06-09-2015 09:43 AM
سرايا - سرايا - مع التحضير للاحتفال بافتتاح الدورة الثانية عشرة لمهرجان مسرح الطفل الأردني، فنيًا وكرنفاليًا، وزيرة الثقافة الدكتورة لانا مامكغ، التي أكدت أهمية المهرجانات المسرحية، وتحدثت عن مسألة الجمهور المسرحي من جهة محدوديته نسبة لما راكمته تلك المهرجانات من دورات ممتدة، وكيفية تقديم الحلول لزيادة الجمهور.
كما تحدثت عن تكرار مشاركات المخرجين أنفسهم، في مرات عديدة، وكذلك بعض الممثلين..
كما طرحت الدكتورة مامكغ رأيها إزاء إيجاد حل لمعضلة الدعم؛ كأن يصار إلى ترتيب الجهود المسرحية؛ كأن تتوحد مهرجانات الوزارة في مهرجان واحد، محلي عربي دولي، يشار إليه بالبنان عالميًا، وآخر يضم الفرق الخاصة في مهرجان واحد، وتاليا الحوار:
يلاحظ أن الجمهور، ومنذ نشوء المهرجانات المسرحية، هو نفسه، وعلى الأغلب، يأتلف من تركيبة تضم مجموعة من الفنانين المتابعين، ومن جهة ثانية من أهل فريق المسرحية، بينما لا نرى تيارا عريضا من المواطنين من خارج تلك التركيبة، قد يجلبه الإعلام، ومنصات الإنترنت الخاصة بالتواصل الاجتماعي، وعلى العموم القاعات المسرحية التي تقدم فيها المهرجانات، لا يتجاوز الحضور فيها 350 مشاهدًا، وهذا الرقم يعد متواضعًا نسبةً إلى عمر هذه المهرجانات التي بدأت منذ بداية التسعينيات القرن الماضي.
الآن، ما الجدوى من هذه المهرجانات في حال بقيت هذه الوتيرة نفسها مستمرة، ماذا لديكم من حلول؟
ما قلته عن الجمهور يعد رصدًا دقيقًا، وهذه المسألة، وهذه النمطية من المهرجانات، تعدّ واحدة من تحديات الوزارة، وبهذا الصدد فقد بدأنا بحلول ناجحة حيال هذه المسألة، في الانتشار بنشاطاتنا تجاه المحافظات.
فبعد اجتماعي مع مدراء المحافظات، واتفاقنا على اللامركزية في إدارة العمل، ثمة برنامج حافل ينتظر تحقيقه، وقد لمسنا تجربة هامة في هذا الخصوص، تمثلت بعرض فيلم «ذيب» في المحافظات، إذ وجد استحسانًا في المحافظات، لدرجة أن أهالي معان، مثلا، يطالبون الآن بإعادة عرضه مرة أخرى.
كذلك ما قلته يعد صحيحا حول مسألة عدم الانتشار، لذلك نعمل على وصول جميع الفعاليات، وبحسب إمكانياتها، إلى المحافظات تباعاً، حتى نساعد على إنشاء جمهور جديد في التعامل الثقافي.
وبالنسبة للعمل في زيادة الجمهور في عمّان؟
على مستوى عمّان، نحن نعتب على وسائل الإعلام؛ تنقل بنمطية معينة، وتنشر خبرًا بسيطًا غير لافت، أو منمط، أو لا تنقل.. فالمهرجانات المسرحية تعدّ حقيقة صخبًا جماليًا رائعًا، لا بل الجميع يتلمس فرادتها في المركز الثقافي الملكي.
إلا أنه عادة يتم نقل هذه المهرجانات بخطاب ثقافي رصين ممل، لذا أتمنى من التلفزيونات أن تبث، ولو دقائق قليلة، لنقل هذه الفعاليات المسرحية.
ولكن هذه الأُمنية طرحت منذ نشوء المهرجانات، بيد أن بثّ تلك الفعاليات، وبخاصة التلفزيون الوطني، ظلّ أمرَا نادرًا، يتناسب مع فرادة كل منها!
نشكّل الآن، مع التلفزيون، رؤية في العمل الثقافي، لتحقيق تواصل نوعي، وسنطرح (ومضات ثقافية) توثق لحالات إبداعية، تتناول رموزاً إبداعية من الأحياء والراحلين، تقدم مادة بصرية سمعية ننتجها في المركز الثقافي الملكي، ومع اقتراحك نضمن هذا المشروع أبرز اللقطات المسرحية.
كما أتمنى من كتّـاب ومؤلفي المسرح أن يراعوا رصد المزاج العام للمواطنين، بحيث لا يبتعدوا عن همومهم، وبهذا الخصوص، أؤكد ضرورة الابتعاد مسرحياً في أحداث العرض عن مسائل الحداثة والرصانة، لأنهما طاردان للمتلقي العادي، فعندما يجيء أفراد العائلة ويخوضون تجربة المواصلات الصعبة، ويجدون أنفسهم أمام عرض مسرحي بمواصفات متواضعة، فإنهم يصابون بخيبة أمل، ولا يكررون تجربة حضورهم مرة أخر.
أما من خلال المسرح اليومي الكوميدي الهادف، الذي نجد فيه المتعة والعمق والتسلية، كما هو في مسرحية زهير النوباني، وغيره من زملائه، التي عرضت في شهر رمضان الأسبق، فإننا نجد أنفسنا أمام عرض يطرح تساؤلات المواطن.
بصراحة.. مواطننا من حقه أن يروّح عن نفسه مسرحيًا شريطة احترام القيم الإنسانية العامة.
من تابع دورات مهرجان مسرح الطفل، وبخاصة في سنواته الأخيرة، يجد أن أغلب المخرجين، وحتى الممثلين، هم أنفسهم يتكررون، على الرغم من أنهم جديرون بالمشاركة، ولكن المأمول، من مثل هذه المهرجانات، هو رفدها بالدماء الجديدة، فهل يعقل أن ليس لدينا مبدعين آخرين، أم أن آلية الاتصال بجمهور الشباب مفقودة، وكيف يمكن التغلب على هذه المعضلة؟
- من مشاريع الوزارة التي نقدمها حيال معالجة هذه المسألة، إنشاء مختبر المسرح الجوال، الذي يشرف عليه حكيم حرب، الذي نعممه في مختلف المحافظات، والذي يجذِّر العمل المسرحي لدى الشباب، من جهة أنه يعلمهم على التذوق المسرحي، وإدخال المواهب الواعدة في الحراك المسرحي. وفي هذا السياق أنا على وشك أن أخرج دورة للمختبر المسرحي في الكرك.
كما وأقول في هذا السياق إني أضع مسؤولية على عمادة شؤون الطلبة في الجامعات؛ فالمطلوب منها عمل تشبيك مع وزارة الثقافة، إذ أن هذه العِمادات اكتفت بعمل خدمات للطلاب، بينما المطلوب أن تقدم أيضا خدمات فنية، وبخاصة الجامعات التي لديها إمكانيات، كما أؤكد أن الوزارة تقف مع الجميع، وفي الوقت نفسه، بمسافة واحدة.
وحول ما قلت عن أهمية رفد الحراك المسرحي بدماء جديدة يمكن إدخالها الحراك الفني، فيمكن أن يتحقق ذلك من خلال جوائز الثقافة للإبداع، فقد خصص للمسرح نصيب منها، بمنح أفضل عمل مسرحي قيمة سبعة آلاف دينار، وهذه فرصة لكل مسرحي أن يدخل هذا المجال، ونحن بانتظار الجميع أن يقدم ويساهم.
كما وأؤكد بهذا الخصوص أن اللجنة التي تقرر الفائز بالجائزة المسرحية أعضاؤها من خارج كادر وزارة الثقافة.
ترويج المسرحية المحلية، وبخاصة خارج البلاد، يصطدم عادة بمسألة الدعم المالي وشجونه، وهو تحدٍ هامٍ بالنسبة لأغلب المسرحيين. كيف تنظرين إلى هذا الواقع؟
الوسط الثقافي يعلم علم اليقين بإمكانيات وزارة الثقافة؛ فحقيقة لدينا في الوزارة تحديات خرافية، ولكن من فضل الله علينا أننا نحسن إدارة المال؛ نحسن ترتيب الأولويات، وأنا شخصيًا أقول إن هذا شغفي أن أقدم المجتمع الأردني في الخارج.
ولكن الاتفاقات مع الدول حيال التعاون الثقافي، تنص على تحمل الدولة المضيفة للنفقات، ونحن حاليًا لا نستطيع، ولكن هناك فنانون شقوا طريقهم بشكل فردي مشرف، وأنا أتفهم عتب المبدع الأردني، ولكن هذا ما لدينا، وهذا ما نستطيع.
ومما لا شك فيه أن وزارة الثقافة مرت بموازنات ذهبية، وكل وزير اجتهد على طريقته، وكلهم يشكرون، في كيفية رؤيته للعمل الثقافي كيف يكون. وفي هذه المرحلة الحكومة تعاني من ضائقة مالية، ولدينا وزارات خدماتية مثقلة بالمطالبات، وهي على تماس مباشر مع الحياة اليومية للمواطن، تنشد الحفاظ على حياة كريمه له.
إلا أننا، كوزارة ثقافة، وعلى أرض الواقع، نقدم ما نستطيع، وكمثال فيلم «ذيب»، فقد استأجرنا أجهزة على حساب الوزارة وحققنا إقامة عروضه، كما احتفلنا بالأديبين: جلال برجس ومفلح العدوان وغيره.
ولكن السؤال هنا: لماذا لم تتبن شركة أو مؤسسة انجازاتنا الثقافية والفنية لماذا لم تتبن هذه الشركة أو تلك نشر رواية، أو دعم ومساندة احد صناع الافلام وغير ذلك من نتاج الحقول الإبداعية الأخرى؟
إزاء معضلة الدعم، هل يمكن أن نفكر بتوحيد الجهود المسرحية؛ كأن تتوحد مهرجانات الوزارة في مهرجان واحد، محلي عربي دولي يشار إليه بالبنان عالميا، يتضمن عروض الطفل والشباب والمحترفين، والفرق الخاصة أيضا، والتي تحتفظ كل منها بخصوصيتها وهويتها، ولكن يمكن أن يقدم دعمًا كبيرًا لهم جميعًا في مهرجان واحد يضمهم؟
توحيد الجمهور ولمُّ شمل الصف الثقافي يريح وزارة الثقافة، وأتمنى أن يصل اقتراحك الجهات الثقافية، وهذه حرية تعبير لا بأس بها. ولكن تعددية المهرجانات تغني وتثري المشهد الثقافي، ورزنامة العمل في الوزارة حافلة بالمهرجانات المتنوعة، التي تطرح ثراءً جماليًا ومعنويًا، وتثري المشهد الثقافي.الرأي