29-09-2015 10:33 AM
سرايا - سرايا - في «الرجال ماجنون والنساء كاذبات» للكاتبة مريم ريّان تتراكض النصوص كما لو أنها جميعها فسحة بوح طالعة من خواطر الانتظار، ودقائق الوقوف خلف النافذة، ولحظات التذكر الدامية المثقلة بآهات أهلٍ وأناسٍ ورجالٍ وصغارٍ وكبارٍ وشوارعٍ وأزقّةٍ وحاراتٍ وبيوتٍ وباعةٍ وعمّاتٍ وجدّاتٍ وكل ما يمكن ومن يمكن أن يطلع أثناء جلسات الاستحضار التي تتقن ريان تفاصيلها وطقوسها ومختلف أسرارها.
ريّان في كتابها الأول الصادر في 89 صفحة من القطع المتوسط عن دار فضاءات للنشر والتوزيع، تتلو حروف الاسم كأنه ترياق النجاة الأخير، تجدل في أرض كنعان ملامح وطنٍ من ألمٍ وتَوْقٍ للكرامة والحرية، وطنٌ لا حروب طائفية فيه، ولا تلصص على لحظة عاشقيْن.
ثنائيةُ الحُبِّ والحرب، جدلية المدينة والضياع، الحقيبة التائهة بين مطارات العالم، النصر والهزيمة، التذكر والنسيان، الوله والصبابة والضياع فوق أجساد النساء، هذا وغيره، ولحظة عودة الشتاء أو قرع الخريف لأبواب الشجن.. أو مَدُّ الربيع يده تلويحة وداع، هذا وغيره، والوالد القابع في حجرات القلب جميعها، حدبه، تجهمه، دخوله وخروجه، الأب بمختلف تفاصيله حاضر دائماً.. كما هي حاضرة أبهى لحظات الجنون، وأحلى رقصات الفلامنجو المهاجرة.
دائماً المرأة: «نواة البدء، وقافلة القادم، ما تزال تعاني من الاضطهاد المجتمعي ومن تبعات الحروب وسيادة الذكورة. وأعلم أنها تحتاج أكثر من أوراقي وكلماتي».
هكذا ترى ريان المقيمة في الإمارات العربية المتحدة، وهكذا تكتب تحت عنوان «أنا في سطور» في مستهل كتابها الأول الذي تهديه إلى أمها: «أمي يا حياتي، أليس هذا ما انتظرناه؟ هي كلماتي أهديها إليك لأمنحها الحياة.. مع حبي».