30-06-2015 10:04 AM
بقلم : فيصل تايه
بالرغم من الاستمرار في تفويض الصلاحيات في الكثير من قطاعات الدولة ومؤسساتها تبقى مشكلة المركزية المهيمنة ، هذه المركزية المسيطره التي يعتبرها البعض مصدرا للجاه والسلطة و فخراً واسقواءً على هذا النحو الانجرافي غير الناضج من ناحية عملية.. فالقرارات المركزية حينما تصدر على نحو تخبطي دون تبصر حقيقي ستفضي بالمنطق إلى طامة كارثية مؤجلة.
الوعي بطبيعة المركز المفتقد لثقافة البصيرة بالمهام والمسؤوليات واتخاذ القرارات صيغة مثالية لحالة أزمة تقويض الصلاحيات ، وفي الحقيقة اننا بحاجة إلى من يقود الأجهزة الادارية في مؤسساتنا والتي يجب ان تكون قادرة على اتخاذ قراراتها بكل همة ومسؤولية بعيدا عن المازومين والموتورين ممن ينقلون فشلهم من مكان الى آخر معتمدين على الذاتية والابتعاد عن فعاليه التعاضد و التكاتف مع الآخرين والاعتماد على الشلليات التي تختبئ في جلد نمر .. فما يهم في المقام الأول دعم اتجاه المحاسبة والمساءلة والنقد والكشف والشفافية.. ما يدفعنا لإعطاء العقل فرصة تمكن من تلمس الواقع الذي يحتاج الى فكر قوي وهمة عالية واعتماد المؤسسية وارتقاء فاعل لمرحلة الادارة الرشيده خاصة عند أصحاب السلطة في مؤسسات الدولة الخدمية من صحة وتعليم وو..
من المؤكد أننا سنكون وللأسف في حالة من التخبط في بعض مؤسساتنا مع تراكم فشل بعض المسؤولين وسنرتطم بواقع نخشى ان تكون تبعاته وخيمة .. ونجد ايضا أنفسنا في مشكلة الاستغلال ذاتها وعدم إنفاذ القانون في ظل نشوء طبقة مهيمنة داخل كل مؤسسة تدور رحاها في حلقة مفرغة دون معرفة الإطار العام لفلسفة الفعالية المجديه.
ما زلنا نتشبث بالنموذج العربي المتبلد بالمفهوم الشرقي للمسؤوليات والمراكز القيادية والذي ترسخها الثقافة العامة الموروثة والمتجذرة في نفوس الكثيرين رغم الدعوات المتكررة لأصحاب النفوذ والقرار من أعلى سلطة في الدولة الى ضرورة ترسيخ الديمقراطية في كافة اجهزة الدولة كثقافة ومنهاج عمل وأسلوب حياة .
لكن البعض ما زال ينقاد للولاء والطاعة الشكليه للوطن ويستخدم هذا المفهوم وللاسف من أجل بسط قرارات الهيمنة والنفوذ الضيق بعيدا عن الدمقرطة بمفهومها الحقيقي وخلق نسق وظيفي قيادي فعّال , بل الاستماته إلى أقصي درجة ممكنة لاختزال الفكر العصبوي باعتماد المنصب والمركز القيادي وإبقاء المآلات المركزية في كل الاتجاهات ولكل الاحتمالات دون الأخذ بالتغيرات والحاجات التي تفرضها طبيعة المؤسسة او الوزارة .
في الحقيقة كل ما في الأمر أن الجهاز الوظيفي ومناصب الصف الأول في دولة متحضرة كدولتنا الاردنية ستتقوقع أمام الوعي والحداثة ما دام البعض من المسؤولين ينتهج سياسة القرارات المركزية المهيمنة والابقاء على العقلية البيروقراطية التقليدية ، مع الحاجة للدفع بالاتجاه الحقيقي نحو احداث التغيير الجذري في العقل المسؤول وسياسة الادارة المركزيه والارتقاء لمرحلة الرشادة في القرارات الحكيمة الفعالة.
بالمختصر.. لا بد من الاتجاه الحقيقي نحو إحداث التغيير الجذري في العقل المؤسسي لقطاعات الدولة المختلفة وطريقة إدارتها بالشكل الذي يمكنها من إدارة شؤونها وتحقق أهدافها المرجوة من خلال شخصيات وطنية قيادية مؤهله ذات بعد كارزمي تقنع الجميع بالالتفاف حولها وتستحق المكان والمنصب .. وليست مشروع سيطرة واستحواذ وتسلط ..
والله من وراء القصد