02-08-2015 03:04 PM
بقلم : د.وجدان خليل الكركي
منذ مئات السنين كان هناك قرية جميلة يعيش فيها مجموعة من السنافر بسعادة وهناء يحلمون بالسنفرة في قرية جميلة تشبع حاجاتهم وتحقق أحلامهم في عالم جميل خال من الهموم والغموم مليء بالحب والعمل والجد والاجتهاد في بناء قريتهم الصغيرة العزيزة الطيبة .وكان هناك شرشبيل الذي حرمته سعادة السنافر لذة النوم وهناءة العيش ففكر بطريقة يصطاد بها السنافر ليحول أجسادهم الفتية إلى ذهب براق ويحرمهم السعادة والهناء؛ فسعى لجمعهم وحبسهم في دولاب فيه آلة تدور بطاقة السنافر فيدورون في دولابه ويعيدون الكرة عدة مرات ويعملون ويعملون منتجين من طاقتهم السنفرية الفتية الناعمة ذهبا يغتني به شرشبيل ليشبع وليرمم بيته القديم المليء بالجحور والثقوب والكتب البالية التي نفذت صلاحيتها.
شرشبيل كان أصلا سنفورا طيبا محبا لقرية السنافر ،إلا أن شرشبيلا آخر حبسه سابقا عدة سنوات وظلمه وحوله من سنفور رقيق طيب القلب إلى شرشبيل قاسي القلب معتقدا أن طريق السنفرة لا بد أن يمتليء بالعقبات والمشقات والشدة فقرر أن السنفور الشاطر هو فقط الذي يستطيع اجتياز عددا من العقبات فصمم بذكائه الفذ دولابا كبيرا وبدأ بجمع السنافر مقررا أن يقدم السنفور الكثير من طاقته وجهده وأن يعيد الكرة عدة مرات متفننا في خلق طرق الإعادة والتكرار؛ فتارة يصعب المهمام داخل الدولاب وتارة يستعين بمهام جديدة لم يألفها السنافر وتارة أخرى يقرر أن نسبة من سيخرج من الدولاب لعالم السنفرة لا بد أن تكون قلة القلة فقط.أما هرهور المنافق فقد دأب أن يكون البوق الناطق لشرشبيل ليؤيد خططه ويساعده فيها وفي جمع السنافر وحرمانهم من السعادة في قريتهم الجميلة .
لقد دأب حكيم القرية على حماية سنافره وإحباط خطط شرشبيل ليديم سعادة السنافر في قريتهم الجميلة ؛فقد آمن بقوة السنافر الفتية في التقدم والازدهار ،إلا أن شرشبيل بظلمه وطغيانه ونفاقه حرم السنافر من مساعدة حكيم القرية وإيصال صوتهم له موهما الجميع أن ما يفعله هو الصواب.أين أنت يا حكيم القرية يا من آمنت بالسنافر وأنهم جميعهم أساس النهضة وأنهم الأغلى؟ إن السنافر يستغيثون بك من قهر الدولاب فقد أشقاهم وسحب أنفاسهم ولم يرحم جوعهم ولا صيامهم ولا نعومة أعمارهم ولا تعبهم ولا آمالهم .
لقد نفذ من الدولاب سنفور شاطر أما سنفورة الذكية الجميلة وسنفور عبقري فإنهما يشكوان التراب الذي يغلف كتب شرشبيل ،كما أن سنفور غضبان يزمجر بصوته معلنا احتجاجه ، ويبحث بقية السنافر عن مخرج منتظرين من يغيثهم من قبضة شرشبيل وأعوانه.
عذرا يا قرية السنافر لأنني أقف ضد شرشبيل الذي أعماه حب المال والذهب عن رؤية جمال فتوة السنافر وحقهم في السعادة ،عذرا فأنا أم لسنفورة جميلة ذكية لا تؤمن بالكتب التي علاها الغبار، وأم لسنفور غضبان يحتج ويرفض الاستسلام لخطة شرشبيل ،وأم لسنفور عبقري يجيد اللغة الرقمية أكثر من لغة الكتب التقليدية ،وأم لسنفور حالم بل للعديد من السنافر الحالمين بالسعادة وتحقيق الذات والمؤمنين بأن حكيم القرية سيسمع صوتهم وينقذهم لأنه الأب الحكيم الذي أحبوه دوما.
عذرا يا قرية السنافر فأنا أنظر بعين الخوف على قريتكم من ثورة السنافر ، وبعين الخوف على أبنائي السنافر خشية أن يدفعهم الواقع المؤلم ودولاب شرشبيل لقبول الفكر المتطرف أو الانحراف.
*شرشبيل لا يعني شخصا محددا بل هو كل من يقف عائقا أمام تقدم المجتمع.