19-09-2015 09:05 AM
سرايا - سرايا - يواصل مهرجان الفيلم الاوروبي عروض دورته السابعة والعشرين في محافظة الزرقاء، حيث يعرض الساعة السادسة مساء يوم غد الاحد في مركز الملك عبدالله الثاني الثقافي الفيلم التشيكي (الفاشل المحظوظ).
والمهرجان الذي افتتح فعالياته في مركز هيا الثقافي قبل اسبوعين برعاية سمو الاميرة ريم علي، تنظمه بعثة الاتحاد الاوروبي بعمان بالتعاون مع الهيئة الملكية الاردنية للافلام وهو يضم جملة من الافلام الاوربية المنجزة في الاعوام الاخيرة والتي تحمل ثيمة الاطفال واليافعين كمحور لموضوعاته الدرامية.
تقرأ الافلام المشاركة تناقضات في احوال انسانية، تدور في حكايات وقصص عن افراد وجماعات وقائعها في بيئات اجتماعية وسياسية وثقافية متنوعة خلال فترات زمنية بدءا من القرن الفائت ووصولا الى الوقت الراهن.
احداث عصيبة مثقلة بعواصف الحروب والنزاعات العائلية وتفاوت القدرات والطاقات في بلوغ المجد والبطولة او في الوصول الى مرامي الذات بالحب والانعتاق والتحرر والانطلاق في فضاءات رحبة في طموح ينأى عن التهميش والعنف، مثلما تروي حالات اخرى من العزلة الفرديّة في لحظات حاسمة تشهد تحوّلات تاريخيّة جرى الاشتغال عليها بحرفية بصرية متماسكة، كما يجري تصوير الوان من قسوة العيش اليومي وفظاظته، وايضا ما ينطوي عليه من انكسارات الروح وهزائم في علاقات آتية من رغبات البعض الدفينة.
علامات جمالية مضيئة قدمتها افلام مثل الهولندي (ندم) لمخرجه ديف شرام الذي ناقشت احداثه معاناة فتى في علاقاته مع اقرانه واخرين في بيئة تزخر بعوالم النشء الجديد، الى جوار اشتغالات لافتة كما في الفيلم البولندي (صخور لأجل رامبرت)، الالماني (معجزة بيرن)، المجري (قلعة ثورن)، اليوناني (الشجرة والارجوحة)، السويدي (اقوى بألف مرة)، الروماني (اسعد فتاة بالعالم )، الايطالي (الولد الخفي)، الاسباني)، والفرنسي (تبني)، وهناك مشاركة للفيلم الاردني (المتحدين) للمخرج امين مطالقة.
عالجت المشاركات مجتمعة قصصا وحكايات عن فتيان يافعين واطفال بتنوع من الاساليب الجمالية والدرامية، رسمت صورا لامكنة وافراد وجماعات في المجتمعات الاوروبية المعاصرة وما تحفل به من احداث تصوغ فيها مصائر اطفال وفتيان وهي تستكشف عوالم تلك الفئة داخل مجتمع اوروبي الا انها تطل على فئات من المهاجرين والثقافات الانسانية المغايرة في مسعى لفهم افضل بين الثقافات الانسانية.
لا شك ان مضامين افلام المهرجان تلبي ذائقة الكثير من المهتمين وعشاق السينما بأنواع من السرد البصري والجمالي في الاقتراب من قضايا انسانية تهتم بقيم العائلة وتطلعات الذات في خضم من العلاقات المرتبكة والمغامرات وصنوف المعاناة لتمنحهم الإلهام والمرح والمتعة والتشويق والفائدة كما تساهم في توسيع مخيلة ومدارك الطفل المتلقي.
ستتوزع عروض المهرجان هذا العام في محافظات: الكرك، اربد، الكرك، وجرش بمناسبة اختيارها مدينة للثقافة، بالإضافة الى عدد من العروض في الجامعات الاردنية في كل من عجلون والطفيلة ومعان، مثلما تضمن المهرجان مسابقة للأفلام الاردنية القصيرة من النوع التسجيلي التي توثق في موروث وتاريخ وهوية الاردن حيث سيحصل الفائز في هذه المسابقة على فرصة حضور مهرجان الفيلم الدولي في لاتفيا.
يشار الى ان السينما الأوروبية شهدت في الاعوام الاخيرة ملامح انتعاش وازدهار على أكثر من صعيد جمالي وفكري بحيث استطاعت أن تفرض لنفسها مكانة مرموقة في فضاءات الفن السابع الرحبة، فقد ازداد الإنتاج الكمي، وذلك عبر إتاحة الفرصة إلى أولئك المخرجين الشباب الجدد بإنجاز مشاريعهم، بعد سلسلة طويلة من الجهود والمثابرة، التي اقترنت بممظلة من الرعاية والدعم والمساندة، عكفت عليها مؤسسات وشركات وأفراد معنيين، جرى بموجبها مراجعة دقيقة لمفاهيم وطروحات تتعلق بمستقبل السينما الأوروبية، ومحاولات إيجاد أسس راسخة لتفعيل حركة الإنتاج السينمائي، وعلى وجه الخصوص ما قامت به مؤسسات ومحطات وقنوات تلفزيونية ورجال أعمال، بعد أن انتاب الكثير من تلك الجهات الإحساس بان السينما الأوروبية تسير في منزلق خطير وجارف إذا لم تتصدى لهذه الحالة، التي كادت أن تنزلق في ركام تلك النوعية من الأفلام الهابطة في محاكاتها السينما السائدة.
بيد أن الأعوام العشرة الأخيرة، حملت ارتفاعا في عدد المترددين على الأفلام الأوروبية، واستحواذها على نسبة ليست بالقليلة من إيرادات شبابيك التذاكر في صالات السينما الموزعة بارجاء العالم، بعد أن توّج النقاد صناعها بجوائز وتقييمات رفيعة في أكثر من مهرجان وملتقى سينمائي دولي، نظرا لبراعة مخرجيها وأساليبهم الثرية التي تغرف من لغة الصورة مفردات مفعمة بالأحاسيس والمشاعر الانسانية النبيلة.