حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,7 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 30461

نظرة الحاضر وعين المستقبل

نظرة الحاضر وعين المستقبل

نظرة الحاضر وعين المستقبل

19-09-2015 10:26 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : م. أحمد نضال عوّاد
عندما ننظر إلى واقع الشباب فإننا نتطلع إلى واقع أكثر تطوراً وأعظم إنجازاً ، نتطلع إلى ما نسبته70% من سكان الأردن دون سن الثلاثين ، هذه النسبة المرتفعة جدا تقودنا إلى أن الشباب هم المستقبل ، وأن طاقاتهم يجب أن تستثمر بشكل إيجابي برفع كفاءتهم ومعارفهم ومنحهم الفرص التي تجعل منهم مساهمين في تحقيق التنمية ومواصلة البناء.

عندما نتفكر بالأوضاع الملتهبة في الإقليم ، فإننا نرى حجم المسؤولية المناطة بنا ، وحجم التحديات التي تواجهنا من كل حدب وصوب ، ولكن هذا لا يفقدنا الأمل ولا يقلل من مساعينا الرامية إلى العمل .

في داخل كل شاب هناك طاقة عظيمة يرغب في توظيفها بشكل إيجابي ، فالشباب حريصون على مستقبل وطنهم ومستقبل المنطقة من حولنا ، وفي سؤال وجهته للشباب عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن أهم القضايا التي تشغل حيز تفكيرهم واهتماماتهم مؤخرا ، وجدت تباينا في الإجابات إلا أن الأغلبية اتفقوا على جملة من الأمور ، ربما يمكن تصنيفها على أنها تقع في سلم أولوياتهم ، فنجد أن الحفاظ على الأمن والاستقرار ونبذ التطرف بكافة أشكاله يشغل حيزا كبيرا من الاهتمام ، إضافة إلى حاجة هؤلاء الشباب إلى فرص عمل مناسبة لهم تلبي طموحاتهم ، بحيث نتخلص من البطالة المقنعة وغير المقنعة ، لأن الفراغ يهدم ما في العقول !.

الشباب بحاجة إلى من يحتضنهم ويستثمر طاقاتهم الخلاقة ، لا إلى من ينظّر عليهم ، فعقول الشباب وقود للمستقبل ، فلنحسن إشعاله ليضيء لنا النور بدلا من إضاءة الشرور .

ومن جانب آخر فقد أكد البعض على ضرورة الاهتمام بالتعليم ومواءمة الخريجين لاحتياجات سوق العمل للتقليل من فائض الطاقات والكفاءات المهدورة والتي تذهب أدراج الرياح فلا يبقى منها سوى بضعة " كراتين " ، إضافة إلى ضرورة رفع كفاءة الشباب بالتدريب والتشغيل ، وخلق الفرص التي تمكنهم و تجعل منهم قادرين على الريادة والإبداع . وضرورة الاهتمام أيضاُ بالتعليم التقني وخلق فرص تشجيعية له ، من شأنها ترغيب الشباب على خوض مضمار العمل في كافة المجالات التي من شأنها أن تساعد في نهضة الوطن والأمة .

هذا وغيره من الأمور مدعاة لجعلنا نتفكر بالأدوات التي يجب أن نستخدمها ، وبالحلول الممكنة الواجب توفرها بحيث نتمكن من تطوير مجتمعنا ورفع كفاءة جميع الأفراد فيه ، ليكونوا فاعلين ومنتجين ومطورين.

في البداية يجب أن نؤكد على ضرورة تعظيم الإيجابيات ، وحرصنا على معالجة الملاحظات التي نرى أن بها خلل ، دون اتهام الآخرين من دون تبيان ودليل ، ودون مواجهة الأمواج في مسار معاكس للتيار من أجل التباهي بالمواقف والأقوال ! لأن العمل هو الفيصل ، والإنجاز هو المقياس ، ولم يأتي هذا المقال لتقليل الدور الموجود بل لتعظيمه والبناء عليه ، فلا نحاسب غيرنا على ما في القلوب لأن الله هو علّام الغيوب .
علينا أن نستفيد من تجارب الآخرين ، وكيف استطاعوا أن يبنوا بلدانهم لتكون ضمن دول العالم المتقدمة ، وهنا أريد استذكار عدة مواقف سمعتها خلال ندوات ولقاءات متفرقة وسأذكرها من مصدرها كما هي :

في لقاء بمشاركة سمو الأمير الحسن بن طلال المعظم ، فقد تطرق سموه أثناء حديثه عن سائح أمريكي قام بزيارة جامعة أكسفورد ، فسأل عن الإنجيل الذي يزين الأرض بالخضار وكيف استطاعوا أن يزرعوه على هذا النحو الجميل ؟ فكان جواب الدكتور في الجامعة ' نزرعه ونسقيه ونعتني به لـ 500 عام' .

وفي ندوة حوارية نظمتها مؤسسة عبدالحميد شومان مؤخرا في العاصمة عمان مع رئيس وزراء ماليزيا الأسبق الدكتور مهاتير محمد تحدث فيها عن نهضة وتطور ماليزيا ، فمن ماليزيا الفقيرة إلى ماليزيا صاحبة 200 مليار دولار فائض ، جلبوا الاستثمارات لبلدانهم وقاموا بتمكين شبابهم ليكونوا منتجين وفاعلين ، اهتموا بالزراعة والصناعة ، حافظوا على الصدق والأمانة فكان التطور ديدنهم ومآلهم .

وإذا نظرنا إلى ألمانيا على سبيل المثال فسنجد أنها وبعد الحرب العالمية الثانية قد تطورت تطورا ملحوظا ، وذلك بهمة وعزيمة وعمل كل أفراد المجتمع وتكاتفهم ، ورغبتهم الجادة والصادقة في التطور و الارتقاء ، والوصول إلى المستقبل الذي يرضيهم ويرضي الأجيال من بعدهم .

ويحدثني صديقي في كوريا الجنوبية عن الطلبة لديهم وكيف أنهم أيام دوامهم يقضون من 14-16 ساعة في الدراسة ، ويخصصون ساعتين لتناول الطعام والتنقل ، وتبقى 6 ساعات للنوم ! يحترمون النظام ويحافظون عليه ، لذلك نجحوا ونالوا ما استحقوا .

فلننظر إلى الفرق ولنصنع التغيير بأنفسنا ، وبالقدر الذي نستطيع ، لا أقول بأنه ينبغي علينا أن نغير العالم بأسره ولا أنتقد الواقع الذي نعيش فيه ، كل ما نحاوله في هذه الأسطر هو أن نرى ما يتوجب علينا إعادة التفكير فيه والتدبر به أكثر ، ليكون واقعنا أجمل ومستقبلنا أفضل ! ولا يعني أنه ينبغي علينا التقليد لننجح بل إن ما ينبغي علينا هو التحلي بقيمنا الأصيلة ، ومراجعة أنفسنا لتكون في كل وقت قويمة ، وأن نواصل المسير بطريق مستقيم يجعل منا أكثر قدرة على مواجهة الواقع بمختلف تحدياته وعقباته .

ندرك أن للأردن خصوصية كبيرة ، فهو يحمل بين ثرى ترابه ما يزيد عن 4.5 مليون لاجئ من أصل 11 مليون نسمة ، وهذا يزيد مما هو مطلوب منا جميعا للوصول إلى التطور المنشود ، إلا أننا نثق بأننا قادرون بعزيمة الجميع على المضي قدما في مسيرة النهضة والتطور .

وبما أننا نعيش الآن في موسم الحج ، فعندما نسرح البصر نحو حجاج بيت الله الحرام وهم في أداء مناسك هذا الركن العظيم ، نجدهم جميعا بنفس الثياب البيضاء ، دون تمييز بين فلان الغني وفلان الفقير ، فقد جاؤوا جميعاً من شتى بقاع العالم وكل شخص فيهم يرجو رحمة الله وثوابه ، هذا يجعلنا أكثر إدراكا لحجم الدنيا الصغير ، وأكثر يقينا بأن معيار التفاضل بين الناس هو التقوى الذي محله القلب ، فلنترك أحكامنا على الآخرين جانباً ولنلتفت إلى إصلاح ما بداخل أنفسنا أولاً ، ولنقل خيراً أو فإن الصمت أنفع !

هناك بعض الأشخاص يتصيدون الفرص لإيقاع الفتنة ونشر الدسائس التي من شأنها تخريب بناء المجتمع بكافة مكوناته ، فلنفوت هذه الفرص عليهم ، ولنكن أكثر ذكاء وأعمق حكمة بوحدة صفنا ووجوب تضامننا معاً ، من أجل وطننا وأمتنا والإنسانية جمعاء ، فإن غاب العمل يوماُ ... فليبقى الأمل دهراً.








طباعة
  • المشاهدات: 30461
هل أنت مع عودة خدمة العلم بشكل إلزامي؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم