12-08-2015 02:53 PM
بقلم : سامي شريم
حسب الاتجاه السائد في الربع الأخير من القرن العشرين نلاحظ أن الدول الفقيرة تزداد فقراً والدول الغنية تزداد غناً !!! ونجد أن الأغنياء يتفننون في نقل الأموال من جيوب الفقراء إلى أرصدتهم في البنوك ، والواضح أن هذا التيار سيستمر في غلواته إلى أن تُعاد الحاجة إلى ثورة بورتريه على الطريقة الماركسيه ، ولا شك أن السياسات التي تنتهجها الدول في تسير اقتصادها هي المسئول الأساسي عن استمرار معاناة هذه الدول أو سيرها في ركب الحضارة والتقدم علماً بأن نجاح فرص الاستثمار في الدول الفقيرة حسب قانون تناقص الغله هي أكبر وعائدها أكثر منها في الدول الغنية لقلة المنافسة وتمتع الكثير من الاستثمارات الكبيرة بوضع الاحتكار وفي عالم تتناقص فيه الغله تحصل أقصى استفادة من التكنولوجيا والبنية التحتية والتعليم والصحة ولكن جرت العادة في الدول النامية وبسبب تمحور القوانين والأنظمة حول مصالح رجال السلطة أن يستأثر بهذه المشاريع اصحاب النفوذ وللتغطية على مكتساباتهم لجؤا إلى تحويل عوائد هذه المشاريع إلى بنوك خارجية وبذلك حرمت البلاد من انجازاتها (عدا عدد محدود من دول العالم الثالث مثل تايوان وكوريا الجنوبية والصين وسنغافورة وماليزيا والبرازيل مؤخراً ) وانتقلت هذه الأرصدة لتعزز أرصدة الدول الغنية ولِتُعجلْ في نهضة بنوكها ومشاريعها التنموية التي تحصل على هذه المبالغ كقروض لمواصلة مسيرة التنمية وساهم هؤلاء المتنفذين في ادخال كبريات الشركات إلى بلادهم ليحصلوا على وكالاتها ، ومنحوا هذه الشركات امتيازات كبيرة استطاعت من خلالها تحقيق أرباح طائلة وأرسلتها إلى أوطانها.
وهكذا يتجه الفقراء إلى مزيد من الفقر والأغنياء إلى مزيد من الغنى، وسبق أن ذكرت في مقال سابق وحتى نهاية العام سيكون أغنى 200 شخصية في العالم يملكون أكثر مما يملكه نصف سكان العالم.
لقد استولى المتنفذون وحسب الاحصائيات على أضعاف مديونية دولهم، ففي تقرير البنوك السويسرية لعام 2010 بلغت أرصدة مسئولي العالم الثالث ضعف مديونية هذه الدول بمعنى أنهم لم يكتفوا بالاستيلاء على كافة المبالغ التي ترد لهذه الدول على شكل قروض بل نهبوا أيضاً مثلها من أرصدة وانجازات هذه الدول وهو حرمان لهذه الدول من الاستفادة من انجازاتها وتوزيعها بشكل عوائد على فقرائها بما يزيدهم فقراً وانتقال هذه الأرصدة لتستفيد منها الدول الغنية و تزداد غناً.
بعد آفة الفساد هناك ضعف في الكوادر الإدارية وهو ما يُفسر عدم الاستفادة من عناصر الإنتاج المُتمثلة في الأيدي العاملة والمُعطلة والأراضي غير مستغلة ورؤوس الأموال المُكدسة في البنوك دون استغلال وكذا رؤوس أموال أبناء هذه الدول المغتربين حيث المليارات ولكن ضُعف ثقتهم في إدارة الاقتصاد في بلدانهم دعاهم للاستثمار في دول أخرى أكثر غناءً وأكثر استقراراً خوفاًً من فشل المشاريع في بلادهم وهو ما اعتادوا عليه.
كما أن الإصلاح السياسي المُتمثل في تشكيل سلطات الحكم في هذه الدول علاقة أيضاً بوصول مسئولين يفتقدون للكفاءة والقدرة بما يُعزز تخلف الأجهزة الإدارية وبقاءها على حالها ، كل هذه العوامل تؤدي إلى زيادة فقر الدول والأفراد في دول العالم الثالث.