23-06-2015 01:14 AM
سرايا - سرايا- قد يكون من النادر ان تجد احد "الصناعية" يعمل خلال ساعات النهار الأولى، فيما بات العمل بالليل اكثر انتشارا وتحديدا مع بداية شهر رمضان المبارك.
في الأحياء الشعبية والراقية على حد سواء، بات مألوفا ان تزدحم الأماكن العامة بعد الإفطار مباشرة وحتى ساعات متاخرة من الليل، ولكن هذه المرة ليس بدافع السمر بل بدافع العمل وجذب الرزق.
ابو فراس لم يستطيع العمل في كراجه نهارا فتحول للعمل بالليل وكذلك فعل ابو محمد العربي صاحب ورشة الحدادة فيما طلب صالح "معلم طوبار" من صاحب الورشة التي يعمل بها إحضار كشافات إنارة للعمل في الليل اما الصيدلي فراس فبات يغلق صيدليته قبيل الفجر بقليل.
العمل بالليل بدأ يزداد انتشارا نتيجة الارتفاع الكبير على درجات الحراراة، فيما زادت الأوضاع السياسية من حالات السهر الليلي فيما تقلصت ساعات العمل النهاري.
ومع قدوم شهر رمضان المبارك تبدا الورشات الحدادة والنجارة وكراجات الميكانيك تعمل حتى الى قبيل الفجر في المقابل، فإن اغلب هذه المحال تغلق أبوابها خلال ساعات النهار.
ولم يقتصر الأمر على ذلك فبعد خمول يوم رمضان الطويل تدب الحياة فجأة في شوارع ومقاهي ومطاعم وأسواق ومتاجر وصيدليات اغلب المدن ليتحول ليلها الى شبه نهار من شدة الازدحام.
هذا التغير الكبير في حياة الكثير من المواطنين الأردنيين فرضته التحولات الاجتماعية والظروف الاقتصادية، الا ان ارتفاع درجات الحرارة ادى ان يتحول الكثير من اصحاب المهن للعمل ليلا، متخليين عن راحتهم وواجباتهم الاجتماعية وبعض والواجبات الدينية.
يقول صاحب كراج مكة "للميكانيك" متعب فريحات ابو فراس إنه لم يستطع الاستمرار في العمل خلال ساعات النهار الطويلة، ورغم محاولته انجاز بعض المهام، الا ان حرارة الجو جعلته يتباطأ في انجازها، بل أدت به الى فقدان التركيز والارهاق؛ ما اضطره إلى تأجيل الكثير من الاعمال الى الليل، مشيرا إلى ان المدينة الصناعية في جرش تقترب على الاغلاق فيما تبدأ الحياة فيها بعد صلاة التراويح.
ويؤكد ابو فراس ان العمل في الليل رغم الارهاق الذي يصابحه واضطراره للتخلي عن الكثير من الواجبات الاجتماعية الرمضانية، الا انها افضل بكثير من العمل في النهار.
ويضيف ان الواجبات الاجتماعية لن تطعمني ولن تسقيني، وبإمكاني أن أعوض الاقارب في وقت لاحق، لكن العمل أبدى وخصوصا اننا مقبلون على أعياد وهناك متطلبات اخرى عديدة.
يؤكد فراس الذي يمتلك صيدلية بالقرب من منتزه مدينة جرش انه لم يغلق صيدليته منذ اليوم الاول لرمضان قبل الساعة الثالثة صباحا.
ويضيف ان العمل بالليل بات اكثر راحة، ولكنه غير مجد ماديا؛ نظرا لأن مهنة الصيدلة مرهون بالعيادات الطبية والمستشفيات، إلا انه يؤكد ان جم البيع في رمضان يتضاعف ليلا.
معلم "الطوبار" صالح فقد طلب من صاحب البيت الذي يعمل به احضار كشافات للعمل بالليل؛ نتيجة فقدانه للوعي واصابته بضربة شمس جعلته يرقد في الفراش لأيام.
ويؤكد صالح ان العمل في ساعات متأخرة حرمه من الاستمتاع من الأجواء الرمضانية، ولكنه مضطر للعمل في هذه الظروف، مشيرا إلى ان ليله بات نهارا، ونهاره بات ليلا.
وقال صالح إن طبيعة العمل الذي يؤديه تضطره للبقاء ساعات طويلة تحت اشعة الشمس، ونتيجة للارتفاع الكبير في درجات الحرارة "لم استطع الاستمرار في العمل؛ حيث تعرضت لضربة شمس".
ويضيف: "بما انني مجبر على العمل قررت ان أواصل شغلي في الليل".
ابو محمد العربي الذي يعمل في ورشة حدادة اكد انه بات يمضي معظم نهاره في قضاء بعض المصالح الخاصة والاستراحة من عناء العمل في الليل.
ويقول العربي إنه اعتاد على ذلك، ومنذ ان يبدأ الصيف اقوم بقلب اوقات الدوام، مشيرة إلى انه يستمر في العمل حتى قبيل الفجر، مؤكدا ان عمله هذا جعلته يستغل اوقات الفراغ في التعبد وإقامة الليل.
اما الواجبات الاجتماعية فيشير العربي إلى انه يستطيع إرجائها الى أوقات أخرى، اما العمل فمن الصعب تأجيله نتيجة متطلبات الحياة.