28-06-2015 10:04 AM
بقلم : حازم خالد ابوعويضه المشاقبة
يشهد العالم اليوم اهتماما متزايدا بالإعلام و وسائله,كما يشهد تطورا متعاظما في أدواره و خاصة المتعلقة منها بتحقيق التنمية,و تحقيق التفاعل السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي,و تنمية الإحساس بالوفاق الاجتماعي,و تحديد القواسم المشتركة في المجتمع,و لعل ذلك يعتمد بشكل كبير على كيفية حسن استخدام هذه الوسائل و إدارتها إدارة جيدة في موضوع ذي أهمية خاصة كالتنمية,و التي تُعد نوعا خاصا من التغير الاجتماعي من خلال إحداثه تحولا واسعا في تنمية المجتمع.
يقسم الخبراء السياسة الإعلامية الأردنية إلى فترات يمكن إجمالها بما يلي :
الفترة الأولى : 1920 -1946 :
إن الصحافة الأردنية ولدت بالتزامن مع ولادة الدولة الأردنية , فمع بداية تأسيس الإمارة أصدرت أول صحيفة في الأردن عام 1921 وهي صحيفة الحق يعلو ومع الوصول المتأخر للمطبعة عام 1923 ظهرت أول صحيفة مطبوعة وهي الشرق العربي وتلا ذلك إصدار صحف عدة.
بعد هذه الفترة من عمر الأردن وعمر الصحافة الأردنية وما يعانيه الأردن والبلدان العربية من الإستعمار والإنتداب البريطاني والفرنسي دعت هذه الصحف إلى ضرورة الإستقلال والوحدة العربية وكانت تعنى بالأدب والشعر .
على الرغم من عدم وجود سياسة إعلامية مكتوبة في هذه المرحلة إلا أن النسق فيها متشابه إذ كانت الملكية للصحف حكومية في البداية وتحولت إلى خاصة وكانت تتعرض إلى الإغلاق والتعطيل وتعرض الصحفيين للسجن وبسبب قلة الموارد والإمكانات كان عمرها قصير نسبيا ولم تعتمد على أخبار وكالات الأنباء وعانت من الرقابة الصارمة وكبت للحريات .
المرحلة الثانية : 1946 -1970 وتعتبر البداية الحقيقية للإعلام الأردني :
على الصعيد الإعلامي كان ما يلي:
1- ظهور الإذاعة الأردنية عام 1948.
2- صدور الدستور الأردني الجديد عام 1952.
3- صدور قانون المطبوعات عام 1953 كما شهد العام نفسه تأسيس نقابة الصحفيين.
4- أنشئت مديرية التوجيه الوطني بإرادة ملكية عام 1958 وشملت الإذاعة الأردنية ومديرية المطبوعات والنشر ودائرتي السياحة والآثار.
5- إنشاء وزارة الإعلام الأردنية عام 1964.
6- إفتتاح التلفزيون الأردني عام 1968.
7- إنشاء وكالة الأنباء الأردنية عام 1969.
أما على الصعيد السياسي فقد مر الأردن بسلسلة من الأحداث والتطورات التي أثرت على السياسة الإعلامية الأردنية :
1- إستقلال الأردن عام 1946.
2- حرب عام 1948 وإعلان قيام دولة إسرائيل على جزء من الأراضي الفلسطينية .
3- قيام الوحدة بين الأردن وفلسطين عام 1950.
4- استشهاد الملك المؤسس وتنصيب الملك طلال عام 1951 إضافة إلى هجرة بعض الصحف من فلسطين للأردن.
5- تعريب الجيش الأردني عام 1956.
6- إنهاء المعاهدة البريطانية عام 1957, وقرار حل الأحزاب.
7- تعرض الأردن لحملات إعلامية مشبوهة من بعض الدول الشقيقة ثم حرب عام 1967,وقرار دمج الصحف .
8- إحتلال إسرائيل كامل الضفة الغربية ومعركة الكرامة عام 1968.
9- تنامي التيارات الفكرية الشيوعية والقومية والناصرية والإخوان المسلمين بالإضافة إلى عدد من القضايا العربية والدولية مثل الانقلابات في سوريا والعراق وإعلان الوحدة بين مصر وسورية وتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية وسباق التسلح بين الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد السوفييتي .
في هذه الفترة أدركت الدولة ضرورة وجود أذرع إعلامية قوية قادرة على الدفاع عنها وأعطت القطاع الخاص الحق بملكية الصحف كما اتصفت القوانين بهذه الفترة بالاختلاف الواضح بينها فبعد صدور قانون المطبوعات عام 1953 الذي وصف بأنه متساهل ويدعم حرية الصحافة إلا أن القوانين اللاحقة في أعوام 1955و1967 وصفت بأنها تقيد الحريات وشددت على العقوبات وعلى الرغم من ضعف الإمكانات المادية وضعف في التوزيع إلا أنها سعت في المنافسة على جذب القراء والإعلانات وشهدت تطورا في المهنية والإخراج والمواضيع التي تطرح .
المرحلة الثالثة : 1971 -1989 صحافة المؤسسات الكبيرة :
نتيجة للأحداث الداخلية التي حصلت في نهاية الستينيات من قبل الفدائيين والصدام مع الجيش وتخلي الصحف عن الدولة في هذه المواجهة ونظرا لحملات التشويه للأردن من قبل بعض الأنظمة المجاورة لجأت الدولة إلى إصدار صحيفة الرأي الأردنية عام 1971. لتكون قادرة مع المؤسسات الإعلامية الحكومية الأخرى على مواجهة هذه الحملات وأن تكون ناطقا باسم الحكومة ,تبعها إصدار صحيفة الجوردن تايمز باللغة الإنجليزية الصادرة عن المؤسسة الصحفية الأردنية كما صدرت صحيفة الشعب عام 1976وصحيفة صوت الشعب عام 1983 .
على الجانب السياسي انتهت الأزمة بين الحكومة الأردنية والفصائل الفلسطينية ورحبت باستقلال الدول العربية ووافقت على الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني كما ساندت حرب 1973 ووقفت ضد معاهدة كامب ديفيد .
في فترة الثمانينات عمل الإعلام الأردني على تغطية الحرب العراقية الإيرانية وأكد على وقوفه إلى جانب العراق في الحرب ورغم قرار فك الإرتباط القانوني والإداري بين الضفتين بقي الإعلام الأردني مؤيدا للقضية الفلسطينية حتى في أوقات الخلاف بين الحكومة الأردنية ومنظمة التحرير كما وقف الإعلام إلى جانب لبنان عند اجتياحه عام 1982 من قبل القوات الإسرائيلية .
لم يتوقف الأمر على الصحف إذ عملت الدولة الأردنية على دعم وتقوية وكالة الأنباء الأردنية والإذاعة والتلفزيون والتي حظيت باهتمام الجمهور الأردني بشكل لافت بعد بثها البرامج السياسية والتنموية والثقافية ...
وجاءت السياسة الإعلامية في هذه الفترة أن الإعلام كان يعاني من قبضة حديدية نتيجة للأحكام العرفية وقانون المطبوعات الصادر عام 1973 وتعرض الصحف للإغلاق كما أن المؤسسات الإعلامية اعتمدت على شهادات الصحافة والإعلام من خريجي مصر والعراق وبسبب الدعم الحكومي لهذه المؤسسات تمتعت بإمكانيات مادية وازداد مردودها من الإعلان وتطور المستوى الفني والتقني لها واعتمدت على وكالات الأنباء وخصوصا وكالة الأنباء الأردنية .
المرحلة الرابعة :1989-2001 إعلام المرحلة الديمقراطية :
بدأت هذه المرحلة بإلغاء الأحكام العرفية وإجراء انتخابات نيابية تميزت بالنزاهة والشفافية وعادت الحياة الديمقراطية إلى مجراها عام 1989 ,وفي عام 1991 صدر الميثاق الوطني الأردني وصدر قانون الأحزاب عام 1992, واكتملت هذه الفترة المميزة من الحريات وكللت بقانون المطبوعات لعام 1993 الذي أعاد للحرية حقها المسلوب وشهدت أيضا صدور صحيفة الأسواق عام 1993ووصل عدد الصحف اليومية إلى 8 صحف و15صحيفة أسبوعية مستقلة و13 صحيفة حزبية ,كما صدرت صحيفة العرب اليوم عام 1997وتم إصدار قانون المطبوعات 1997 الذي عمل على تضييق الحريات مرة أخرى وبعدما رفضته محكمة العدل العليا صدر قانون 1998 ثم عدل مرة أخرى عام 1999 .
في هذه الفترة وعلى الرغم من عودة الحياة الديمقراطية وإنهاء الأحكام العرفية إلا أنها شهدت تعديلات على قوانين المطبوعات تباينت بين الحرية المطلقة والحرية المقيدة ومؤسسات صحفية ضخمة قادرة على المنافسة لمواكبتها التطور التقني والتكنولوجي وتعددت الصحف الأسبوعية وتنوعت منها مستقلة وحزبية وشعبية.
المرحلة الخامسة : 2001-2012 إعلام وثورة معلومات :
بعد الثورة المعلوماتية التي لامست حياة كل واحد منا وإضافة لتأثيرات العولمة الذي يعتبر الإعلام حجر الزاوية لها ظهرت الإذاعات والفضائيات الخاصة بالإضافة إلى كثير من المواقع الإخبارية الإلكترونية فكان لا بد من سياسة إعلامية جديدة يتم العمل بها, بعدما فقدت الدول قبضتها على وسائل الإعلام .
أنشئت وزارة التنمية السياسية وتم إلغاء وزارة الإعلام عام 2003 وصدور قانون مطبعات أيضا في نفس العام وشكل المجلس الأعلى للإعلام الذي عني بالجوانب الأخلاقية أكثر منها قانونية ثم ألغي في 2008 , الحدث الأبرز كان إعلان وثيقة " الإعلام الأردني ... رؤية ملكية " عام 2005 والتي دعت إلى تأسيس نظام إعلامي أردني يمثل نواة للتنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية. كما صدر قانون المطبوعات المؤقت لعام 2007 الذي كان له تأثيرات إيجابية على البيئة الإعلامية وما تلاه من قوانين .
ومع كثرة القوانين والتي تأرجحت في حريتها يمكن القول أن السياسة الإعلامية الأردنية الحديثة ارتكزت على الدستور الأردني والميثاق الوطني ووثيقة الإعلام الأردني رؤية ملكية والتي مثلت قاعدة الأساس لتخطيط وتطوير السياسات الإعلامية الأردنية .