14-09-2015 04:42 PM
بقلم :
منذ زمن بعيد وعمليات النقل التاريخي ممادونه الفلاسفة من مختلف الحضارات القديمة مازال يتوافد لعقول المفكرين بعصرنا الحالي , وانتقلت معه ايضا سلسلة الظروف الفريدة التي قامت عليها تلك الافكار , ففي الغرب منذ 650 عاما تقريبا وجدت حاضنات فكرية اشبه ما تكون بهيكلية الاحزاب وانتشرت فيما بعد باوروبا الشرقية وشرق اسيا وكان لها الفضل بقناعة شعوبهم بما يسمى بايامنا هذه بالتجمعات الفكرية او الاحزاب باختلاف انواعها .
فقد بنيت تلك التجمعات على القناعة التي خلقتها خبرات السابقين بمختلف نواحي الحياة , وتجذرت هذه الايام بمسمى الاحزاب حيث بنيت على تفاعل عظيم بين مجمل ظروفهم الحالية و تطلعاتهم المستقبلية وخلاصة الحكمة من اقوال السابقين , وانعكس هذا الانجاز الفكري على قناعة الفرد المنتمي للاحزاب بتلك البلدان , حتى ان التأثير الاخلاقي الذي رافق صناعة الفكر لديهم وجه المواطن بتلك البقاع من العالم لحرية الاختيار السليم الذي بني على القناعة المدروسة والدقيقة , وهذا مايميزهم اليوم عن امثالهم من شعوب منطقتنا العربية , فقناعاتهم الفلسفية الحديثة بنيت وتأسست على اجمالي المصالح العامة التي تتطلبها حياتهم التي يعاصرونها وكذلك ما ينتظره بمفاهيمهم اجيالهم القادمة , حيث صنعوا الاحلام ووضعوا ادوات التحقيق من خلال الفكر الذي تناقلوه بكل شفافية وحزم , فكان لذاك التطور الفكري من عصر الظلام الذي عاشته اوروبا وما عملته جاهدة في سبيل تذليل العقبات والصعوبات ما يميزها اليوم بالنسق القوي لافكار العلماء والمفكرين وحتى المواطنين لدى اغلبهم , فاليوم نراهم عندما يقبلوا على صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم من قادة الفكر الحزبي انما تكون نصب اعينهم المصلحة العليا للبلاد !!
وذلك لان المواطن بتلك البقاع من العالم لاتشوه افكاره نتيجة للخوف او المصلحة الخاصة حيث يرى بكل قناعة لدية بأن الاختيار السليم على طاولة العرض وليس مغيبا , ومقارنة مع مجتمعنا العربي وما يعاني من تغييب للفكر السليم احيانا وتشهيرا بافكار مصطنعة احيانا جعلت من المواطن بهذه البلدان نموذجا هزيلا للحواضن الفكرية , وهذا ادى لتزاحم العشوائيات الفكرية واثر على طبيعة التفكير السليم باغلبية الظروف , ويرجع تعليل تلك العشوائيات للفجوة الكبيرة بين صناعة الفكر لدينا وبين سلسلة الفلسفات التاريخية لحضاراتنا العريقة , حيث اننا مزجنا بين الفكر الحديث المنقول مما يسمى بالدول المتطورة بهذا الزمان وبين الاعتقادات التاريخية الراسخة لدينا وغفلنا عن الانتقائية المطلوبة لتوجيه افكارنا الحالية والحديثة , فلم يراعي قادة الفكر العربي الحديث ان هنالك تمايز واختلافات اخذت باصولها وطبيعتها لاتناسب معتقداتنا بل تخلق مايسمى بصراعات الفكر والمباديء , مما ادى وكما نراه اليوم بما يسمى بصراعات الفكر والمباديء , وهذا جعل من المواطن ببلداننا يحمل طموحا مجردا من لباس الفكر والمبدأ عند الاغلبية منهم , فتراه اليوم ينادي بالديموقراطية الغربية بكل تفاصيلها وبنفس ينتهك حقوق ومباديء الغير .. وكذلك تراه يتحدث عن الفساد (افة العصر ) بكل حزم وقوة وفي الجانب الاخر يدافع عن الفاسدين باسلوب فكري لايرتكز على مباديء سامية , وكذلك تراه يسوق لما يحمله من عشوائيات غير متجانسة بافكاره على انها مبدأ موحد ثابت لايقبل التغيير , وهذا ما يعانية المواطن ببلداننا هذه الايام حيث غابت عنه روح التخصصية اذا كان متعلما فيتحدث بمباديء الغير ويضع الحلول كما يراها هو بمباديء اخرى فعندها تضيع هوية الفكر وتضعف لديه المباديء السامية , وكذلك من لم يطور نفسه تعليما تراه قابع لايقتنع بالفكر والمباديء كسبيل للاصلاح وتراه يزاحم الجميع لطرح مباديء لاتحمل هوية مستقبلية , وهذا ليس انتقاصا من مواطننا العربي صاحب الارث التاريخي القوي و لكنه انتقاد صريح لعدم قناعته بالفكر السامي كطريق للنجاة , واخيرا اقولها بكل صراحة يجب علينا كعرب من اعادة حساباتنا على اساس الفكر والمبدء, فالعالم اليوم عالم مباديء وافكار ويسيرون حياتهم من خلال نسقها وقوتها ..........