27-06-2015 09:58 AM
سرايا - سرايا - في «ما بعد الياء.. أعمال شعرية وشقائق نثرية» يقدم لنا الشاعر العراقي المقيم في باريس عبدالقادر الجنابي شعرا يتسم إجمالا بالكثير من الصور الموحية لكن بسمة ربما أرهقت القارىء. فالشاعر يستغرق في «الألعاب العقلية» بما ينقلنا إلى بعض الذين أغرقوا قراءهم في الماضي في عالم البديع بجمالياته وبما يؤذي الجماليات أحيانا. قصائد الجنابي تحتشد بالرمزي والمجازي وصولا إلى السريالي أحيانا. وليس في وجود كل ذلك ما يسيء إلى النص الشعري لولا الإكثار فيه. هذا الإكثار الذي يعطي للعمل ما يوحي باصطناع وافتعال، فيتحول ما كان منتجا للجمال إلى منتج للضيق والشعور بالإرهاق. ويصح في بعض نصوص الجنابي ما قيل في فن البديع وما أعطاه من طباق وجناس ومحسنات معنوية ولفظية أخرى مما بلغ ذروته وبجمالية عند الشاعر أبي تمام قبل أن يتحول إلى افتعال وأحيانا إلى نوع من لزوم ما لا يلزم. وقضى هذا الإغراق على الجمالية التي أعطاها هذا الفن للشعر العربي. ويومها قيل في البديع ما يمكن أن يقال في بعض نتاج عصرنا، إذ قيل إن المحسنات البديعية المعنوية واللفظية هي أشبه بالملح في الطعام.. قليله يجعله طيبا مستساغا وكثيره يفسده. جاءت مجموعة عبدالقادر الجنابي الشعرية في 397 صفحة متوسطة القطع بلوحة غلاف للفنان الهولندي جيروم بوش وصدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت وعمان. في ختام الكتاب قال الشاعر عن نتاجه المتنوع الممتد عبر زمن طويل «يضم هذا الكتاب الجزء الأكبر مما نشر لي من قصائد وشقائق خلال أربعين عاما من التحليق الشعري» في مجلات وصحف عربية عديدة. أما ما اسماه شقائق فهو كناية عن كتابات نثرية فنية تطول إلى حد نصف صفحة أو تقصر إلى حد السطر أو السطرين. وقد شملت هذه المجموعة القسم الأكبر مما نشره من نتاجه من سنة 1973 إلى سنة 2014. وعبد القادر ناجي علوان الجنابي شاعر عراقي ولد في بغداد سنة 1944 وقصد لندن سنة 1970 ومكث فيها أكثر من سنتين ثم قصد باريس حيث يقيم. تبدأ المجموعة -وهي تضم نتاجا من نوع قصيدة النثر- بقصيدة عنوانها «هكذا» تتميز بمجازية ومجردات وبتصوير رمزي وأجواء أقرب إلى السريالية. يقول «تشرب الساعة الأولى /من جرن النهار/ دون أن تحدث أي ضجيج/ قد يوقظ ليلة بكاملها/ تنهض وتسير هكذا/ دون أن يكون لها ظل/ طيف شعاع/ تنداح فوق أديم كل هذه اللحظات/ الآتية من فجاج اللاشيء/ لحظات يضطلعها الوقت/ هكذا دون أن يؤجل منها ليل فجر/ أو طير يزدوج/ تحت شبكة من الضوء». -