15-07-2015 12:38 PM
بقلم :
في اواخر سنة 1988 اضطربت الامور في الاردن تحت ضغط مجموعة عوامل داخلية وخارجية فظيعة , تجمعت في ظرف زمني قصير, وانهار الدينار الاردني لاول مرة بتاريخه بصورة صدمت الشعب الاردني , وخضعت الاردن لبرنامج التصحيح الدولي المؤلم , وخارجيا انهار الاتحاد السوفيتي فأختل التوازن الدولي ونشبت حرب الكويت , وقد تورطت الاردن في هذه الحرب او تأثرت بويلاتها بشكل مباشر , ورجع اكثر من مليون شخص الى الاردن حيث كانو داعمين للاقتصاد الاردني . وهذه الاحداث الداخلية والخارجية التي تلاحقت كضربات سريعة وقاسية على الاردن شعبا ودولة , وكانت محملة بقدر كبير من الألام وخيبات الأمل بشكل زعزع الثقافة الوطنية للمجتمع وعمل شرخا كبيرا في مكونات المجتمع المحلي وجعله قابل للاستباحة تماما ,
بعد معاهدة السلام بين الاردن واسرائيل والتي كانت تقوم على فكرة الغاء الصراع التاريخي الطويل الأمد والمعقد , مقابل وعود بمشروعات اقتصادية اقليمية كبرى تحقق الازدهار والنمو
في الاردن , ازدهارا مذهلا بوعود السلام تنسي الاردنيين اسماءهم وتنسيهم كل الصراعات الايدلوجية والسياسية والدينية , ليس عبر الصراع ولكن عبر حل الناس انفسهم وتحويلهم لمجرد كائنات بيولوجية غرائزية تعيش في منطقة واسعة مفتوحة ومنفتحة يتم دمجها في ما يشبه " مول " تتجمع فيه أشتات بشر يأكلون ويشربون ويلتهون ويدورون حول بعضهم ويعيشون , ولكن كل حسب قوته او حسب شهوته لا حسب حقه ولا حسب حاجته ولا حسب اولويته ولا يهم احدا منهم ان يعرف من هو , او من هو صاحب المول او كيف تدور الامور في هذا " المول " بنظام دقيق للتجكم والسيطرة المرئية والغير مرئية حيث تضيع الهويات والخصوصيات ويضيع الصغار , وذلك بفعل قوة الابهار ولعبة الألوان والاغراء والمساحات المتحركة في مكان مفتوح ومتعدد كأنه غير مغلق وهو مغلق .
بدأت ظاهرة العوملة تتبلور وتأخذ حيزا من حياتنا اليومية وحياة الدولة وتداخلت التيارات الفكرية والسياسية معاً , ضمن منظومة الإتصالات والمعلومة , وظهرت عدة وسائل اتصال أهمها الانترنت , وكان من الطبيعي ان يدخل الأردن في هذا المجال , ومن الطبيعي ان تستخدمه المؤسسات البحثية , لتتمكن من الاتصال والتنسيق والتعاون مع مؤسسات دوليه تحمل نفس القيم والمفاهيم مثل منظمات حقوق الانسان والديمقراطية والمساواة وحماية البيئة ومكافحة الفقر والفساد .
وهناك الحراك الثلاثي للبحث العلمي والعولمة والمجتمع اثر الشك والإرتياب لدى العديد من الجهات المنافسة وخاصة الحكومات العربية والتيارات الايديولوجية القومية والاسلامية واليسارية المتعصبة التي تفرض مبادىء وقيم المجتمع المدني , وكذلك استغلال الصهيونية العالمية هذه المشكله وبدون اي حقائق تذكر ومعلومات لتشويه صورة المجتمع المدني , وتوجيه الاتهامات للعرب بالتعامل مع مؤسسات مشبوهة وهي ليست في الواقع سوى مؤسسات مدنية ومستقله في دول أخرى ولا ترتبط بالصهيونية وانما تسيرها حسب مصلحتها.
ان دخول الاردن في السوق العالمي والتحرر الاقتصادي وسياسة التكيف الاقتصادي أدى الى التأثير على معدلات النمو وتطور الاقتصاد من وجهة نظر الحكومة وأدى ذلك الى التأثير على اتجاهات النساء , وقد أدى التوسع في انشاء المناطق الاقتصادية الحرة والصناعات التصديرية الى زيادة تواجد النساء العاملات في الصناعات التحويلية وبالتحديد قطاع النسيج وصناعة الالبسة مستغلين ظروف الاردن الاقتصادية السيئة مستغلين العاملات بدوام طويل ورواتب لا يغني عن جوع وما يجبرك على المر سوى الأمر .
العوملة ذو شقين الشق الأول اقتصادي تتبناه المنظمة العالمية للتجارة والشق الأخر هو المعلومة التي تصل الى الانسان وتتجاوز كل الحدود والاخلاقيات ولا تستطيع اي دوله ان تمنع دخول المعلومة ووصولها الى الشعب سواء كانت مفيدة او ضارة .
وهل العولمة رغم حدتها الاقتصادية والاعلامية, هل تستطيع ان تطغي على هويتنا وثقافتنا الاسلامية ؟ اشك بذلك حيث يجب على الحكومة أخذ التدابير القانونية والإجرائية للوقوف في وجه هذه العولمة الساعية للقضاء على الهوية الوطنية . وبدأنا نلحظ منذ زمن تغير في الحياة العامة والعادات والتقاليد والتكافل المجتمعي الذي بدأ ينهار وهذه مؤشرات تكمن الخطورة بها
والعولمة كما تمثل خطرا وتحديا فانها تمثل فرصة لتطوير الذات العربية من خلال الإنفتاحية والاحتكاك الفاعل ونستطيع من خلاله ان نحقق التميز الحضاري بالعمل المشترك للقيم الانسانيه , وهوية الأمة ممثله برموزها والتي تتعرض لهجوم من جانب منظومة العولمة .
اذن العولمة كما تمثل خطراً على القيم من خلال القيم السلبية مثل الاستهلاكية في الاقتصاد والإنفتاحية والتحول من قيم الجمال الكوني الى الجمال الغرائزي وهذا بحد ذاته دمار لمجتمعنا.
وفي النهاية العولمة تمثل غزوا اقتصادياً ثقافياً حضارياً ولكن يوجد الايجابيات والسلبيات ولا يمكن ايقافه او ردعها لأنها قضية محسومة لصالح الرأسمالية المعلوماتية والليبرالية الجديدة ومدعومة من أقوى دول العالم ومنظمة التجارة العالمية وغير قابله للقيادة او التوجيه وهي أنية وقدر مصيرى لا يمكن ايقافه وهي قرار سياسي , اوصلت العالم الى الحضيض حيث ذابت الطبقة الوسطي وتحولت الدول من رعاية الى جباية الاموال وخصخصة الشركات الحكومية وتحكم الرأسماليه بالموارد البشرية وانحسرت الخدمات الاجتماعية وتدهورت الحياة المعيشية للملايين وازدادت البطالة وكوارث اقتصادية وازداد العنف وكثر الفقر والفساد وازدادت الدول فوق ديونها ديون وانفتاحية بكل المعايير اذن نستنتج بأن العولمة هي
(( هيمنة غير مشروعة وكذبة كبيرة وصدقت ولا تملك بعدا انسانيا ))