15-06-2015 04:10 PM
بقلم : م . سالم عكور
نهض الإربديون أخيراً من سباتهم الطويل عندما حاول بعض الجهلة وعديمي البصيرة والبصر إلى " قطع الشجر " .. مستغفلين مشاعر الإربديون وعاشقيها رؤية هذا الشجر يكبر ويكبر ، وكيف تكبر طموحاتهم وتتبدد ألآمهم وقهرهم كلما شاهدوه يعانق السماء بشموخٍ وكبرياء ...!! .
إربد التي لُقبت ذات يوم " بعروس الشمال " لم تجد من يُتقن إلباسها " الطرحة " ويقودها إلى مصمدها الذي طال انتظاره .. فالإرتجال دائماً هوّ العنوان الرئيس والأبرز لدى من أوكلت إليهم مهمة إخراجها بالصورة التي تليق بها ، والإرتجال لم يلمس أحاسيس ومشاعر أهل العروس الذين أبو هجرانها أو الرحيل عنها ومسعاهم الدائم هو ايصالها " لمصمدها " بصورة تؤكد أن لها من إسمها نصيب " عروس الشمال " ..!! .
ملامح مدينة إربد الموروثة من جيلٍ إلى جيل هيَّ كثيرة ومتعددة رغم التجاوز وقطع دابر الكثير منها إلاّ أن أدناها جمالاً وقيمة تُمثل فاصلاً مهماً في حياة أبناء هذه المدينة ..!!
قرارات إرتجالية تخلو من مشاعر البشر والحس بمفهوم الشجر .. نعم ، باعتقادي وبإعتقاد الكثيرين ممن عشقوا عبق اربد أن أكبر المصائب التي جاءت على مدينتهم منذ الأزل ولا زالت ، تكمن في عدم دراية القائمين على إدارة شؤونها بالنواحي التاريخية أو الإنسانية للمدينة وكيفية تطويرها بما يتناسب مع الموروث الجميل لها واحساس الوارث العاشق الذي يعيش بين حواريها الطيبة التي أصبحت مكوِّناً رئيساً للدم الذي يسري في جسده ..!! .
للإسف أن رؤساء بلدية إربد الذين تعاقبوا على إدارة شؤونها لم يولوا الجانب التاريخي للمدينة ولا الجانب الإنساني لأبنائها الأولوية التي من شأنها احترام التاريخ والإنسان ، بل جداول أعمالهم دائماً حبلى بمفهوم الجباية وتحصيل الأموال الناتجة عن مخالفات وتجاوزات كان للقائمين على المجلس البلدي الدور الأكبر في حدوثها ، ما أدى بالتالي إلى خلق الكثير من التشوهات التنظيمية داخل المدينة حتى تفاقمت وباتت حلول التخلص منها من ضُرب الخيال ..!!
منتصف السبعينيات من القرن الماضي لا زال حاضراً في ذهن الكثيرين من أبناء " عروس الشمال " حينما امتدت يدّ الغدر " بالمستنبت " ، وهو لمن لم يعيه " موقع جامعة اليرموك الحالي " ، وقطعت النسبة العظمى من الأشجار المعمرة فيه والتي كانت تُمثل متنفساً وحيداً لمدينة اربد وما حولها رغم أن الأراضي " السليخ غير المزروعة " حينها كانت كثيرة وبمساحات كبيرة وبأسعار زهيدة ، لكن فقدان البصر والبصيرة كان الأقرب إلى قطع الشجر وشموخ الحجر ..!! .
نهاية المطاف .. " عروس الشمال " تحتاج إلى الكثير من العناية وفي أمور كثيرة لا مجال لذكرها ، وتنظيم حركة مرور السير هيّ واحدة منها ولكنها ليست بالأولى ، والحلول لا يعني أن تقوم أو تتجاوز على مصلحة الغير .. فلو كان هناك في مجلس بلدي إربد من أهل الخبرة والغيرة لما أعطيت بعض الأسواق الكبيرة " المولات " الموافقات لإنشائها في أماكن مكتظة مرورياً وسكانياً أصلاً وفي مساحة جغرافية واحدة اقتسمت بينها وبين مؤسسات حكومية " كالمحافظة ومديرية الصحة والأشغال والزراعة والأراضي ودائرة المخابرات والإدعاء العام إضافة إلى ثلاث أكبر منشأآت كجامعة اليرموك وما رافق وجودها من استثمارات " اسكانات " ومدينة الحسن الرياضية ومجمع عمان ، ناهيك عن مجمع النقابات ومعهد المعلمين وصالات الأفراح المتعددة والتي بجميعها أنشئت على مدخل المدينة والشوارع الرئيسية التي تغذي وسط المدينة .. هذا التجمع في هذا البُعد الجغرافي الواحد في بقعة جغرافية واحدة " جنوب إربد " هو ما أدى إلى معضلة حركة المرور التي يعتقد مجلس بلدي اربد أن حلها يكمن في قطع بعضاً من الأشجار ..!!
تدني مستوى الرؤية الهندسية لتخطيط المدن وعدم وجود دراسات بعيدة المدى جعل من قرارات القائمين عليها ذات رؤية قصيرة وحلول آنية لم تأخذ بعين الإعتبار البعد المستقبلي لعروس الشمال فيما لو ظل هذا التخبط بيد الإرتجاليين ..!! akoursalem@yahoo.com م . سالم عكور