21-06-2015 10:50 AM
بقلم : تحسين التل
كم يبلغ عدد مراكز الإصلاح والتأهيل في الأردن، وكم يبلغ عدد المساجين والمعتقلين في السجون الأردنية. وكم تقدر نفقات السجون، ونفقات المساجين، وما هو التأثير السلبي الذي تعاني منه الطبيعة مع وجود مثل هذه المراكز.
ترى لو قامت الحكومة بتقليص عدد السجون عن طريق إغلاقها، أو تحويل بعضها الى مراكز للدراسات، أو كليات دراسية لتخريج الطلبة بدلاً من تجهيزها كسجون ومعتقلات، أو مدارس وكليات للتربية والتعليم، وعندما نركز على التربية سنخلق أجيالاً تحاسب نفسها قبل أن يحاسبها أحد.
مع الأسف الشديد؛ تتركز السجون الأردنية في المناطق الطبيعية، المناطق التي تكثر فيها الأشجار، وينابيع المياه، ومع الوقت وتكاثر المخلفات الناتجة عن السجناء، وإدارات السجون، تتسع مساحة المناطق غير القابلة للحياة، تصبح البيئة المحيطة بالسجن طاردة، وتؤدي الى تخريب شبكات المياه، وتدمير الينابيع الجوفية بسبب المجاري والمياه العادمة، ومخلفات الطعام، والملوثات البيئية الأخرى.
في الأردن سجون لا لزوم لوجودها على الإطلاق، لكن ما دام أنها أصبحت موجودة بحكم الواقع؛ لماذا لا تقوم الحكومة بتطبيق بعض الأنظمة التي تم تطبيقها في سجون الغرب، فمثلاً؛ طبقت البرازيل نظام القراءة للجميع، وكل سجين يقرأ كتاباً ويقوم بكتابة تقريراً مفصلاً عن الكتاب، تخفض الحكومة أربعة أيام من مدة محكوميته، وفي سجن آخر من سجون أوروبا، يتم تخفيض يوماً واحداً لكل 24 ساعة رياضة على جهاز العجلات المربوط بنظام لتوليد الطاقة الكهربائية.
لقد طرحت بعض الأفكار على أحد مدراء الأمن العام خلال زيارة له في مكتبه قبل أعوام، عن إمكانية الاستفادة من وجود المساجين، والمحكومين، عن طريق تشغيلهم في مهن ووفق اختصاص ومعرفة كل سجين بمهنة معينة، لكن على أن تكون خارج السجن، وعلى سبيل المثال؛ أن يبدأ العمل في تنظيف الشوارع، وزراعة الجزر الوسطية، وزراعة المناطق الصحراوية بالأشجار، والخضروات والفواكه، ومن يستطيع إنجاز ما يمكن إنجازه؛ يتم تقليص مدة محكوميته، وهنا تتحقق الأهداف التالية:
أولاً: يكون السجين أو المعتقل قد حقق الفائدة، حتى وهو وراء القضبان، وبعد خروجه من السجن وانقضاء مدة الحكم؛ يصبح عضواً فاعلاً في المجتمع.
ثانياً: قدم ما عليه من التزامات وواجبات تجاه بلده، فإذا عمل السجين في التنظيف، والزراعة، والعناية بالبيئة نكون بذلك قد خلقنا أجيال حريصة على منجزات ومكتسبات الوطن.
ثالثاً: تقليص عدد المساجين الى مستويات كبيرة، لأن السجين سيفكر كثيراً قبل الإقدام على جرم أو فعل يبعده عن أهل بيته ومجتمعه ووظيفته، وبالمقابل؛ ربما تتقلص أعداد السجون في المملكة، وتتحول الى منتجعات ومراكز كما تحول سجن سلحوب في غابة الشهيد وصفي التل.
وحتى تتحقق هذه الأمنيات؛ علينا البدء بسجن ارميمين كنموذج، فقد نشرنا عدداً كبيراً من المقالات التي تحض الحكومات على تحويله الى مركز علمي، أو ثقافي، أو كلية جامعية، فالمبنى أقرب الى أن يكون جامعة، بشرط أن تكون جامعة متخصصة في الشئون البيئية والزراعية، فتكون بذلك من الجامعات الفريدة من نوعها، وستحصل الحكومة من خلالها على مئات الملايين من المساعدات لتطوير البيئة الأردنية.
تعتبر غابة الشهيد وصفي التل من أكبر الغابات على مستوى المملكة، إذ يبلغ عدد الأشجار فيها حوالي 16 مليون شجرة معمرة، وعدد الأراضي التي تشكل الغابة حوالي 5558 دونماً وفق سندات التسجيل التي حصلت عليها من مصادري الخاصة.
أما غابات برقش، وعجلون، وجرش فتشكل الجزء المتبقي من غابات الأردن، ومع أن نسبة الغابات في الأردن تكاد لا تتجاوز ال5% من مساحة المملكة؛ هناك عمليات الرعي الجائر، وقطع الأشجار من أجل التجارة بعيداً عن الرقابة، والوزارة مقصرة في عمليات ضبط المخالفين وتحويلهم الى القضاء، وقد شاهدت خلال جولاتي المتكررة بين عجلون وجرش وغابة الشهيد وغيرها من المناطق الزراعية؛ عمليات قص وتخريب للأشجار دون خوف من أي رقابة حكومية.
أذكر بأنني صورت بعض المناطق التي قام لصوص الأشجار بتدميرها، وتحميل ما قاموا بقطعه من الشجر بالسيارات الشاحنة وكأن البلد لا يوجد فيها مؤسسات رقابية، مثل وزارة الزراعة، والبيئة، والشرطة البيئية، والجمعية العلمية الملكية لحماية البيئة والطبيعة، وأخيراً؛ رقابة الضمير.
هناك مجازر تحدث في الغابات، ومن هذا المنطلق أرسل رسالة الى كل الجهات المعنية في الدولة؛ إذهبوا الى غابة الشهيد وصفي التل، وغابة جرش، وعجلون، وبرقش، وغيرها، وشددوا الحراسة، وضيقوا الخناق على تجار الأخشاب الذين يحملون سرقاتهم أمام أعين الناس، وربما تمر السيارات وهي محملة بالأخشاب من أمام دوريات الأمن العام كما شاهدتها قبل أيام على الطريق المؤدي الى سيل جرش.
وبالعودة الى موضوع السجون؛ نؤكد على أن مراكز الإصلاح والتأهيل يمكن تجميعها في منطقة صحراوية واحدة لا تؤثر على البيئة المحيطة بها، وبدلاً من أن يكون هناك عدداً من المراكز متناثرة في جميع أرجاء المملكة، تقتصر هذه المراكز على مجمع واحد يستوعب كل المساجين والمعتقلين، وتحويل السجون الى مراكز ينتفع منها المواطن الأردني والدولة على حد سواء.
لا يمكن للعقل البشري أن يستوعب فكرة إنشاء سجن في وسط غابة، أو يتم تقطيع مئات الأشجار من أجل إنشاء جدران من الإسمنت، ضررها أكبر من نفعها على البيئة الأردنية..
أيها الشعب الكريم؛ لنرفع شعار التخلص من السجون والى الأبد، ولنبدأ بسجن ارميمين ونجعله نموذجاً جميلاً للمحافظة على البيئة، وليكن سجن ارميمين جامعة لتدريس المساقات البيئة والزراعية والعلمية، وهذه مناشدة الى صاحب الأمر وولي الأمر بأن يتكرم ويصدر أوامره بتحويل السجن الى جامعة، ويخلصنا من بقية السجون في المملكة، وتجميعها في مكان صحراوي واحد (مجمع للسجون) على أن يكون الهدف من وجودها لخدمة البيئة، وزراعة الرقعة الصحراوية بالشجر، وليكن النخيل هو الشجر الذي ننثره في الصحراء، فالنخيل هو الوحيد القادر على تحمل كل الظروف البيئية.