19-10-2015 05:41 PM
بقلم : الدكتور فخري النصر
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: ارضَ بما قسم الله لك تكن أغنى الناس , وكان يدعو ربه فيقول: اللهم قنعني بما رزقتني، وبارك لي فيه واخلف على كل غائبه لي بخير.
القناعة مصدر قنِع، بالكسر، يقنَع قُنوعًا وقناعةً إذا رضي، وقَنَعَ، بالفتح، يقنَع قُنوعًا إذا سأل، والقُنوع: الرضا باليسير من العطاء. وقال بعض أهل العلم: إن القُنوع قد يكون بمعنى الرضا، والقانع بمعنى الراضي،. وسمِّيت قناعةً؛ لأنه يقبل على الشيء الذي له راضيًا .
واصطلاحًا هي الرضا بما أعطى الله, وقال السيوطي: القناعة الرضا بما دون الكفاية، وترك التشوُّف إلى المفقود، والاستغناء بالموجود.
والقناعة في العامية : هي الرضا بما قسم الله لك من خيرا تجده امامك , ورزق واسع ترضى به , ودنيا جميلة تزهو لك كآنها عروس جميلة ترقص في ليلة الدخلة .
القناعة هي ان يرضى العبد بما قسمه الله له, واعطاه من النعم والخير والبركة من صحة وعافيه ومال ومسكن وزوجة صالحة وولد يدعو له, ويرضي بالوضع المادي والوضع الوظيفي الذي يعيش فيه , ارض براتيك فغيرك الكثير لا يجد مصدر دخل له ولأسرته, اصحو مبكرا واعمل بإخلاص, فغيرك يتمنى العمل والحركة ,فقد يكون مقعدا او عاطلا عن العمل ، وأن يلهج لسانه دائمًا بالذكر والشكر فيقول: الحمد لله الذي فضَّلني على كثير من عباده المؤمنين، ﴿ فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ... ﴾ [الفجر: 15 - 17].
القناعة هي الرضا بالوضع العائلي والاسري والعاطفي الذي تعيش فيه ,فأمرتك جميلة من اجمل من نساء العالم لو اقتنعت بها , واولادك هم ملائكة يمشون على الارض ,وعباقرة ونبلاء لو قدرت قيمتهم , فغيرك الكثير لا يجد زوجة , ويتمنى ان يكون له ولد.
القناعة هي الرضا بالوضع الجنسي الذي تعيشه مع زوجتك فكثير من الازواج محرومين من هذه النعمة التي وهبها الله لهما ليحدث الاستقرار العائلي والسكن بينهما فهي نعمة الهية لاستمرار النسل.
القناعة هي الرضا بالوضع الجنسي الذي تعيشه مع زوجتك فكثير من الازواج محرومين من هذه النعمة التي وهبها الله لهما , ليحدث الاستقرار العائلي والسكن بينهما فهي نعمة الهية لاستمرار النسل.
القناعة هي الرضا بالوضع الجمالي ,والصحي والجسمي والنفسي ,فغيرك يشكو من مرض عضال, وغيرك مقعد لا يستطيع الحركة, وغيرك وجه محروق ,وغيرك له انفصام في الشخصية ,وغيرك عنده توحد, وغيرك مصاب بالصرع , فاحمد الله واشكره قال تعالى : {...إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً }الإسراء3.
القناعة هي الرضا بالوضع النفسي والعلمي والثقافي والاجتماعي ,فغيرك يشكو من امراض نفسية ,ويتمنى ان يقرأ حرفا من كتاب الله , او يروي قصة عن الصحابة الكرام عليهم رضوان الله, او يكون له مكانه في المجتمع الذي يعيش فيه.
القناعة هي الرضى بالوضع الامني الذي تعيش فيه ,فتعتز ببلدك واهلك وقيادتك , فغيرك يتمنى لك القتل والتشرد والانفلات الامني ,و يرى ابناء شعبه يقتل ويذبح ويتشرد من بلد الى اخر , ويعيش حياة الذل والهوان ,قال تعالى :( ....ُ رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِناً ... }إبراهيم35
والقانع بما رزقه الله تعالى يكون هادئ النفس، قرير العين، مرتاح البال، فهو لا يتطلع إلى ما عند الآخرين، ولا يشتهي ما ليس تحت يديه، فيكون محبوبًا عند الله وعند الناس قال صلى الله عليه وسلم: ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس.
والقانع يصل الى درجة الشكر إذا قنع بما رزق، وقد دل على هذا المعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة رضي الله عنه: يا أبا هريرة ! كن ورعًا تكن أعبد الناس، وكن قنعًا تكن أشكر الناس، وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمنًا.,اللهم ارزقنا القناعة والرضا بما قسمت لنا.
إن القناعة والرضا يمنح الانسان الصادق آثارًا حميدة، ومزايا جليلة، يستغني بها عن حطام الدنيا بأَسْرها، ويتعوض بالإيمان عن زُخرفِها وزينتها؛ ومن تلك الآثار: سكينة النفس، وراحة البال، وطمأنينة القلب، وسلامة من الأمراض؛ كالقلق، والوسواس، والكآبة، والتسخط؛ يقول الله في محكم التنزيل: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾ [النحل: 97].
والانسان يشكر الله في السراء، ويصبر في الضراء، ويحمَد على القليل والكثير؛ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن اللهَ لَيرضى عن العبد أن يأكُلَ الأَكْلة فيحمَدَه عليها، أو يشرَبَ الشَّربةَ فيحمَدَه عليها).