حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,15 يناير, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 45674

البطالة .. أم الرذائل

البطالة .. أم الرذائل

البطالة ..  أم الرذائل

19-09-2015 10:39 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : المهندس عصمت حداد
البطالة مشكلة كبيرة تتصدر قائمة المشاكل الأردنية، هذه الآفة التي تأكل الأخضر بسعر اليابس كما يقول المثل الشعبي، ويصفها البعض بأنها القنبلة الموقوتة التي يمكن أن تنفجر في أية لحظة أو ثانية إذا لم يتم معالجة هذه الآفة التي بدأت تستفحل يوما بعد آخر، فمشكلة البطالة من أهم المشكلات الاقتصادية التي تهدد المجتمعات وتعصف باستقرارها. ومفهوم البطالة يعني وجود فرد في المجتمع قادر على العمل وسلك طرق كثيرة للبحث عن العمل، ولم تمنح له فرصة لقلة العمل أو عدم وجود فرص متاحة. وبوجه عام تعد البطالة آفة اجتماعية ومشكلة واقتصادية لها آثارها السلبية في المجتمعات، وأكثر الناس ضرراً هم الشباب تلك القوة الدافعة في المجتمع، الذي بهم تنهض الأمم والشعوب، صانعو الحضارات، وسواعد المجتمع الفتية، وعليهم يقع العبء الأكبر في صناعة مستقبل الأمم.

ولا يختلف اثنان اليوم أن البطالة هي أحد أشد الأمراض الاجتماعية خطرًا وفتكًا بالأوطان، وهي التي تعصف اليوم بثلث قوة العمل الأردنية. وكان كينز - أحد عظماء الاقتصاد في القرن العشرين - قد قال ذات يوم: "إن البطالة والتضخم إذا تسللا إلى جسد مجتمع فإنهما تسممه برمته". ويبدو أن هذا السم القاتل قد شل جسد المجتمع الأردني وعقله إلى حد كبير، كما نلحظ اليوم من طبيعة وعمق وحدة الأمراض الاجتماعية والاقتصادية المستفحلة في وطننا الحبيب. والجدير بالذكر أن البطالة أصبحت تعد من اخطر المشكلات التي تواجه المجتمع الأردني لكونها تشكل إهدار لعنصر العامل البشرى مع ما يتبع ذلك من آثار اقتصادية و اجتماعية وخيمة، كما تشكل بيئة خصبة لنمو الجريمة و التطرف وأعمال العنف، وسببا رئيسيا في انخفاض مستوى معيشة الغالبية العظمى من المواطنين وفي تزايد أعداد من يقعون تحت خطر الفقر المطلق، فالبطالة مرض مزمن ينخر اليوم جسد المجتمع الأردني، وجيل الشباب هو جيل العمل والإنتاج، لأنه جيل القوة والطاقة والمهارة والخبرة، وإن تعطيل تلك الطاقة الجسدية بسبب الفراغ، لاسيما بين الشباب، يؤدي إلى أن ترتد عليه تلك الطاقة لتهدمه نفسياً مسببة له مشاكل كثيرة.

في أحضان البطالة تولد آلاف الرذائل وتختمر جراثيم التلاشي والفناء فــإذا كان العمل رسالة الأحياء فإن العاطلين موتى، وإذا كانت دنيانا هذه غراساً لحيــاة أكبر تعقبها فإن الفارغين أحرى الناس أن يُحشروا مُفلسين لا حصاد لهم إلا البوار والخسـران. البطالة آفة فتاكة لأي مجتمع تستشري فيه، فهي تقضي على أهم عنصر في المجتمع وهو عنصر الشباب، البطالة هي طريق للفراغ، والفراغ طريق للجريمة والانحراف، والدليل على ذلك أن أكثر رواد السجون هم من العاطلون وقد أثبتت ذلك الكثير من الدراسات الغربية والعربية، والسجون شاهد عيان على ذلك, وكما قال عمر بن الخطاب- كرم الله وجهه- (إذا كان العمل مجهدة فإن الفراغ مفسدة), إذا البطالة آفة يجب حلها في أي مجتمع تكثر فيه, خصوصا المجتمعات الفقيرة فالبطالة فيها تكون أكثر فتكا وأكثر شرا مقارنة بوجودها في المجتمعات الغنية.

نعم.. البطالة هي معول هدم المجتمعات، تدمر طاقات الشباب، وتسبب لهم الإحباط واليأس. إن للبطالة آثاراً سلبية على الشباب بصفة خاصة وعلى المجتمعات بصفة عامة، ولها آثار على زيادة معدل الجرائم، وارتفاع معدل الانتحار، وزيادة الجرائم، مثل السرقة وانتهاك الأعراض، والنصب، والاحتيال، كما أن لها آثارها في الصحة النفسية للشباب لأن نسبة كبيرة من العاطلين عن العمل يفتقدون تقدير الذات، ويسيطر عليهم الملل واليأس، وتعوق البطالة عملية النمو النفسي لدى الشباب، كما تدفع الشباب للانخراط في الإرهاب والتطرف، الذي يجد في أبنائنا العاطلين عن العمل ملاذا له حيث يستغل نقمتهم على حكوماتهم من اجل خدمة أغراضه وأهدافه الإرهابية.

ولأن هناك في الواقع علاقة جدلية بين البطالة والفقر والجريمة يقول روسو:(إن الفقر هو أهم الجرائم الكبيرة، وأن المجرمين قلة في ولاية منظمة تنظيما حسنا). ويقول داكاردا:( إن السرقة هي عادة جريمة الفقر)، وإن كانت الجريمة في نظري هي الفقر نفسه لأن الإنسان الجائع لا يمكن له أن يشارك بفعالية في اقتصاد بلاده . إن الفقر والجوع مسألة حياة أو موت، لا‮ ‬يمكن تأجيلها أو‮ ‬غضّ‮ ‬الطرف عنها‮ في أي مجتمع كان. ‬فإن استشرت في حضرة البطالة،‮ ‬تسلّل الفساد إليه ورافقه التخلف والانحطاط والجريمة، لأنّ‮ ‬الجائع في‮ ‬سعيه إلى توفير احتياجاته،‮ ‬قد‮ ‬يلجأ إلى أي‮ ‬تصرّف سلبي‮ ‬دون اعتبار للعواقب، أو التّفكير بأيّ‮ ‬أمر آخر مهما بدا سامياً‮ ‬وذا قيمة وقدسية‮، ‬فالجوع لا‮ ‬يعترف بقيم أو مبادئ وليس له دين، وهو "كافر" كما يقول المثل الشعبي.

أيها المسؤولون .. يا صناع القرار: ضعوا نصب أعينكم قضية البطالة، أو قولوا آفة البطالة مصدر الخطر الأكبر على السلم الاجتماعي، وعلى سلامة الوطن؛ فالأوضاع لا تحتمل أكثر مما نحن فيه، واعلموا أن النار لا تحرق إلا رجل واطهيها، وأن هناك قوى شريرة تتربص بأرضنا، يعملون على توسيع مشقة هذه الأوضاع، وبث السموم لخدمة مآربهم وأطماعهم السياسية، فلا تسمحوا لهم .. بربكم لا تضيعوا الوقت رحمة بالشباب.. رحمة بالحاضر لان غياب الحاضر معناه غياب المستقبل وهي الكارثة بعينها.

حقا ً، أنها آفة العصر.. فالبطالة مشكله اقتصاديه واجتماعيه وإنسانيه ذات خطر وخطرها للأسف يتفاقم وينعكس على الفرد والمجتمع، لذا يجب علينا أن نسرع في العمل على إيجاد السياسات التي يمكن من خلالها مواجهة هذه المشكلة حتى لا تتفاقم المشكلات المترتبة عليها، وإلا سوف لا تنفع ساعة الندم.








طباعة
  • المشاهدات: 45674
برأيك.. هل تسعى "إسرائيل" لتقسيم سوريا إلى كانتونات بحجة ضمان أمنها من تهديدات الفصائل المسلحة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم