11-07-2015 12:59 PM
بقلم : د. مفلح فيصل الجراح
أعطى الرئيس الرفاعي بمقالته الأخيرة بعدا شاملا وهاما لسلوك الحركات الإرهابية فهو ليس محصورا بالدم والقتل بحيث لا يتوقف مواجهته على الأمن أو الثقافة الرافضة لهذا السلوك ، بل يجب أن يكون هناك بحثا جادا وجريئا وشجاعا لهذه الحالة بكل جوانبها يشمل السياقات المسببة لها والنتائج والمظاهر والروافع التي تقويها ، واخطر ما في تلك الحالة ولادتها لصراعات موازية يتغذى عليها الإرهاب قوامها النفس الطائفي والإقصاء والتخوين والتكفير والتهميش.
وقارن بين السيئ والأسوأ في مفاضلة جبرية بين دكتاتوريات لم تميز حتى في استبدادها بين فريق وآخر ، ومذهب وملة ، مع تنظيمات وصفها بالظلامية تسود وتنتشر ، وقودها بث الكراهية والتفرقة والتفتيت على أسس مذهبية وعرقية ، وأشار إلى حيرة الشباب العربي بين هذين الواقعين المريرين ، مع تفضيله مضطرا إلى مستبد مستنير على تنظيم ظلامي، فرغم استبداده أطلق بالمقابل يد الحرية الفكرية والثقافية والتي أنتجت فنونا وإبداعا وذكر أمثلة على ذلك المسرح والسينما الهادفة وفنون أخرى متنوعة .
وفي إشارته القوية إلى الخطر المحدق بأجيالنا القادمة ووحدتنا الوطنية وقوميتنا العربية ، فقد وضع يده على الجرح في ضرورة توجيه الاهتمام نحو ذلك وركز على دور الجامعات والمدارس ضمن برامج عصرية شاملة لمخاطبة الجيل الواعد بخطاب يواكب فكره وتوجهاته مع احتفاظه بالثوابت الدينية والوطنية . والدعوة التي صدع بها الرفاعي في ضرورة الاهتمام بالشباب والجامعات والمدارس والتعليم ، بحاجة إلى استنهاض الهمم وتجميع القوى العلمية والمهنية والتربوية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية لمواجهة خطر التطرف بكافة إشكاله ، وبناء وعي ثقافي مؤطر بالثوابت الأخلاقية والإنسانية والعربية والإسلامية التي تحترم الجميع ولا تميز بين احد على أساس عرقي أو ديني أو جهوي أو طائفي ، بل تلتقي حول مصالح مشروعه مشتركه تخدم الإنسانية .
والقومية العربية التي تحدث عنها الرئيس الرفاعي هي التي تمثل الإرث العربي بجذوره الأصيلة ، وقوامها الوحدة والكرامة والحرية والإيثار والتعاون والمبدأ والتواصل والتلاقي والنخوة والكرم وكلها قيم أكدها الإسلام وهذبها ، فالاتجاه العربي الوحدوي الذي ساد في الماضي لم يقم على تقارير أو أخبار أو إعلام ، بل كان طريقة حياة ، وفطرة متجذرة لدى الغني والفقير، والعالم والجاهل، والمثقف وغير المثقف، والموظف والفلاح ، رغم وجود دكتاتوريات في المنطقة لم تستطع أبدا محو هذه الطريقة ، وهذه الفطرة من نفوس الناس وعقولهم ، فما الذي حدث الآن وأصبحت الأمور مختلفة ، وانهارت دول وظهرت جماعات لها مريديها ومؤيديها تتبنى أفكار غريبة على مجتمعاتنا وعقولنا، فمتى كانت لغة القتل والدمار هي اللغة السائدة بيننا ، رغم أن الأحوال المعيشية السائدة في تلك الحقبة لم تكن بأي حال أفضل من الآن ردا على من يُحمل الأوضاع الاقتصادية الصعبة السبب الرئيس في كل ذلك .
و تطرق الرفاعي أخيرا بان خير من مثل وعمل بالثوابت الوطنية والعربية والإسلامية هم الهاشميون الأحرار الذين دائما لهم الفضل بالمحافظة على الترابط المتزن بين الموروث التاريخي بأصالته ونهجه وبين التقدم الحضاري الراقي ، فانعكس ذلك على خصوصية الأردن وتمتعه بالأمن والأمان والاستقرار، بوجود مؤسسة عسكرية قوية قوامها الجيش العربي المصطفوي الذي له من اسمه نصيب ، في عقيدته القتالية السامية وانتمائه العربي الأصيل ،.فكان دائما موئلا للأحرار والمفكرين والسياسيين والمبعدين .
حري بنا الآن أن نوحد جهودنا وعملنا في الاحتراز مما حذر منه الرفاعي ، بان نبدأ بحوار هادئ يُستمع فيه إلى كافة الآراء بكامل الحرية لأصحابها للتعبير عن وجهات نظرهم دون إقصاء أو تخوين ، فالكل شركاء بالوطن ، نلتقي على حبه والانتماء له ، وولاؤنا هاشمي الروح والجسد ، والإسلام ديننا وبكل فخر