سرايا - سرايا- عائلة تلو اخرى تدخل البيت قبل دقائق معدودة من أذان المغرب، فالموائد جاهزة؛ صحون من الشوربة وكؤوس من الماء البارد، الى جانب قطع من المخلل وحبات التمر، يتوسطها الطبق الرئيسي من الأرز يعلوه قطع من اللحم والدجاج المحمر.
تسع عائلات لبت دعوة رضوان احمد لتناول طعام الافطار في منزله المتواضع، لتجتمع العائلة المكونة من سبعة افراد، والان اصبح عددها ما يقارب الخمسين فردا بين اخ واخت وصهر.
لتجلس النساء في احدى الغرف يتحدثون ويتسامرون، لتعلو ضحاتهم تارة، وتارة اخرى يخيم الصمت، فيما دلة القهوة تدور بينهم، والرجال يجلسون في فناء المنزل بين ضحك ومزاح، وفي زاوية اخرى يجتمع الاطفال يلعبون ويمروحون دون كلل او ملل ليمتلئ البيت بصراخهم وضحكاتهم.
محمد وهو الابن الكبر لرضوان وعمره 7 سنوات كان يتطفل على المطبخ كل دقيقة، طالبا ان يأخذ العصير ليوزعه على المدعوين، والابتسامة تعلو وجهه فرحا بضيوفه الذين بالكاد يجتمعون في الايام العادية.
فهو شهر الخير والبركة وشهر تجتمع فيه العائلات على مائدة الافطار التي غالبا ما يجتمعون حولها، لتعلو الاصوات الى جانب اللقيمات التي تنتقل من المائدة الى الافواه الصائمة.
وبعد الانتهاء من تناول الافطار وشرب العصير الذي يطفئ عطش الصائمين، توجهت النساء الى المطبخ للقيام بغسل الاطباق، ودلة القهوة كانت تدور بين الرجال.
لم ينس رضوان احمد ان يوزع على ضيوفه حلوى الافطار، وهي عبارة عن كنافة الحلوى العربية المشهورة في رمضان، وخصوصا في المآدب الكبيرة.
"اجمل شيء هو اجتماع العائلة على مائدة الافطار، والطعام ليس مهما"، بهذه الجملة عبر رضوان احمد عن عزومته في رمضان، وكان وجهه مشرقاً تعلوه ابتسامة اللقاء.
وتصف صفاء محمد العزومة بقولها: "إنها جميلة جدا لاجتماع العائلة كلها حول مائدة الافطار، ولا تفوت صفاء أي عزومة في شهر رمضان".
وتقول رانيا القيق: "ان اجواء العزومة في رمضان تختلف عن العزائم في الايام العادية، وأجواؤها تكون رائعة وجميلة".
اما سناء محارب فتجد ان العزومة بالرغم من جماليتها ورونقها الرائع في رمضان، الا انها متعبة عندما يحضر المدعوون الى بيتها. وتضيف مازحة: "لو ان هناك من يقوم بمهمة الجلي كل يوم بعزم".
احمد عبدالله هو الاخر يجد في اجتماع العائلة على مائدة الافطار في رمضان حكاية اخرى.
وفي اجتماع آخر على مائدة الافطار، تناقلت الكلمات بين المدعوين، كل يؤكد جمالية الاجتماع على مائدة الافطار في رمضان ليقول كامل محارب ان "البعض يقوم بدعوة الاقارب في رمضان من باب صلة الرحم، وآخرون هدفهم المراءة امام الاخرين". ويعتبر محارب ان العزائم هي سنة حميدة لاجتماع الاقارب، والاطمئنان على احوال بعضهم.
ويضيف ان العزائم تعتبر فرصة لمساعدة الفقراء وكسب الثواب عن طريق توزيع الطعام الزائد عن الحاجة، كما يمكن ان تكون فرصة لمعرفة عادات الاخرين في الطبخ وتجربة ما هو جديد.
ويعتبر عبدالرحمن ان "بعض العزائم تتصف بالتبذير؛ لما ينتج عنها من رمي الطعام الزائد على الحاجة الى مكب النفايات، ويكون بهذه الحالة خسر ماديا ومعنويا".
ومن مساوئ العزائم -من وجهة نظر عبدالرحمن- كمية الصحون الناتجة من مائدة الافطار التي تكون بحاجة للغسيل.
ليرى عبدالله احمد ان "اجمل شيء في العزائم هي فرحة الاطفال التي تملأ ضحكاتهم الاجواء".
كما وجدت روان انها فرصة للتعرف على افراد العائلة الجدد من صهر او نسيب دخل العائلة من فترة بسطية.
لتشعر وفاء احمد مع من يرغب بعمل عزومة ومضطر لها، الا انه لا يملك ما يكفي نتيجة الظروف الاقتصادية التي تعيشها الكثير من العائلات في هذه الايام.
واخيرا سوسن كامل تقول: "العزائم جميلة، ولكنها متعبة من ناحية الطبخ وغسل الاطباق، ومرهقة من الناحية المادية خصوصا مع الغلاء الفاحش".
من ناحية اخرى يرى ياسر القواسمى ان شهر رمضان هو شهر الرحمة والغفران، وان العزومة هي صلة رحم وهي جزء بسيط من فضائل هذا الشهر، لذلك يؤكد ان تكون العزومة ابتغاء لوجه الله بعيدا عن الرياء والمصالح الشخصية.
ويضبط جمال عمارة مصاريف العزائم لمحارمه دون تبذير نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد والعباد، ويضيف: "حلو العزومة عندما تكون النية لنيل رضى الله خالية من الرياء".
ويرفض عمارة ما يحدث عند بعض العائلات عندما يتسابقون بوضع ولائم افخم واكبر. ويرى انه من الافضل ان تقوم ربة المنزل بالطهو في البيت، ويكون صنف واحد حسب عدد الضيوف حتى لا تقضي معظم وقتها في المطبخ، وتضيع على نفسها اجر العبادة في شهر رمضان.