14-07-2015 11:16 AM
سرايا - سرايا- يعد "المنسف" بلا منافس الطبق الرئيس في المناسبات العامة والولائم بأغلب مدن الضفة الغربية والأردن، لكن "القِدرة" أخذت شيئا فشيئا تحل مكانه في بعض المناسبات وتحديدا بمدينة الخليل.
وبخلاف المنسف الذي يتسم بسهولة التحضير وذلك بطبخ اللحم وإضافة اللبن إليه مع طهي الأرز منفردا فإن القدرة -التي ولدت واتسعت حصرا في مدينة الخليل- أكثر تعقيدا، إذ إنها تعتمد على أفران الحطب، وتحتاج إلى خبرة كافية لإتقانها.
وكانت بداية القدرة في الخليل قبل عشرات السنين حين كان الجيش الأردني يحضر اللحم والأرز في شهر رمضان إلى فرن معد للخبز كان يملكه المرحوم الحاج عطا فنون التميمي، ويطلب منه أن يضعهما معا في الفرن.
وفي الرواية التي ينقلها الحفيد جلال التميمي فإن جده أول من أعد القدرة، ومع تكرار التجربة أخذ يحسن من مذاقها وطريقة طبخ الأرز وإضافة البهارات والعصفر حتى وصلت إلى الشكل الذي هي عليه الآن.
وتمتلك عائلة فنون التميمي أكثر من ثمانية فروع لإعداد القدرة طوال العام، إضافة إلى فروع أخرى للخبز، لكنها تنشط خلال شهر رمضان ويومي الإجازة الأسبوعية بشكل خاص.
وجاء مصطلح القدرة نسبة إلى إناء القدر، وهو غالبا من النحاس وبمقاسات حسب الحاجة.
وفي محاولة لتبسيط خطوات إعداد وجبة القدرة يوضح التميمي الحفيد أنه يتم وضع اللحم أو الدجاج داخل القدر الصغير مع بهارات خاصة.
ويوضع داخل الفرن مغلفا بالقصدير حتى ينضج، بعد ذلك يستخرج اللحم أو الدجاج من الشوربة وتوضع عليه بهارات خاصة تم تشكيلها محليا، ومن ثم يعاد إلى الفرن كي يتم تحميره، ويترك جانبا.
وبالتوازي مع طبخ اللحم يقول جلال التميمي إنه يضع أرزا مخلوطا (مع وبدون نشا) مع كمية الماء اللازمة وبعض البهارات والعصفر لمنحه اللون الأصفر، ثم يعاد إلى الفرن بعد تغليفه بالقصدير ويترك لنصف ساعة حتى ينضج.
وبعد نضوج الأرز يستخرج ويحرك جيدا، ويضاف إليه مكيال محدد من الشوربة منزوعة اللحم، ويوضع اللحم المحمر فوق الأرز داخل القدرة ويصب عليه مكيال محدد من الشوربة، ويعاد مغلفا إلى الفرن حسب الحاجة، ثم تكون المرحلة النهائية باستخراجه ورش السمن البلدي على اللحم وصولا إلى الأرز.
ويلفت جلال التميمي إلى أن صناعة القدرة ممكنة في الأفران الحديثة، لكنه بين أن ما يعطيها اللذة هو إتمامها على الحطب وإضافة السمن البلدي (الزبدة بعد طهيها) إليها.
ويشير إلى أن عمل القدرة يتم بطلب مسبق من الزبائن ويحددون فيها كمية اللحم والأرز المطلوبة، ويحضرون اللحم فقط، فيما يتولى الفرن إعداد باقي المراحل التي تحتاج إلى ثلاث ساعات كحد أدنى.
وأشار إلى أن ضغط العمل يزداد خلال شهر رمضان لتلبية طلبات الزبائن في الولائم ودعوات الرحم، فيما تعد القدرة وجبه رئيسية على الغداء في الأيام العادية.
من جهته، يؤكد رئيس قسم التغذية في جامعة الخليل الدكتور صبري زغير أن وجبة القدرة تتمتع بمذاق لذيذ ومرغوب، لكنها في نفس الوقت لا تخلو من محاذير صحية.
وأضاف أن وجبة عادية من القدرة مكونة من صحن من الأرز وقطعة لحم بزنة 250 غراما تحتوي على سعرات حرارية عالية تزيد على الألف.
وأوضح للجزيرة نت أن وجبة القدرة غنية جدا بالكوليسترول والدهون بسبب استخدام السمنة البلدية (دهن حيواني) فضلا عن الكميات العالية من النشا في الأرز، مما يجعلها عاملا مساهما في زيادة السمنة.
ورغم فوائد هذا النوع من الطعام يشير خبير التغذية إلى أضرار صحية ناتجة أساسا عن حرق الورق فوق وعاء اللحم ليعطيه اللون الأحمر والطعم المميز وهو ما يترتب عليه تراكم الهيدروكربونات.