10-09-2015 10:25 AM
بقلم : أحمد محمود سعيد
رحمك الله وأسكنك مع عصافير الجنّة يا من أبكيت الملايين من البشر على إختلاف الوانهم واديانهم وأعمارهم وأجناسهم والسنتهم وأطيافهم بصورتك وانت منكفئ على بطنك الغضّ تحتضن بحر الموت بقميص قرمزيُّ بلون الدم .
فالصغار تخيّلوك أخا والكبار بكوك إبنا والمسنّون إعتبروك حفيدا والنساء إحتسبوك فلذة اكبادهن ومهجة أفئدتهنْ .
حبيبي إيلان يا بنيْ الصغير لم تكن الأصغر عمرا فيمن يُقتلون ويُغرقون ويُظلمون ولم تكن أوّل الشهداء ولا آخرهم ولم تكن أوّل ضحايا بني جلدتك أيّا كان أصلك عربيا ام كرديا ام فلسطينيا فلن يسألوك في الجنّة عن مكان ولادة أبوك وجدّك ولا لأيِّ حزب وفصيل كانا ينتميان ولا ماذا كان يدور في خلدهما بغابر السنين ولا في أيِّ عام حصلا على الرقم الوطني فقد ضاعت من الجنّة كل الملفات والفايلات ولم يتم تزويدها بكمبيوتر حتّى يوم حسابك .
ولكنّك يا صغيري كنت الأهم لأنك الأول الذي وحّد وأجّج المشاعر والعواطف والقلوب على اختلافها نحو كارثة بلدك وشعبك وكنت آخر جرس إنذار للدول الأروبيّة وزعماؤها ليدركوا مخاطر الكارثة وتداعياتها العابرة للحدود .
نعم يا ضناي انت خسرت روحك ولكنّك أنقذت ارواحا كما انّك خسرت عقلا غضّا وقلبا ناصعا ولكنّك قد تكون صحّيت عقولا وارهفت قلوبا وارشدت ضمائر نحو بلدك ومآساة شعبك .
انت يا إيلان بشهادتك تلك اصبحت حبيب الله وصورتك العطرة على الشط أصبحت حبيب الملايين لأنّك تمثِّل الطفولة المعذّبة التي لم تأخذ حقّها في حياة وهبها الله لك وحرمها منك بني البشر مع أنّه سبقك الكثيرين ,ففي عام 2003 قضى أكثر من 210 أشخاص بعد غرق قارب يحمل مهاجرين غير شرعيين من عدة دول أفريقية, وفي عام 2006 لقي العشرات حتفهم ، إثر غرق ثلاثة زوارق محملة بالمهاجرين الأفارقة قرب مدينة نواذيبو الساحلية , وفي تشرين الثاني عام 2007، غرق 200 شاب من المهاجرين غير الشرعيين على سواحل اليمن.
وفي عام 2008، غرق قارب يحمل مهاجرين من مصر لإيطاليا، وكان على متنه 170 راكباً، توفي منهم 48 شخصا , وكان هو الأكثر مأساة بالنسبة للهجرة غير الشرعية للمصريّين .
أمّا بعد الربيع الدامي ففي عام 2013 غرق نحو 700 مهاجر ليبي قبالة سواحل جزيرة "لامبيدوزا" الإيطالية.
وفي النصف الأول من عام 2014، لقي 3500 شخص، وغالبيتهم من اللاجئين السوريين، حتفهم خلال عمليات عبور البحر المتوسط إلى أوروبا. وفي أيلول 2014، اعتبر نحو 500 شخص في عداد المفقودين بعد غرق سفينة مهاجرين قبالة سواحل ليبيا، بينهم 400 عائلة فلسطينية كاملة كانت تقيم في العريش، وسوريون وسودانيون ومصريون
في 8 شباط 2015، قضى حوالى 300 شخص، بينهم رجال ونساء وأطفال، كانوا يحاولون عبور المتوسط بواسطة قوارب مطاطية في ظروف مناخية صعبة وعواصف قوية، وقد نجا منهم 29 شخصاً من الغرق، لكنهم توفوا لاحقاً بسبب انخفاض شديد في درجة حرارة أجسامهم
في 11 شباط 2015، لقي 300 مهاجر حتفهم بعد محاولة العبور البحري من ليبيا إلى إيطاليا وسط أجواء عاصفة، وفي شهر نيسان قضى أو اعتبر في عداد المفقودين 1770 رجلاً وامرأة وطفلاً لدى محاولتهم عبور المتوسط .
في 28 آب 2015، عثرت الشرطة النمساوية على شاحنة مخصصة للنقل الخارجي محمّلة بـ71 جثة للاجئين، معظمهم سوريون، وقد عرف بـ(اليوم الأسود) .
وهكذا يا صغيري أكل البحر والموت الآلاف فلا تأخذ على خاطرك لأنّ من يهرب من الموت في بلده او أيِّ مكان آخ لا يدري إلى اين سيلحقه لأنّ الموت حقُّ علينا يا صغيري وعندما تأتي ساعة الموت لفرد ما لا يمكنه ان يفلت منها وحتّى حبيب الله وخير بني البشر رسول الله محمدّأ عليه افضل الصلاة والتسليم عندما جائت ساعته فاضت روحه الطاهرة الى باريها .
قال تعالى {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } صدق الله العظيم .
وكن شفيعا لنا أيُّها الطفل البريئ الذي ذهب قربانا للظلم والجهل وحب الكرسي وجشع الحكّام وغطرسة الكبار ومؤامرات التحالفات الدوليّة وخوف الأهالي على ابنائهم من القتل والجوع والقهر .