11-08-2015 12:31 PM
ما زال التاريخ يحتفظ لنا بالسيرة العطرة ، للخليفة الراشد عمر بن الخطاب، وصحبه الكرام ـ رضي الله عنهم ـ فقد كان عمر حريصا على الأمن الشامل للمجتمع ، بما فيه سلامة أمن الطرق : حسيا ومعنويا وشعوريا . فالبرغم من كثرة انشغاله بأمور الدولة ، وتفكيره بهموم الوطن والمواطنين ، لكنه لم يغب عن ذاكرته سلامة الطريق للحيوانات ، مما دفعه الحس الديني لأن يقول : " لو
عثرت بغلة في العراق ، لسألني الله ـ تعالى ـ عنها لم لم تمهد لها الطريق ياعمر.
وفي رواية : " لو ماتت سخلة على شاطئ الفرات ضياعا ، لخشيت أن يسألني الله عنها " .
وقد رآه يوما علي بن أبي طالب ــ رضي الله عنه ـ يعدو ( أي يمشي بسرعة) فقال له : يا أمير المؤمنين أين تذهب ؟ قال : بعير ند ( أي شرد ) من إبل الصدقة أطلبه . فقلت : لقد أذللت الخلفاء بعدك ، فقال عمر : يا أبا الحسن لا تلمني ، فوالذي بعث محمدا بالنبوة ، لو أن عناقا ( أنثى المعز ما لم يتم سنة ) ، أخذت بشاطئ الفرات ، لأخذ بها عمر يوم القيامة .
فهذا عمر ـ رحمه الله ـ يراعي حقوق الحيوانات ، فكيف يكون شعوره تجاه حقوق الإنسان ؟
إن العدل يعمّر البلاد ، ويكون سببا في قوة المسلمين ، لذا فرضوا بالعدل احترامهم، وهيبتهم على العالم بطيب أخلاقهم ، وحسن سلوكهم ، وصدق القائل : إن الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة ، ويخذل الدولة الظالمة، وإن كانت مسلمة .
لقد كانت مقولة عمر بن الخطاب هذه ، أسبق من مقولة مسئول في بلدية نيويورك حيث قال: " لو نفق عصفور في حديقة " سنترال بارك " لشعرت بالمسئولية "ومن منطلق هذا الشعور بالمسئولية، تحولت القوة والغلبة للغرب ، بعد ما كانت للمسلمين من قبل .
واليوم يا أمير المؤمنين ، لقد تغيرت وسائل النقل في العصر الحديث ، من البغال والجمال ، والحمير ، إلى أنواع كثيرة من السيارات ، ولو اطلعت على الخط الصحراوي في الأردن وليس في العراق ، لوجدت عشرات الأشخاص قد ماتوا ،
ووجدت مئات الحوادث قد حدثت ، بسبب عدم تمهيد الطريق لهم ، فبربك يا عمر !
من المسئول عن ذلك كله يوم القيامة ؟
هذه الرسالة ـ بعون الله ـ ستجد طريقها إلى قائد الوطن ، والأردنيون لمنتظرون.