15-08-2015 10:35 AM
سرايا - سرايا - قالت رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي للأردن كريستينا كوستيال، في إجاباتها عن أسئلة المجلس التنفيذي قبل إقرار المراجعة السابعة والأخيرة، إن الأردن هو أول دولة عربية تستكمل البرنامج بنجاح.
وبررت كوستيال اختيار برنامج الاستعداد الائتماني لصندوق النقد والذي اختتم في هذا العام بعد مرور نحو ثلاث سنوات على تطبيقه لأن الصدمات الخارجية كانت وراء لجوء الأردن للصندوق لإعادة الاستقرار للاقتصاد.
وقالت كوستيال "لقد واظب الأردن على تحقيق اقتصاد مستقر بالموازاة إلى كل سلسلة الصدمات الخارجية التي شهدتها المنطقة العربية. الى جانب تعامله مع اللاجئين السوريين والصدمات الإقليمية ليحافظ على استقرار اقتصاده المحلي".
ووافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي في 31 تموز (يوليو)، على صرف نحو 400 مليون دولار للأردن بعد استيضاح التفصيلات كافة لمساعدات الصندوق في العام 2012 بقيمة ملياري دولار ضمن برنامج الاستعداد الائتماني ليصبح الأردن أول دولة عربية تستكمل برنامج دعم صندوق النقد الدولي بنجاح.
وفي التساؤلات التي طرحها المجلس عن مدى حاجة الأردن إلى هذا البرنامج؟ أجابت رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي كوستيال "إن الأردن تعرض لسلسلة كبيرة من الصدمات الخارجية في الفترة التي تسبق البرنامج ومنها مشكلة الغاز الطبيعي من مصر؛ حيث كان يحصل الأردن عليه بأسعار ضئيلة من أجل توليد الكهرباء، إلا أن ذلك لم يستمر طويلاً بعد أن تعرضت خطوط الغاز إلى التخريب، مما أدى إلى قطع إمدادات الغاز عن الأردن، ودفع ذلك الأردن إلى الاعتماد على مشتقات الوقود باهظة الثمن ليؤدي إلى خسائر كبيرة شهدتها شركة الكهرباء الوطنية بلغت 5 % من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2011". وأضافت "لم تكن مشكلة الغاز الطبيعي وحدها هي السبب، بل كان الربيع العربي الذي بدأ في العام نفسه من أهم العوامل التي أثرت بشكل كبير على الاقتصاد الأردني في زيادة الإنفاق الجاري، فكانت النتيجة زيادة الدعم والأجور ومن ثم ارتفع العجز المالي للحكومة بنسبة 5 % من الناتج المحلي الإجمالي. لذلك كان التوسع في الجمع بين عجز القطاع العام (عجز الحكومة المركزية بالإضافة إلى خسائر شركة الكهرباء) بنحو 10 % من الناتج المحلي الإجمالي في عام واحد فقط. ورغم المنح الكبيرة من الجهات المانحة إلى الأردن لم يتمكن من تمويل هذه الفجوة وبدأ البنك المركزي بفقد الاحتياطات".
وأردفت كوستيال "أن الأردن أصيب بالمزيد من الصدمات أثناء فترة البرنامج وشغلت أزمة اللاجئين السوريين الحيز الأكبر، فقد شهد الأردن تدفقاً كبيراً من اللاجئين ما يقارب مليون لاجئ؛ أي ما يعادل
20 % من سكان الأردن".
وقالت "مع ظهور تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام تفاقم الوضع؛ حيث إن العراق هو أكبر شريك تجاري للأردن يشكل 20 % من صادراتها كان هناك الكثير من العراقيل لهذه الصادرات، فضلاً عن قطاع السياحة في الأردن".
وفي ضوء السؤال عن الأهداف التي حققها البرنامج، أجابت كوستيال "إن البرنامج عموماً قد لاقى نجاحاً وحقق ثلاثة أهداف رئيسية هي: الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي وضمان أكثر عدلاً وسياسات أكثر إنصافا للسكان، وكما زاد من توقعات النمو للأردن. وكان أكبر نجاح في الهدف الأول في الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي لأن البلد وجدت نفسها فجأة مع نسبة عجز عظيمة إلى جانب الدين العام المرتفع أصلا بنسبة وصلت إلى
71 % من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية العام 2011، فعمل البرنامج على تحقيق إنجاز كبير في التخفيض التدريجي للعجز القطاع العام عن طريق الجمع بينهم على مدى السنوات الثلاث الماضية بنسبة 3.5 % من الناتج المحلي الإجمالي، وجاء ذلك من أمرين هما؛ إصلاح قطاع الطاقة والتدابير من قبل الحكومة المركزية".
وألغت السلطات الإعانات العامة على أسعار الوقود وحلت محلها التحويلات النقدية المستهدفة، التي تذهب الى نحو 70 % من السكان عندما كان سعر النفط فوق 100 دولار للبرميل الواحد وكانت تلك خطوة جريئة حتى لو كان برنامج التحويلات النقدية لهذه الحصة الكبيرة من السكان ما تزال واسعة جدا.
وقالت كوستيال "إن الإصلاح يقتصر على ضرائب الدخل باعتباره فرصة ضائعة لتحقيق المزيد من دافعي الضرائب؛ حيث إن من 3 % فقط من السكان يدفعون ضرائب الدخل. وكان الهدف الثالث من البرنامج زيادة إمكانات النمو في الأردن، وتعد هذه المهمة صعبة في حالة عدم الاستقرار التي سادت في المنطقة لأن ذلك يجعل المستثمرين المحتملين يفكرون مرتين. ولكن رغم هذا التعقيد كان هناك بعض التقدم في وضع الاستثمار الجديد وقوانين الشراكة بين القطاعين العام والخاص، لقد رأينا بعض التحسن في إطار الاستثمار العام والتقدم على تحسين فرص الحصول على التمويل".
ويبقى السؤال: هل الأردن بحاجة إلى مساعدة مالية إضافية؟ ذكرت كوستيال "إن الأردن الآن يحرز تقدماً بالنسبة إلى الوضع المالي والدين العام، إلا أن الأمر لم ينته بعد وينبغي على الحكومة أن تحاول استرداد تكاليف شركة الكهرباء مرة أخرى، وهناك مجال لاتخاذ تدابير إضافية للحكومة المركزية. لذلك فإن احتياجات التمويل ما تزال مستمرة بنسب عالية في العامين المقبلين. ولا شك بأن الحكومة تحتاج إلى إجراء مزيد من الإصلاحات لضمان تقليل الديون من النسبة الحالية 90 % إلى النسبة المستهدفة نحو 70 % بحلول العام 2020 والذي نعتبره عتبة آمنة للاقتصاد الناشئ".
وفي نهاية هذا الحوار، أشارت كوستيال إلى أن الأردن مكلف باستضافة اللاجئين السوريين ولهذا يجب مواصلة المساعدات المقدمة من الدول المانحة لدعمه، وهو أمر لا غنى عنه حتى يستمر الوضع الآمن للاقتصاد الأردني والأردن لن يتمكن من تحمل هذا العبء وحده، ولهذا يجب أن يبقى على تواصل تام مع المجتمع الدولي.