؤولين الذين يقضون إجازاتهم السنوية في السياحة الخارجية تحت أعذار المشاركة في افتتاح المعارض، وعرض المقتنيات التاريخية الاردنية، التي لا تقيمها هيئة تنشيط السياحة للسياحة والآثار إلا في أشهر الصيف وخارج الاردن؟!
إننا يا معالي الوزير نتطلع - وأنت الشاب المؤهَّل - إلى أن تعالِج أسباب ضَعف السياحة الداخلية، ونفور المواطن الاردني من "السياحة" في بلده، وعدم ترحيبه بها، وعدم إدراجها في خططه ومشاريع إجازته العائلية، على الرغم من وجود مقومات الجذب السياحي الكبيرة؛ فأصحاب الأمر – حفظهم الله – يا معالي وزير السياحة دعموا بقوة هيئة تنشيط السياحة للسياحة والآثار في كثير من المواقف، وبالقرارات المهمة، ومع ذلك لا تزال تجربتنا السياح معاليك غير متكاملة، وتعاني القصور الكثير، وملياراتنا نخسرها في الخارج كل عام؛ لأننا لا نعلم حتى الآن مَنْ المستهدف من السياحة يا معالي الوزير، هل هم الشعب الاردني، أم الخليجيون، أم العرب، أم العالم كله؟.. وحتى الآن لا نعلم هل سياحتنا بوضعها الحالي تستطيع المنافسة على استقطاب الجمهور في ظل وجود الثقافة السلبية والشعور بأن السياح ضيوفٌ ثقلاء، جاؤوا لمضايقتنا في بلادنا؟ وحتى الآن لا نعلم بعد أكثر من "10 اعوام" من إنشاء هيئة تنشيط السياحة سبب هذا الإهمال وعدم الجدية بأمرها من الجهات الرسمية؟
ونأمل يا معالي الوزيرأن نحظى بإجابة واضحة وحاسمة.. هل نبالِغ عندما نتطلع لوجود قطاع سياحي فاعل في الاقتصاد الاردني؟.. ثم إلى أي مدى أنت راضٍ عن السياحة في بلادنا؟