08-08-2015 01:42 PM
بقلم : ماهر أبو طير
لم اتوقع يوما من الايام، ان اكتب مقالا عن نايف المعاني، زميلنا الذي ترجل البارحة، وهو في الخمسينات من عمره، ولي مع هذا الرجل الف حكاية. ابن معان، نايف المعاني، كان دوما اميرنا في الحج، وكنا نذهب سويا الى الحج، في سنين متتاليات، فنختاره اميرا علينا، وهو امير فعلا، بقيادته وابتسامته وشخصيته التي تأسر قلبك. كان يصر في كل حج، ان تتوقف القافلة في معان المدنية لنتناول الغداء عند شيوخ المدينة ورموزها ممن كانوا ينتظرون الامير وجماعته من الاعلاميين، والصحافيين، وهي معان كما كل جنوب وطننا العزيز، جنوب طاهر مفتوح نحو اقدس الديار. لي مع نايف ذكريات كثيرة، في الدستور وفي السفر، وكانت اول مرة اتعرف فيها الى الرجل، في بغداد، وللرجل محبة عميقة في قلبي، اذ يكفيه عند الله الدور الذي لعبه في اطفاء الفتن في البلد، ذات محن قبل سنوات، حين استطاع جمع الناس على قلب رجل واحد، عبر الاعلام المسموع والمشاهد، وتحذيرهم من الفتن، فقد كان من الرجال الذين ساهموا ايضا بإطفاء النار، التي كانت سوف تشتعل. وجهه كريم، وياسبحان الله!!، كلما ابدأ نهاري في الدستور، برؤية وجهه، يبقى النهار حتى نهايته جميلا رائعا، وكنت امازحه: ان اطلالته خيرة، وانني اتمنى لو ادخل الدستور كل يوم، برفقته، فيرد علي مازحا هات عباءة يوميا وسوف اصل في ذات موعد وصولك، والعباءة هنا، اسم آخر لورقة الخمسين دينارا. الخال العزيز نايف المعاني، كان جوادا خيرا يحسن لكثيرين، في السر، ممن كانوا محتاجين او فقراء او ايتام، وهو صاحب مروءة وفزعة، وطالما حل مشاكل كثيرة لاناس يعرفهم ولايعرفهم. نايف المعاني، بئر طاقة ايجابية، تراه فتتفاءل، تقترب منه، فلايمكن الا ان تبتسم، كان متفردا في مهنته من حيث تغطيته لقطاع الامن العام. في الذكريات الشخصية، ذكريات لاتعد ولاتحصى، لكنني دوما لاانسى رفقته في الحج في عدة مواسم، وزيارتنا لمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو اكثر رجل رأيته في حياتي يمنح للحج مذاقا اضافيا، مذاقا روحيا في غاية الجمال. أليس من المؤسف ان اكتب عن نايف المعاني راحلا، ومترجلا؟!، فهذه مهنة لا تترك الزهور في حديقتنا، وهذا رجل في عز شبابه يتركنا ويرحل، رجل كان له عشق خاص للاردن وفلسطين، رجل يبصم في قلبك، ولايمكن الا ان تحبه عن قرب. جمعتنا الذكريات كثيرا انا وهو والزميل محمد التل رئيس التحرير ونفر من الزملاء، رشيد حسن، وائل الجرايشة، مصطفى الريالات، وغيرهم، من زملاء، كنا نمضي اليوم في قاعة التحرير او في الدستور، او في وسط البلد، او هنا او هناك، ولنا في كل مكان قصة وذكرى. احسب أن اكثر المتأثرين برحيله زميلنا رشيد حسن، فقد كانا ثنائيا في صوت الشعب وفي الدستور، لكنها مهنة تجعلنا نشرب السم مع الحبر، وفارسنا ابن معان، يتركنا في الخمسينات، من قهر المهنة، وقهر الاحداث، وقهر الحياة. ليت فينا القدرة ان نعيد اميرنا في الحج الى الحياة، لكننا نقول لنايف: اسمعنا تكبيراتك يارجل...اسمعنا لبيك اللهم لبيك...اسمعنا نشيدك بصوتك الجميل عن نبي الله صلى الله عليه وسلم، كما كل رحلة، فنحن مازلنا في قافلة الحج يارجل، وانت اميرنا. دموعي عليك لاتتوقف وانا اراك فيما مضى، اما نحن واهلك فقد خسرناك حقا، خسارة كبيرة، تقول لنا: ان كل ابناء مهنة المتاعب هذه، يذهبون شهداء لحبرها وقهرها وسحرها ايضا. لبيك اللهم لبيك.. يا ابا شهم.