08-08-2015 04:06 PM
بقلم : يوسف سليم أبو شعيب
(إلى روح مريم التي أتمنى أن أعانقها وأن أقبل يديها وأخمص قدميها ، إلى روح مريم وقد مضى على غيابها عام كامل الحزن ، وعام حُزن كامل ، إلى روح أمّي (نوّارة) قَطْرَة وعروس بحر غَزّة ، إلى الحلوة كانت تَعجن في الفَجر.)
لا علم لي إن كانت مَريم قد حصلت على براءة اختراع بـ(النّونة أو النتوفة ، أو الزغنونة ، أو حتى لز ) لكنني على يقين تام بأنها حَصلت على براءة اختراع المحبة والمسامحة في قلبي إن لم تكن حصلت على براءة اختراعه.....
فقد كان لمريم طريقتها الخاصة في تدريب قلبي على النبض مثلما كان لها طريقتها الخاصة في كل شيء ، فمريم سيدة الفرح في يمناها سلة قش ملأى بالحلوى وفي يُسراها سلة قش ملأى بالمعمول والكعك...
ولمَريم طريقتها الخاصة بإدارة الوقت والتحايل على الانتظار (غَمض عين وفتح عين ) بهذه الجملة وغيرها كانت مريم تقهر انتظاري لأي أمر وبهذه الجملة بالضبط كانت مريم تُغيرُ ماهية الوقت...
أجل فلقد كانت تغمز لي ومن خلف ظهر التقويم أن كل شيء بخير ...لقد كان قلبها أوسع من معنى المحبة وعقلها مثل الإسطرلاب الفلكي الضخم ، إسطرلاب يُحدد أماكن النجوم على ثوب السماء تماماً مثلما كان يُحدد مواقع الفرح على ثوب الكون.
أما عن أثواب مريم فلها أسطورة في كل (غُرزة) كانت تغرزها ، ومجلد من الأساطير في كل عرق ، عرق الزنبق وعرق الحماة وكنتها وعرق الجنة والنار وعرق الوردة والوردتين وغيرها من أسماء العروق المتشبثة بحب الأرض .
ما زلت أتخيلها عروساً تَمطي جوادها الأبيض وتقطع به الأفق ذهاباً وإيابا ، ما زلت أتخيلها عروساً في ليلة جلوتها تحلم بأبدية اللحظة وترفض أن تكبر...
هي أمّي وطفلتي ، وهي حبيبتي وحكايتي ، وهي رفيقتي وصديقتي ، وهي الأحق بحسن صحابتي ...أمّي ثم أمّي ثم أمّي ...رحمكِ الله يا أم فكلّي قد رحل معك....