حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,25 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 24566

بلطجة تحت مسميات أخرى في الشارع العام

بلطجة تحت مسميات أخرى في الشارع العام

بلطجة تحت مسميات أخرى في الشارع العام

23-06-2015 09:26 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. مفلح فيصل الجراح
تنتشر ظاهرة العصبية الزائدة في مجتمعنا وتتصاعد بشكل مخيف ، حيث تعلو الأصوات ، وتتوغل الآراء ، ويذوب الاستماع للآخر، وتقاس المراجل بشدة تلك العصبية وارتفاع حدتها ، فانعكس ذلك نهجا حياتيا معاشا ، ارتفعت فيه أصوات زوامير سياراتنا ، وضجت موسيقى معزوفاتنا ، و غابت متعة تسوقنا ، وتبخرت همسات الحب بيننا ، حتى أصبحت لهجتنا الجميلة غير مفهومة وطاردة لكل لحظات الهدوء التي نفتقدها ، فهل ترتبط العصبية الزائدة بالبلطجة وغياب القانون ؟
إذا ما الذي يجري ؟ فنحن شعب تحترمه كل الشعوب ، بل تغبطنا على حياتنا وأحوالنا ، فقد اخبرني احد السوريين اللاجئين في الأردن أن حياتنا رائعة ، جميلة ، آمنه ، مستغربا من بعض تصرفاتنا فهو مذهول للغاية أن شرطي السير أوقف احد السائقين فنزل هذا السائق حاملا معه اداة حادة مهددا متوعدا والشرطي صامت دون حراك بينما اخذ بعض المارة يحاولون تهدئة السائق دون جدوى وكل ذلك وسط ذهول السوري الذي قال لي لو أن هذا الأمر حدث في سوريا لغاب هذا الشخص عن الوجود دون أن يستطيع أهله السؤال عنه ! فكم من سوري شاهد هذا المشهد ؟ وما هي ردة فعلهم وانطباعهم وخصوصا اذا طال وجودهم هنا؛ وتكررت مثل هذه المشاهد .
فإذا لم تستطيع أيها العصبي أن تضبط عصبيتك فلتكن في بيتك بعيدا عن الناس ،لان عصبيتك هذه تؤذي مشاعر غيرك وتؤذي الوطن برمته ، فتمهل وتذكر أن في مقابلك إنسان قد يكون عصبي مثلك فتقع الحادثة التي أنت في غنى عنها . فعند مرورك ببائع الفاكهة على العراباية ولمجرد سؤالك له عن السعر ولم تشتري انهال عليك بالشتائم والألفاظ القبيحة ، وإذا كنت في الطريق تقود سيارتك بروية انهالت عليك الزوامير والسباب ، وإذا أردت أن تشتري حاجه من محل ما وأخذت تداعب صاحبه بكلمات مهذبه رقيقه يغضب ويرفض أن يبيعك ، وإذا قمت بمراجعة دائرة حكومية فمصير معاملتك يعتمد على مزاج ذاك الموظف المختص الذي تراجعه ، والأمثلة كثيرة ولا تحصى ، وفي المقابل هذا لاجئ ثان في الأردن مبهور لدى مشاهدته رجل الأمن يطرح عليه السلام ويرحب به ويهب لنجدته ، وآخر غير مصدق لما يسمعه من آراء الأردنيين وأحاديثهم في الشارع وسخطهم الشديد على بعض المسئولين رغم حساسية مواقعهم ؛ ودون مساءلة أو حسيب من احد ، وكأن لسان حال أولئك اللاجئين يقول كيف يحدث هذا في بلد عربي !!
والسؤال المطروح كيف نكبح جماح تلك العصبيات غير المبررة وتلك التصرفات غير اللائقة؟ وخصوصا أن أصحابها لا يخشون القانون ولا رجال الأمن ، انما الإستقواء غالبا ما يكون على الإنسان المستقيم لأنه بفطرته يحترم القانون ولا يتجاوزه ، وعلى ضوء هذا الفهم في تطبيق القانون ظهرت حالة من عدم الثقة بين المواطن والسلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية يجب تداركها في أسرع وقت ممكن ، فعلى الحكومة وبحكم وظائفها السيادية في حماية الوطن والمواطن ، أن تتدخل فورا لوضع حد لما يحدث في الشارع العام خصوصا وأنها متهمة بان كوادرها الكبيرة بعيدة عن الشارع ولا يعرفون ماذا يجري به ؛ ولكن هذا لا يمنع أن تلتفت حكومتنا إلى محاربة هذه الظاهرة الخطيرة التي تعتدي على كرامة مواطننا وقوته اليومي ، لان امن الشارع الخطوة الأولى في بناء بلد امن ومستقر ، وهنا لا نطالب الحكومة بأكثر مما تطيق ؛ فليس من مهماتها الدخول إلى بيوت الأردنيين والتعرف على طباعهم ومزاجهم ولكن من صلب مهماتها ضبط ما يجري في الأماكن العامة ، وتطبيق القانون على الجميع ، وتفعيل دور الرقابة العامة على منشآتها وكوادرها ، والأخذ ما أمكن بمسببات تلك التصرفات العصبية والتي تختلط كثيرا بالبلطجة المؤذية ، وعلى السلطة التشريعية سن قوانين رادعة و حاكمة لكل من يثير الرعب بين المواطنين وخصوصا أولئك الذين يحملون السيوف والبلطات في الشوارع دون رادع أو رقيب ، و ضمان حماية المتأذين من أفعالهم الذين يهابون متابعة شكواهم لتعرضهم للتهديد المباشر من قبل المعتدين عليهم ، وهنا تظهر وبقوة العشائرية وروابطها التي تهب للثار لمصابها ، وهذا يقودنا إلى أن الحياة حلقات متسلسلة مرتبطة ببعضها البعض لا بد من المرور إليها جميعا، ومعالجة الخلل فيها دون القفز عن إحداها ، لان في ذلك عدم تحقيق المراد من عملية التصحيح برمتها .








طباعة
  • المشاهدات: 24566
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم