23-09-2015 10:21 AM
بقلم : الدكتور فخري النصر
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ }النساء3
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم اما بعد.
اختلف المفسرون في سبب نزول هذه الآية على ستة أقوال:
أولها: ما روي عن عائشة انها قالت: نزلت في اليتيمة التي تكون في حجر وليها فيرغب في مالها وجمالها، ويريد أن ينكحها بدون صداق مثلها، فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لها صداق مهر مثلها، وأمروا أن ينكحوا ما طاب مما سواهن من النساء إلى الأربع " فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة " من سواهن " أوما ملكت ايمانكم " ومثل هذا ذكر في تفسير أصحابنا. وقالوا: انها متصلة بقوله: (ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون ان تنكحوهن) (فان خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء) .
والثاني: قال ابن عباس وعكرمة: ان الرجل منهم كان يتزوج الأربع والخمس والست والعشر ويقول ما يمنعني أن أتزوج كما تزوج فلان فإذا فنى ماله مال على مال اليتيم فانفقه، فنهاهم الله تعالى عن أن يتجاوزوا بالأربع إن خافوا على مال اليتيم وإن خافوا من الأربع أيضا أن يقتصروا على واحدة.
والثالث: قال سعيد بن جبير والسدي وقتادة والربيع والضحاك. وفي احدى الروايات عن ابن عباس قالوا: كانوا يشددون في أمر اليتامى ولا يشددون في النساء، ينكح أحدهم النسوة فلا يعدل بينهن، فقال الله تعالى كما تخافون ألا تعدلوا في اليتامى فخافوا في النساء، فانكحوا واحدة إلى الأربع، فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة.
والرابع: قال مجاهد: ان خفتم ألا تقسطوا في اليتامى معناه: ان تحرجتم من ولاية اليتامى وأكل أموالهم إيمانا وتصديقا فكذلك تحرجوا من الزنا، وانكحوا النكاح المباح من واحدة إلى أربع، فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة.
والخامس: قال الحسن: ان خفتم ألا تقسطوا في اليتيمة المرباة في حجركم فانكحوا ما طاب لكم من النساء مما أحل لكم من يتامى قراباتكم مثنى وثلاث ورباع، فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة، أو ما ملكت ايمانكم. وبه قال الجبائي وقال: الخطاب متوجه إلى أولياء اليتيمة إذا أراد أن يتزوجها إذا كان هو وليها كان له أن يزوجها قبل البلوغ وله أن يتزوجها.
والسادس: قال الفراء: المعنى ان كنتم تتحرجون من مؤاكلة اليتامى فاحرجوا من جمعكم بين اليتامى، ثم لا تعدلون بينهن. وقوله: (فانكحوا ما طاب لكم) جواب لقوله: (وان خفتم ألا تقسطوا) على قول من قال ما رويناه أولا عن عائشة وأبي جعفر (ع). ومن قال: تقديره: ان خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فكذلك خافوا في النساء الجواب قوله: " فانكحوا ما طاب لكم من النساء " والتقدير: فان خفتم ألا تقسطوا في أموال اليتامى فتعدلوا فيها فكذلك فخافوا ألا تقسطوا في حقوق النساء، فلا تتزوجوا منهن إلا من تأمنون معه الجور، مثنى وثلاث ورباع، وان خفتم أيضا من ذلك فواحدة، فان خفتم من الواحدة فما ملكت ايمانكم، فترك ذكر قوله فكذلك فخافوا ألا تقسطوا في حقوق النساء لدلالة الكلام عليه وهو قوله: (فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت ايمانكم) ومعنى " ألا تقسطوا " أي لا تعدلوا ولا تنصفوا، فالأقساط هو العدل والانصاف والقسط هو الجور.
هذا هو التفسير الشرعي للآية الكريمة السابقة , ونريد ان ندخل الى المفهوم العام الشائع لدى الكثير من الناس حول هذه الآية , وكيف تربط بتعدد الزوجات في الوقت الحاضر, وما مفهوم للتعدد .
الرجال في سن الاربعين – حسب ما تقول الكاتبة الكويتية الدكتورة عائشة الشهري- بعد ان انجبوا الأولاد وشبعوا من زوجاتهم بعد ظهور علامات الترهط والذبول على اجسامهن, اصبحوا يفكرون بالتعدد ويرسلون نظرات جنسية جذابة ويقصون القصة والنكت الجنسية على بعضهم البعض.
والرجال يحفظون هذه الآية عن ظهر قلب , ولكن لا يتطرقوا الى تفسيرها , اوالى اليتامى والعدل والمساواة بين النساء الوارد في الآية.
طبيعة الرجال يرغبون في تعدد النساء ويحبون الشهوات ويرغبون في ممارسة الجنس الى سن الشيخوخة وحتى في ارذل العمر يرغب الرجل بالجنس قال تعالى :{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ }آل عمران14
في الجاهلية كان هناك نسعة انواع من الزواج زواج الاستيضاع ,وزواج السفاح, زواج البغاء ,زواج المتعة , زواج الشعار ,زواج المقت ,زواج الارث, زواج المخادنة, زواج المبادلة ,والرجل يتزوج العشرات من النساء , ويجمع بينهما ويستمتع بهن وتكثر الامراض الجنسية , ويختلط النسل وتضيع الحقوق الابوية وحقوق الارث وحقوق النساء , وتكثر المشاكل الاجتماعية والعائلية ويصبح مجتمع منحل لا اخلاق ولا دين وصهارة .
