23-09-2015 10:04 AM
بقلم : المهندس عصمت حداد
العنوان غريب بعض الشيء.. أعرف! وقد يعتقد من يرى عنوان هذا المقال أن كاتب هذه السطور لم يسمع يوما الأغنية الأردنية الجميلة "يا أبو الشويره الحمراء ناصبها عالرمانه دق ألماني.. دق ألماني".هذه الأغنية التي نطرب ونرقص عليها فرحاً عند سماعها، ولكن يا سادة.. حكاية "الدق الياباني" تختلف؛ لأن الرقص فيها على أنغام الوجع والحزن والصدمة وخيبة الأمل، رقص يوجع الوطن قبل أن يوجع القلب، فقد قرأت ذات مره خبراً عن قصة حب لشاب ياباني مع حبيبتهِ الجميلة وما آلت إليه من نهاية مأساوية، والقصة هي حقيقة وليست من نسج الخيال، وتحكي..بأن شابا يابانياً.. كان له حبيبةً تتمتع بجمال فاتن، وكان يحبها حد العبادة، وتبادله هي نفس المشاعر، ويخاف عليها إلى درجة المبالغة. هذا الحب الذي كبر يوما بعد يوم.. كانت محطته.. أن قرر الحبيبان عقد قرانهما، وإقامة عرسٍ يليق بهما كحبيبينْ، خاصة وان قصة الغرام التي عاشاها.. جعلت منهما محل إعجابٍ.. ونموذجا لحب قلما يصل إليه الكثير.. وفعلا تم عقد قرانهما في عرس غمرته البهجة والسرور، وأيقنا بأن ما ينتظرانه.. قد تحقق بعد طول انتظار.
وبعد أن عاشا مراسيم الفرح والزفاف.. ذهب العروسان إلى منزلهما ليعيشا أول ليلة جميلة في حياتهما،ورغم أن تلك الليلة بدأت بالسرور إلا أنها انتهت بمأساة، حيث تفاجئا والدا العروسين صباح اليوم الثاني.. أن الشقة التي تجمع ولديهما قد امتلأت بالدماء بعد أن شاهدا ابنهما الشاب وهو ملطخ بالدماء، وزاد ذهولهما عندما رأوا العروسة الجميلة وهي مضطجعةً على السرير، والدماءُ تُغرقها، وأجزاء من جسدها قد هُشِّمَتْ وبُترت، فما كان منهم إلا أن بلغوا الشرطة بذلك.
وبعد إجراء التحقيق من قبل الشرطة تدخل علماء النفس والأطباء المتخصصون.. لتفسير سبب الحادثة، كان من الثابت أن الشاب العريس هو من فعل ذلك بعروسته، أما الدوافع التي كانت وراء ذلك.. فقد اتضحتْ من خلال الدراسة والتحقيق والمسائلة.. بأن الدافع الحقيقي لدى الشاب.. هو في الحقيقة.. الحُبّْ وليس الكراهية.. ذلك أن درجه حب الشابِّ لحبيبته.. وصل إلى حَدٍّ تجاوز فيه اللمسَ والنظرْ.. ليجعل من نفسه وعروسته الجميلة روحا وجسدا واحد.. حسب ما خيل لذلك الشاب المسكين .. لذا قرر أن يقوم بذبح والتهام حبيبته لتصبح جزءاً من تكوينه الجسدي والروحي فيصبحا اثنين في واحد.
وما ذكرني بهذه القصة حقيقة.. هي تلك الأحداث والأفعال التي يتبناها البعض والمواقف التي تتبناها أحزابنا ونخبنا السياسية والاقتصادية والثقافية، إزاء الكثير من القضايا والثوابت الوطنية على الساحة.. مع الفارق في اختلاف المشاعر والدوافع.. فبقدر ما تدعيه هذه القوى المتصارعة من حب الوطن والحرص عليه، والحفاظ على مصالحها.. نجد أن مواقفَ البعض منها وأفعالِها تتجه اتجاها آخراً.. وهو اقرب إلى ذبح الوطن والتباكي عليه.. فمن المؤسِف والمؤلم.. أن يمارس بعض الغربان المندسينَ المأجورين.. سياسة الهمز واللَّمزِ، وإثارة الفتن وزعزعة أمن البلاد، والمساس بوحدتنا الوطنية، والشاهد علي ذلك.. ما حدث في الأيام الماضية بين أطرافٍ كانوا يصطادون في الماء العَكِر.. يرقبون مصلحتهم فقط: وليذهب الشعب إلى الهاوية، أطرافٍ يسعى كل طرف.. بما أوتي من فطنةٍ وانتباهٍ.. إلى تصيد الأخطاء، وتفقد العثراتِ في خطواتِ ومساراتِ الآخرين، وإبرازها من أجل تسقيطها واثبات عدم أهليتها وكفاءتها، فالكل يريد أن يلغي الآخر، وأن يُفصِّل ثوباً على مقاسه، والبعض يريد أن يُشَرِّعَ قانونَ انتخابٍ على مزاجهِ وعلى حجم أحلامه، بعيداً عن مصلحة الوطن وأبناء الوطن، وكل هذا لأنهم يحبوننا!!! ولا يريدون أن يبتعدوا عن مواقعهم بعد أن غرقوا في شهوة الكرسي.. ليبقوا جاثمين على صدورنا.
أيها العابثون بالوطن: وطننا العزيز اليوم في محنةٍ، ويمر في مرحلة عصيبة، وحينما يكون الوطن في محنة.. فإن مصلحة الوطن العليا تكون فوق كل المصاِلحْ، وتذكروا أن المواقف وحدَها.. هي التي تنزع وتُسقِطْ تلك الأقنعة عن وجوهكم.. وتعري نفوسكم، المواقف وحدها.. هي من تكشف زيفكم، وتظهِرَكم على حقيقتكم، كفاكم عبثاً بالوطن، واتقوا الله بهذا الشعب الطيب، دعونا نعيش بسلام.. دعونا نقدم مصلحة الوطن على كل اعتبار، لقد صفقنا لكم كثيراً، وأحببناكم لحد العبادة، ولكننا لا نريد أن يكون هذا الحب على طريقة الفتى الياباني.. فتلتهموننا وتذبحوننا، نحن مع الوطن ومع قائد الوطن.. للدفاع عن أرضنا وعن كرامتنا، وصون وحدتنا الوطنية، واعلموا يا فرسان الدَّجل.. أنكم الذاهبون والساقطون في الوحل ونحن الباقون.
قصارى القول: دُقُّوا كما شئتم، ألماني.. ياباني.. استرالي.. فرنساوي.. أمريكاني، فلم نعد نطيق أن نسمع ألحانكم المسمومَةَ ونغمتكم الباليةِ القديمةِ، نحن لن نسمع بعد اليوم عزفكم المزيف، ولا يطربنا.. إلا لحن الوطن وحب الوطن.. كفاكم لغواً وتهريجاً، فوالله لقد مللناكم وسئمنا الحياة معكم، "ودق عيني دق .. دق روحي دق"!!