بقلم :
ندركُ ، بدهياً ، أن المواطن الراشد هو الذي يتكيّف مع أي حالة تغيير ، وما تمليه شروط هذه الحالة أيّاً كانت بيئيةً أو سياسيةً أو اقتصادية ، وبمعنىً جامعٍ ومحيطٍ فإن المؤمن ، في شرعنا الحنيف ، كيّسٌ فطن ، والتذكرة / الرسالة هنا هي موجهة ، تخصيصاً وتعميماً ، إلى رب الأسرة المواطن المنسجم موضوعياً أو حتى مثالياً مع الأسئلة الرضية لنفسه المطمئنة ، وبهذا المعنى فهو هنا المواطن الذي يوائم ، بعقلانية مدروسة ، بين حق الذات و ما يندرج تحت هذا العنوان من تعامل مع ضرورات الحياة وتكاليف العيش ، وبين واجب الوطن وما ينسحب على ذلك من تحمل للمسؤولية الإنتمائية كشرط رئيس وهدف عريض .. مقتضى الحال هنا هو أن يعرف هذا المواطن المسؤول الحد الفاصل بين هاتين الشِّرعتين ، ما زبدته أن يدرك ، بيقين ، أين تبدأ حدود حقه كمواطن وأين تنتهي ، وأين يبدأ واجب الوطن والذي يجب أن نعي على الدوام ، انتمائياً و دستورياً ، أنه قد يجب علينا أن نعرف متى يبدأ ، لكن الأهم أنه فرضٌ علينا وأكثر أن نتعلم – إن كنا لا نعلم كي نلزم – أن لا حدود معروفة لنهايته ، على أن المسافة محسوبة – ومحبوبة أيضاً – بين المبدأين لدى غيارى المواطنين في أردن الطيبين ، وغاية تحقيق الذات في ميثاق هذا المواطن المسؤول ، تستوي ، وبالمناسبة ، عقداً انتمائياً وواجباً مفصلياً له ، دستورياً ، صدارة المقام في ثوابت الواجب الوطني .. الرؤى ..
أعلاه ، و التي لم أسعَ عن سابق عمدٍ أن تأتي على هذا النحو الشبه تنظيري ، جاءت و مهما يكن من كيمياء أمرها هذا و فرضت نفسها أيضاً و بقوة ، و أنا بين يدي الإحصائيات لحجم الاستهلاك و تعاظمه الأسطوري في الشارع الأردني ، و في الآن ذاته حضور سياسة التقشف و شد الأحزمة كخيار من جملة خيارات ، أو قُل ملاذاً أو حلاً أو نهجاً معاشياً – حتى لا نقترحه قانوناً فيخيمَ على السطور شبح العُرفية ( ! ) – ما يستوي ، بالمحصلة ، التحدي / الفيصل أو التصدي / الضرورة بازاء أظلاف و حش الاستهلاك المتربص بعيش المواطنين .. هذه الرسالة / الصيحة لأجل تقشف ممكن و رزين نحو عيش متواضع و كريم ، ليست موجهةً إلى غلابى الناس الأقل حظاً بمقاييس مدروسة باتت معروفةً و محسوبة ، بل هي كما قفاز التحدي حتى لا نقول قبضة غاضبة على جبين من ورق !، نلقيه أمام أولئك الاستهلاكيين من أثرياء البلاد المحترمين ، الذي يقنطون عَلٍ باذخٍ رخي و مرتخٍ في أجزاء مغناجة في بلدنا الحبيب ، علهم يحذون حذو قائد الركب و من ورائه خيرة الخيرة من المحسنين و أصحاب الأيادي البيضاء نحو خير البلاد و العباد ، أو أن يستفيقوا ، والرسالة ما زالت موجهةً للأثرياء المستهلكين ، فيلقموا وحشهم الاستهلاكي المدلل حجراً انتمائياً مسؤولاً ، كي لا يحصد أخضر غلابى الناس و يابسهم أيضاً ! أما غلابى المواطنين ، خلوصاً ، فهؤلاء باتوا و منذ تباشير هذا العهد الميمون ، في جوارٍ عزيزٍ ، تخطيطاً فتنفيذاً ، من قلب جلالة سيد البلاد المفدى ، و يسكنون في آن معاً و بذات السمو جزءاً حبيباً من هامته الشامخة بشموخ أردنه العظيم ، إذ يكفينا ، تدليلاً لا تمثيلاً ، رعايته السامية الدؤوبة المتواصلة ، في بناء مساكن لهم توزعت في أصقاع معمورتنا الشماء الأربعة ، باتت هي اليوم حديث الدنيا و شغل الناس القاصي منهم قبل الداني ، إذ هي ، و بحق ، مضرب المثل في جمال البناء و أناقة التفاصيل على أيدي جند المليك من المهندسين و المعماريين والفنيين الأردنيين ، ولا عجب بعد إذ انتقلوا بمكارم أبي الحسين المفدى ، من ديجور العراء و البؤس إلى نور الأحضان الملكية الدفيئة ، ناهيك بطرود الخير الهاشمية في طول البلاد وعرضها على مدار العام ، حتى ذوي الدخل المحدود ، كمثالٍ على مكارم ملكية إن نعدّها لا نحصيها ، قدم لهم جلالته مشروعه العظيم ( سكن كريم لعيش كريم ) .. ]
Abudalhoum_m@yahoo.com