جاء الاسلام وهذب الانسان واخرجنا من الظلمات الى النور وحدد الزواج بأربعة فقط , واعط حقوق وواجبات لكل من الزوج للزوجة واكرمها ورفع من شأنها وانشاء اسرة اسلامية محافظة وعائلة محددة وبالتالي مجتمع مهذب واعي معروف النسل والصهارة .
اليوم وفي القرن الحادي والعشرين يعيش الانسان حياة الجاهلية الثانية, يعيش في عصر العولمة والانفتاح العالمي ,والقرية العالمية الصغيرة المفتوحة من جميع الجوانب , والثورة الجنسية والاباحية والتعري والشغب الجنسي والمقويات الجنسية(الفياجرا) والتهجين وزراعة اطفال الانابيب , والجنس الالكتروني عبر وسائل الاتصال الحديثة المتاحة لكل فرد في جهاز الآيفون الموجود في ايدي الاطفال قبل الكبار, وهذا ما يسمى الجاهلية الحديثة .
ونتيجة هذه المغريات سمح الاسلام بالتعدد ووضع له شروط حسب الآية الكريمة السابقة, وفي العصر الحديث وضع التعدد تحت مسميات مختلفة منها , زواج المسيار , زواج المتعة , زواج العرفي ,زواج بنية الطلاق ,زواج الشغار , زواج موقت , زواج المحلل .
وتقول الكاتبة الشهري ان الرجال في سن الاربعين يحبون الجنس اكثر من سن الزواج ويجيدونه بطرق مختلفة , لكن الخوف من زوجة الاولى والأولاد والمجتمع والعادات والتقاليد لا يقدمون عليه , وتكثر العوانس والمطلقات , وتنتشر الفواحش والزنا المخفي, والزنا عبر الانترنت وشبكات الاتصال والسكايب والفايبر والاين وغيرها ...
وتقول الكاتبة ان عدم التعدد تودي الى ضعف قدرة الرجل الجنسية ويصبح الرجل داجنا في بيته مسيطر عليه من قبل الزوجة ام العيال مطيع للأوامر ومروضا لها مغلوب على امره, لا يقوم بدورة الشرعي لا جسمها اصبحا متأخى مع جسمه, لا يقوم له قائم .
واذا نظرنا الى مخرجات التعدد من الناجية التربوية والاجتماعية والاقتصادية والاسرية, وما نشاهده في المدارس من ضياع وتشرد للأطفال وهروبهم من المدرسة وضعف تحصيلهم الدراسي من جراء التعدد, وخروجهم للشوارع ويصبحون من اصحاب السوابق ويرتكبون الجرائم وبالتالي ضياعهم وهذه هو الاغلب .
وكذلك الحقد الذي ينشأ بين اولاد الضرة عندما لا يكون هناك عدل بين الاخوان او عدل بين النساء وتقسيم الورثة وسواء الوضع الاقتصادي والتشرد والعمل في سن الاطفال من اجل العيش.
كذلك الحالة النفسية السيئة للأولاد التي تعيشون بها نتيجة الاختلاف الحاصل بين افراد الاسرة والحقد والكراهية ا للأسرة والمجتمع .
ولكن نقول ان التعدد واجب عند المرض الشديد للزوجة وعدم قدرتها على القيام بالواجب الشرعي ,وكذلك في حالة عدم الانجاب , ورغبة الزواج في الحصول على ولد ذكر ,وفي حالة الصراع الشديد بين الزوجين وعدم القدرة على العيش مع بعض, وفي حالة قدرة الرجل الجنسية الهائلة واحيانا كثرة سفر الزوجة والتنقل من بيت الى بيت .
والمرأة الذكية المنفتحة العالمية التي تعيش في هذا العصر تستطيع ان تقنع وتشبع زوجها عاطفيا وجنسيا , وتجعل بيته جنه على الارض , وتكون في نظرة حورية من حوريات العين- لا غولة من غولات الارض- تحبه وتحببه في البيت والاولاد , وتتجمل له في الجمال الجسدي والجمال العقلي والروحي ,تعطيه حريته وكرامته ورجولته, ولا تجعل بيته جهنم على الارض .
وعند استطلاع الرجال نلاحظ ان 99% يرغبون في التعدد , ولكن الفرصة غير مناسبة الخوف من الزوجة والاولاد والعائلة , الخوف من ما بعد التعدد من المشاكل العائلية, الخوف من المجتمع والوضع الوظيفي له ,علما بان التعدد لا يتطلب كلفة اقتصادية هائلة , الزوجة الثانية لا تريد مال ولا ذهب وانما تريد رجل بمعنى الرجولة يكفيها عاطفيا وبدنيا ويعدل مع زوجته الاولى , ويستطيع اي رجل ان يتزوج زوجة ثانية ذات مال او منصب او وظيفة او جاه وعن أبي هريرة رضي الله عنه: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك".
والرجال لا يستطيعوا ان يعدلوا بين النساء قال تعالى :{وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً }النساء129.
وطبيعة المرأة لا تحب التعدد وتتمنى له الوفاه ولا التعدد , سئلت امرأة, ايهما افضل ان يتزوج عليك زواجك او يموت , فقالت كلنا سوف نموت.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته