حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,16 يناير, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 24720

وداعاً يا أمي!

وداعاً يا أمي!

وداعاً يا أمي!

17-08-2015 09:17 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : حيدر المجالي

سرايا -  أدركت الآن بأنني أصبحت كهلاً بعد موتك يا أمي، فلم أعد ذلك الطفل المدلل أمام عظمتك، وحنانك، منذ أن كنت في المهد وحتى أن أصبحت قاب قوسين أو أدنى من عقدي الخامس؛ أنها حقاً (مُدللتي) ومؤنستي، فكانت - رحمها الله - أصدق صديق، وخير جليس في حياتي كلها.  كيف أصبر على فراقك يا حبيبتي؟! وأنا ما زلت أشعر بوجودك، أسمع ابتهالاتك، أراقب سجودك.لم أتخيل بأنك سترحلين على عجل، وتتركيني وحيداً بين ُذياك البشر، فكل لحظة أتخيل بأنني سأردُ على هاتفك، واسمع صوتك، وأحياناً أشعر بحرارة قبُلاتك، وبيدك الحانية تربت على كتفي، فهيهات هيهات، أن تتحقق الامنيات، وقد نمتِ نومتك الأبدية.لقد قدّر الله وما شاء فعل، اختارك راضية مرضية إلى جواره، فهذه أرادته سبحانه، نعم؛ لقد افتقدنا دعائك الذي كان يخرج خالصاً من قلبك ليعانق عنان السماء؛ لكننا نسأله جلّ في علاه أن يجعلنا بارّين بك، ندعو لك في صلاتنا، ونتصدق عنك، حتى نوفيك النزر اليسير من معين عطائك الكبير.لم تعد الحياة بعدك يا غاليتي تعني لي الكثير، فوجودك كان يمنحني القوة، والعزم، والإرادة، لكن غيابك الأزلي أوجع قلبي، وكسر ظهري؛ فلمن أشكو أوجاعي، وهمومي بعد الله، ومن يدلني على الطريق، لقد أضعت بوصلتي بدونك.خبر موتك هزني بقوة كالزلزال، وحولني فجأة لطفل بكّاء، بيد أني مدرك بأن غزارة دموعي ولوعتي لن تُجدي نفعاً، وصُراخي يا والدتي لن يُعيدك للحياة من جديد. تُرى؛ هل ما وقع حقيقية؟ أصحيح بأنني لن أراك ضاحكة مستبشرة؟ ولن اسمعك إلى الأبد.هذه الأفكار تُخيّم على عقلي وقلبي معاً، وأنا بين مصدقٍ ومكذبٍ للخبر الجلل، لكنني مؤمن بقضاء الله، ولا رادّ لقضائه؛ ما يُعزيني، ويشعرني بالطمأنينة، أنني أستذكر قول الله سبحانه « وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ».مشاهد لن تمحوها ذاكرتي ما حييت، يوم وفاة قرة عيني، حيث كانت مسجاة على نقالة الموتى، ووجهها يشع كالبدر، لم تكن في موت كما بدا لي، بل كانت في نوم عميق، قبّلت جبينها الطاهر، فانهمرت الدموع، لكنني تمالكت نفسي، وألهمني الله بكلماته التامات، فشرعت أقرأ ما تيسر من أوائل سورة البقرة، وسط وجوم وحزن خيم على المكان، فكانت آيات القرآن كالماء الذي يطفئ حرقة الحزن.سأذكرك يا أمي كما يذكر الذاكرون، وسألملم نصائحك ومواعظك، ووصاياك، واحفظها، داعياً ربّ السماء، أن يعينني على الوفاء بها، مثلما تحبين، فكنتِ تحثينني على الصلاة في وقتها، وعلى ذكر الله، وكنتِ تريدين لي الخير أينما ذهبت وأينما حللت، فما يزال الذهن عالقاً بكلماتٍ من لسانك الزكي، «الله يرضى عليك، وييسر أمرك، ويرزقك، ويشفيك».رضاك يا حبيبتي من رضى الرّب، سأبر بك في مماتك كما كنت في حياتكِ، أحمدُ الله أنك لقيتِ وجهه الكريم، راضية مرضية، فقد توضأتِ وأديت الصلاة، ثم نمت قريرة العين، فأحسن الله خاتمتكِ، كما كنت ترجين منه سبحانه، وأحمدهُ أن كنتِ راضيةً عنّي، فلك الرحمة الواسعة من لدُن غفور رحيم. 








طباعة
  • المشاهدات: 24720
برأيك.. هل تسعى "إسرائيل" لتقسيم سوريا إلى كانتونات بحجة ضمان أمنها من تهديدات الفصائل المسلحة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم