حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,23 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 31823

خــرجـــت ولـــم تعــــد

خــرجـــت ولـــم تعــــد

خــرجـــت ولـــم تعــــد

27-06-2015 01:50 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : عمر كلاب
كان هذا الإعلان سائداً في صحفنا الأردنية، (خرجت ولم تعد) ، وكان مضمون الإعلان دوما خروج خادمة من بيت عملها بالعادة ، وإذا ما كان مضمون الإعلان محليا فتكون السيدة مصابة بمرض عقلي ما ، وما دون ذلك لم يكن هناك حديث عن خروج دون عودة ، كانت اطول طلعة لفتاة اردنية الى مكان عملها أو أحد أقاربها من الدرجة الأولى ، ودون ذلك فإن الخروج يحتاج الى موافقات وترتيبات وأحيانا تواطؤ من الشقيقة الكبرى أو الأم ، طبعا يكون الخروج مصحوبا بأحد الاشقاء الصغار .

تطور مفهوم الخروج مع تطور المجتمع ، وحازت الفتاة على حرية أكبر وإن بقيت حرية محدودة ومقيدة لكنها حرية افضل من حرية اجيال الثمانينيات وما قبلها ، الذي حصر غياب الفتاة بغياب الشمس على أعلى تقدير ومهما كانت الأسباب ، فالعودة يجب أن تكون قبل إشعال أضواء البيت ، وكان التأخير يستوجب الفأل السيء بحدوث مكروه من نوع ما ، وأذكر كيف كانت المرأة معفاة من طوابير الدور على سيارات السرفيس وحافلات النقل العام وأي طابور آخر وأظنها حتى ايامنا هذه ، فالمرأة قيمة اجتماعية كانت وستبقى .

اليوم أصبحت هناك (موضة) غريبة اسمها (خرجت ولم تعد) ، وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي تتعامل معها بطريقة فضائحية وليست كعين للعدالة او مساعدا لها ، ولا أجازف بالقول انها (موضة) قابلة للتقليد ، فحب الشهرة وشهوتها على مواقع (النميمة والتواصل) يجذب أجيالا صغيرة على ابواب المراهقة ، كما أن اصرار بعض الأهالي على تكثيف الرقابة على الصبايا وإغلاق الأبواب عليهن في العطل والإجازات يفتح الباب لحدوث مثل هذه الظاهرة ، خاصة أن كل فتاة تملك هاتفا مشحونا برصيد مكالمات وحزمة انترنت ، وهذه أسلحة تسقط امامها نظرية (الأبواب المقفلة) وعويل الأهالي بأن الفتاة لا تخرج من المنزل أبدا ، على اعتبار ان ذلك دليل على الأدب والحشمة للأسف ، حديث مجروح .

نتحدث عن ظاهرة موجودة ، لأن حجم الايلاغ في هذه الحالات محدود جدا ، واللجوء الى الأمن بالعادة يكون بعد فشل كل اساليب الاهالي في البحث والتحري ، ولعل الحادثة الأخيرة ستقلل من حجم اللجوء الى الامن ، بوصفه جزءا من معادلة الشائعة ، فبيان الأمن في هكذا أمور يجب أن يكون حصيفا ومشغولا بعناية في مجتمع ما زال على قناعة بأنه “محافظ” رغم اختلال النسبة بشكل كبير ، وتطور مفهوم المحافظة كثيرا ، فالأسرة التي تلتئم قبل منتصف الليل بساعة أسرة محافظة بالمعنى الجديد .

على الأهالي الالتفات كثيرا الى الابناء ، طبعا غياب الأبناء الذكور ايضا بات ظاهرة لافتة ولكنها لا تستدعي كل هذا الحديث المركز في وسائل (النميمة والتواصل) ، فالحصار البري والأرضي ليس دليل محافظة مقابل انفلات الكتروني ، فمعظم الأسر تفاخر بحداثة اجهزة الابناء المحمولة ولكن دون توعية وتربية ، فصرنا مثل النعامة فعلا وقولا ، نغلق الأبواب ولكن الحياة كلها على هذا الجهاز الصغير ، والسجين بحاجة الى الحرية، والوعي وحده الذي يصنع او يحدد الفواصل بين الحرية والانفلات.

ثمة جملة مهمة وردت في احد الأفلام مفادها: “اغلقوا الأبواب على الأبناء ولكن اعطوهم المفتاح” ، والمفتاح هو الوعي والتربية السليمة القائمة على المحبة، وعكس ذلك سنبقى نلحظ تزايد ظهور إعلان “خرجت ولم تعد” .








طباعة
  • المشاهدات: 31823
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
27-06-2015 01:50 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم