07-09-2015 10:00 AM
بقلم : فيصل تايه
حتى لا تفقد حقك وتفرض نفسك بالعصبية او بالقوة او بالإقصاء ولا بالغلبة او بالاستقواء أياً كان, يجب أن تعترف بالآخر والقبول بمنطقه واحترام الحوار المتمدن التي تفرضه الحياه المعاصرة والالتزام بأوامر الله والإقلاع عن نواهيه والسير في اتجاه واحد يلتزم ثوابت الدين والإنسانية وإخلاص النية في القول والعمل, والانطلاق من الولاء المقدس الذي تنصهر فيه كافة الولاءات , وتسمو فيه قيم التسامح والتصالح، وتستعيد فيه مكارم الأخلاق مكانتها، ويعلي من شأن الذات ، وتصان فيه كرامة الإنسان وآدميته، وتزول التخبطية بكل أشكالها، وتبقى روح الألفة والمحبة التي يتساوى فيه الجميع في الحقوق والواجبات.
إن البحث عن الذات فينا لا يأتي من خلال مناكفة الأخرين وفرض النفس الأمارة بالسوء ، لأنها زائلة وأثرها محدود يزول بزوال أي مؤثرات, كما أن الشخصية السوية المثالية لا تأتي من خلال إلغاء الأخر والقفز عن قيمنا الحقة ، إن كان للعقل مكان لدينا , كما أنها لا تأتي من خلال الاعتماد على أن قناعاتنا الشخصية تفسر تعاليم الدين كوسيلة وليس غاية, ولكم العظة والعبرة من شتى المواقف التي نتعرض لها , وعلينا أن ندرس مآلات الآخرين الكيدية ونتعظ من الذين أساءوا لنا واستغلوا تخبطنا وعصبيتنا الممقوته وجعلونا امعات سائغة ووسيلة لتحقيق غاية الوصول إلى ما أرادوا ، فكان ما كان من أمرهم وخسرانهم المبين.
يجب ان نقدر على فهم حياتنا عندما نعترف ان سمو اخلاقنا يدفعنا الى ان نتعامل مع الأخرين بحنكه وحكمة وحدود من الأدب ، لان ذلك يمنعنا من الاستمرار في السير مع أصحاب «الغاية تبرر الوسيلة» بل نتركهم يواجهون مصيرهم ويخسرون رهاناتهم الفاجرة، وهنا تتجلى قوة الاخلاق والحكمة من أجل عدم الوقوع في الزلل البين والفجور القاتل واحترام العهود والمواثيق الانسانية ، ونبذ الإقصاء والتخلي المطلق عن العصبية المقيته التي تودي باصحابها الى الهلاك ، والعودة إلى جادة الصواب والحق من أجل المحافظة على كياننا الذي بنيناه بحبات العيون .
اقولها .. ما كان هناك أبشع من عصبية المحسوبين على فئات المثقفين بغض النظر اذا كانوا متعلمين ، فقد اختفت من قناعات الناس في واقعنا , وأصبحت الحياة تضعنا في مواقف نكتشف منها وللأسف أن تعصبنا الجاهلي مازال يسري فينا كأنه إله مقدس نرفض أن نتجاوزه ونصر أن نجعله كغشاوة تعمينا عن الرؤية وتحكيم العقول لما فيه صالح الجميع قبل مصلحة الأنا.
ووأسفاه .. اننا ارتضينا أن نصطدم بمتاريس نارية تدك كياننا دكاً, ونكتشف اننا ما زلنا متخلفين ، وما زال أمامنا ملايين السنوات الضوئية كي نكتشف واقعنا الضحل برؤى عقلية تعتمد على نور عقولنا المسلوب في زحمة الحياة وتعقيداتها ، فطالما الأهداف الجليلة في الحياة هي غايتنا لابد أن تمحي من طريقها أشياء ثانوية تعرقل أكثر مما تبني وتهدم أكثر مما تعمر وتمحو منا أخوتنا وللأسف الشديد لأننا ما زلنا نتمسك بالقشور ونترك ما ينفع ويعزز ذلك جملة وتفصيلا .
ستبقى العصبية البغيضة التي تعمي أفئدتنا تقودنا عن الفكر الصحيح ، ونسعى بكل طاقاتنا المتاحة لتحطيم كل علاقاتنا السوية والنيل منها وإفشالها بالكلمات والأفعال ونسج الدسائس والخبث الشديد متجاهلين كوننا أولاً وآخراً نسيج واحد يجمعنا الدم والنسل والعلاقات الإنسانية قبل ان نكون ابناء بيت واحد .
حري بكل المتخبطين في براثن افكارهم السوداوية الذين مازالوا رهناء لثقافة الشحناء أن يوفروا الجهد والخطط والدسائس وحريق أكبادهم فيما ينفع واقعنا البائس, حري بهم قبل إهدار كل الوقت والجهد والأعصاب لنفي الآخر أن يستثمروا كل هذا في تطوير واقعهم وتعديله للأفضل ,فهذا سيكون أجدى بكثير وأنف للواقع الحياتي والعملي وللناس أجمعين.
لنقف جميعاً كبنيان مرصوص لا تجرثمه الأفكار المتعصبة والهدامة.. ولا نسمح لاحد يسوقنا الى الأودية السحيقة ، ويجرنا الى متاهات الخبول ، وكم كنا نأمل أن يكون انتماؤنا لبعضنا هو المحرك الوحيد لنا للعمل الدؤوب جنباً إلى جنب ، تجمعنا قيمنا التي تربينا عليها وليس استماتتنا بتحطيم الأخرين وتسميم الواقع ، لكن ذهبت كل أمانينا جفاء أمام نزوات عصبية الجاهلية الأولى . .فمتى سنسمو عن هذا الداء , لكنها المعضلة الكبرى أن نكون شديدي باس , ما سيهلك ماتبقى لنا من رمق في اجسادنا الذبيحة التي يستفزها الغرباء بقشة عابرة .
لن تقوم لنا قائمة مادام هذا فكرنا وتلك قناعاتنا وبقيت عصبيتنا تمزق فينا ما تبقى من أشلائنا وتعيقنا عن الحفاظ على انفسنا وعن الحياة المسالمة
.. ولكن إلى متى سنظل هكذا رهن هذا المنطق الأهوج يا تُرى؟.
والله المستعان